تجارة الإرهاب! واللاحوار بين الشعوب! ومشاريع الحروب!
    الثلاثاء 1 ديسمبر / كانون الأول 2015 - 21:13
    د. الطيب بيتي العلوي
    مغربي مقيم بفرنسا / مستشار ثقافي سابق بمنظمة اليونسكو/ باحث انثروبيولوجي
    "يا إلهي..،ياله من نسيج معقد ومتشابك...نحيكه بأيدينا...عندما نبدأ بممارسة الكذب"السير والتر سكوت Walter Scot 1771-1832 في قصيدته الشهيرة" مارميون" Marmion
    إستهلال  لا بد منه:يهدف هذا المبحث إلى تسليط الضوء على  الملابسات الفكرية التي أفرزها الفكر الغربي قبيل الحربين العالميتين وما بعدهما ، لنستشف من خلال ما كُتب في الماضي وما حدث ، ما يحدث  اليوم  وما سيحدث غدا / مادامت الأحداث الكبرى في التاريخ لا تسقط من السماء، ومادام الغرب لا يتحرك من فراغ
    تساؤل الحيارى والعاقلين والغاضبين:
    ماذا سيحدث عندما تختلط الحيرة الذهنية والتخبط العقلى والخلط الفكري بسبب وأد"الحقيقة"المصاحبة للنزق السياسي...،الترويج لصراعات الحضارات والديانات والأعراق والمذاهب والطوائف ،إشاعة "الخديعة"...،ممارسات اللاسياسية،شيوع أطروحات"المابعد...،فرض الطريق الأوحد  La voie Uniqu،في السياسة والفكر والثقافة...!
    وأية عبثية تلك التي سنعيشها عما قريب عندما يتحول هذا الخليط اللامسبوق في تاريخ البشرية إلى البحث عن طريق ثالت؟
    وأي طريق ثالث ذاك الذي  يلوح في الآفاق،غيرأزيزالطائرات،وقذائف المدافع،ودك المدن،وأشلاء الجثث،ورائحة البارود !
     وأية"حقيقة"سنبحث عنها ما دامت"الحقيقة"قد وُئدت...والحق قد مات!والعالم يلتهب، والبشرية تنتظرأول رصاصة طائشة من هنا أومن هناك، لتنفجرالكرة الأرضية بمن فيها ،ولا"حقيقة"باقية ،ولاغالب هناك ولا مغلوب.!
    وتخيم على البشرية اليوم ظلال الحروب القادمة العبثية التي لاريب فيها–مع الإختلاف فقط  حول تحديد المكان والزمان .فماذا نحن فاعلون؟
    التكرارالممجوج للمونتاجات والإخراجات  السينمائية "لأحداث  الإرهاب "أصبحت مكشوفة ،ولا يستفيد منها إلا بعض الساسة المنفذين لمشاريع"جماعات الضغط"ولمصالح الأوليغارشية المسيطرة على مقادير الشعوب من وراء الأستار،التي يدفع ثمنها الأبرياء.غيرأن تكرارها المفضوح ينطلي على المغفلين،مع أن غالبية الشعوب الأوروبية بدأت"تُدير"عقلها وتتساءل عن المستفيدين وتشيربأصابعها إلى الفاعلين الحقيقيين؟
    "تجارة الإرهاب"ومشاريع الحروب،لاتخدم باليقين سوى حاخامت تل أبيب،وكهنة التلمود،وتجار الأسلحة،وسماسمرة المال وزبانية الأبناك،والمتاجرين بالحروب ولوبيات الشركات المتعددة الجنسيات،والباقي كله كلام ضحل ومسخرة وأشعارنهايات الأسبوع!
    مقدمة:
    إنها ليست صرخة يائسة وقلقة، كالتي صدرت عن عمالقة مفكرين ومبدعي موجات "التمرد"و"العبث"و"القلق"الذين أفرزتهم نهاية الحرب الكبرى الثانية وصدمتهم نهاية"المثال"،حين عاشوا ويلات الحروب،وعايشو فظاعاتها وعاينوا أسباب عبثية نشوئها،ممن هم في مثل قامات:كافكا،يونيسكو، بيكيت،أرابال،سارتر،كامو،جيني،دينو بوزاتي،مارتان إيسلين،كولن ويلسون،وغيرهم.!
    و ليست مجرد مقولة كارثية لفكر"رجعى"و"مثالى"موسوس بسرد أهوال نهاية العالم"والإرتعاب"من نكسات الأزمنة،وأزمات الإنسان،وتقلبات الدهر،وصدمات الحروب وفظاعاتها،كما كان الشأن فى لذة الكتابة في بدايات القرن الماضي عن سقوط الحضارة، المصاحبة لأزمة الانسان فى أدبيات الرومانسيين و"اللاعقلانيين"المنفزعين من صراعات العقل وتناقضاته:(ما بين صرامته ومثاليته وبرودته،وبورجوازيته وصوريته وثباته،وتبريريته وحدسيته وماديته، وهروبه وعهره ومكره الخ...)
    بل إنه جرد لواقع كوني واقعي مرير وملموس، تعيشه البشرية اليوم، وتعاني من ويلاته في زمن يدعى فيه الغرب"العقلاني"حتى النخاع،و"الإنسانوي"حتى الثمالة،:بأن"العقل قد إستكمل أغراضه،والتاريخ قد بلغ نهايته،والديموقراطية تحققت،والشموليات السياسية ولت إلى غيررجعة،والأمن والسلم العالميين قد تحققا،والمحبة والرخاء والتوافق مضمونة لسائرالبشر"...،فكانت الإجابة سريعة من المفكرالفرنسي الكبير"فيليب سوليرس""كلا وألف.كلا..،فعندما نلتفت حولنا نجد أن الديموقراطية وهم وخرافة،والتطرف قد إنتشر،والشعوذة شاعت،وحقوق الإنسان أكذوبة،والسلم نكثة ثقيلة ممجوجة...، والحروب على الأعتاب تهدد البشرية أكثر من أي وقت مضى......"
    الطرح:
    ومن زاوية هذا المنظور"...،فلا مشاحنة في أن عشاق الأناسة ومحبى الثقافة اليوم .يكابدون من مرهق المساعي الذهنية ما كابده الذين من قبلهم من فلاسفة سابقين فى مختلف العصور،ومن مختلف المدارس الغربية ذات الريادات الفكرية الكونية، من أولئك الحيارى فى متاهات التفلسف،ومشاق الفكر، والسراديب المعتمة للثقافة وأطروحات الحلول الزئبقية،عبرالمحاولات اليائسة لإستكناه أزمتى العقل والحضارة ،سواء بحركات إرتدادية  regressiveكما حدث  فى تاريخ الفكر إلى حدود القرن السادس عشر..،.أو بحركة إرتدادية retrogradeكما حدث فى القرون الأربعةالسابقة ،وكما تجلت أيضا فى كتابة التاريخ "بعديا"aposteriori-بالمنظورات الحصرية اللاتاريخانية الغربية– مع بزوغ القرن التاسع عشر-عصرالفلسفة والإيديولوجيا بإمتياز-وزمن الإختراعات والكولونياليات وسائر المتناقضات،وحيث بزالقرنان العشرون والواحد والعشرون ما عداهما بميزة"عقلنة"البهتان والزور والأراجيف .
    ولذة لكتابة عن سقوط الحضارة ونعي الانسان وأزمة العقل،لا تتسم دوما بهذا الحضورعند بدايات الأزمات...-بإستقراء تاريخ الفكر والفلسفة- ،والذين إستشعروا حتمية حدوثها  في الماضي هم من القلة القليلة –كما هو الحال اليوم- ،غيرأنه لا بد من الإقرار بأن"الأزمة" كائنة بطبيعتها في صميم المشروع الغربي نفسه  منذ بداياته–كما وضح ذلك جيدا آخرسيد للفكرالغربي"روني غينون"René Guénon  في حوالي أكثرخمسين كتاب،لم  يتجرأ أي مفكر حتى اليوم –سواء من أتباعه ومن معارضيه – على الإعتراض على أطروحاته -
    أي عالم جديد سعيد يريده الغرب للبشرية؟
     الحيثيات:
    لا تزال عالقة بالأذهان تلكم الأطروحات الجديدة "لبراغاديمات "النظريات المعرفية الجديدة لفهم العالم الجديد لما  نهاية الحرب الباردة –الذى يطمح الشمال فى تحقيقه للجنوب والتي كان من نصيب العرب والمسلمين تدميرالعراق مرتين وغزو أفغانستان وتدميرلبنان ومحرقات غزة ثلاثة مرات  –
    ورغم البهرجة التي أثيرت حول هذه الأطروحات، فلم تكن في الواقع سوى الإستمرار الطبيعى للمسارالفكرى الغربى من جهة،ولأنه يراد لها وبها أن تكون"المفهوم الحاسم" ووضع الحد للجدل الفكري منذ الأغارقة، والذى أثاره من جديد"عمانويل كانط"باعادة صياغة ذات السؤال الأزلى الحائر"ما هو"التنوير"ومن هو الانسان؟ لذي طرحه كانط  في عام1784 وأرجع  به عقارب الساعة الى الوراء ولقرون.،وتم إدخال هذا السؤال" الأنثروبولوجي الصادم"بلطف" فى تاريخ الفكر الغربى ،حين أعلن كانط -"وبكل وقار-"وفاة الميتافيزيقا"التى إنشغلت وإشتغلت بهموم معرفة هذا الكائن المجهول الذى هو الانسان،بعد أن وأد"دافيد هيوم"الميتافيزيقا وأدا.
    وكانت هذه الصيحة بمثابة ناقوس الخطر،وأول دقات"للساعةالأنثروبولوجية الأولى"- كما سماها مارتان بوبيرMartin Buber فى كتابه الشهير"إشكالية الإنسان" Le problem de l homme حيث كان القرن التاسع عشر،هو مرحلة الإشكالية الكبرى في البحث عن طريق ثالث لمعرفة الإنسان،.فكان هذا القرن هوعصرالايديولوجيا بحق، بعد موت الميتافيزيقا-أو هكذا إعتقد من قتلوها –
    فازدهرت فلسفة التاريخ في القرن التاسع عشر (لمحاولة الإحاطة بمعرفة الإسان)..التى وجدت مقرها الأخيرلدى ماركس( والماركسية هى أكثر الأنظمة بهرجة  وإثارة للجدل –وما تزال-كما صورها مؤرخ الفلسفة المعاصرة هنرى ايكن فى كتابه عصر الايديلوجيا)
    ،بمعنى أن الفلسفة اليوم ما زالت تواجه–بطبيعتها- نفس التساؤلات الأزلية.،بإعتبارها ليست علما بحثا يقينيا ولا تتدعيه،.ولا يمكنها كذلك..!
    ومجرد تجاورأسماء المشاهيرمن هم فى قامة كانط وأرنست ماخ وهيوم هيغل ونيتشة  وشوبنهاور وماركس وميل وكونت وكيركغارد ثم لاحقا ماكس فيبر،وهوركهايمروهابرماس وانتهاء بفوكوودولوز ودريدا ،يبرز للذهن الإختلافات الفلسفية الكبرى التي لم يسبق لها مثيل، بحيث لايقتصرالإختلاف فى الأسلوب والمزاج فحسب، بل يضرب أيضا فى الأرضية، وفى المنهج ،مما أدى الى سقوط سلالات فلسفية كاملة فى سنوات قليلة عندما انهمك الفلاسفة فى معضلات "اللوغوس"و"متاهات حكمة الحداثيين"أو"انطولوجيا الحاضر"- كما سماها فوكو -،وكل هؤلاء وأولئك هم أبناء بيئتهم ومحيطهم... وقد إجتهدوا وكلهم يصيبون ويخطؤون.
    وبحلول الألفية الثانية لم يعد هناك مجالات للتفلسف أوالتفكيك، فقد طحنت الماكينة الأمريكية المرعبة كل متعاطي الشأن الفلسفي الصادقين ، ووأنفتح المجال  للمزيفين  والدجالين والقوادين الذين توزع عليهم الجوائز الدولية والهبات والنياشين مقابل خدماتهم الجلى للنصابين ، وداست"الأمركة" كل المفككين تحت أقدامها ،ولم يجدو بعد  ما يفككون : فمنهم من مات ومنهم من إنتحر ومنهم ما يزال ينتظر.
    غير أنه حين يستعر الوطيس  بين هؤلاء وأولائك من المفكرين والمتفلسفين  والمفككين ،  يتم الزج ،حينها، بالأطراف المتناظرة والمتحاورة فى حمأة تصادمات ما بين :
    "عقلانيات"تريد أن ترتد بالموجود البشرى الى حالة "البكارة ورعشة الخلق الأولى،بالتعبير عنها بأشد ما فى العقل من صيغ منطقية صارمة
    و"وضعانيات عقلانية"أخرى ألهت العقل،يبدو العالم والانسان من خلالها وكأنهما ماكينة تسيروفق نظام محدد بقوانين"ستاتيكية"جامدة
    وفريق آخر وسط لا يريد فلسفة تأتى من العقل وحده ،تكتفيي بالمعرفة  المجردة المحدودة بالواقع والموجود،. بل سعيا وراء فلسفة أكبر من المطالبة العشواء بالتقدم المطرد فى تناول المادة الممكنة بالتحليل والتفريق أو التأليف والتركيب،.مما أدى الى البلبلة ونشوء الحيرة الذهنية.،أوصلت البعض الى نصف الجنون (بل منهم من أصيب بالجنون مثل نتشه وشوبنهور أو من أصيب بالهزات النفسية المستعصية مثل جان جاك روسو والقائمة تطول)  (وكم هى الطرق الثالثة التى  تخرج من رحم الفكر الغربى فهو ولاد فلسفات عند غروب كل مساء- كما قال مارتان هيدغر)(2)
    و قد تحول كثير من الفلاسفة  في الماضي القريب إلى العنصرية المقيتة–بشكل علني،  ومنهم من يختفي ويداري مثل: فولتير وهيغل وكانط  وديدرو ومونتيسكيو وطاليران  وهيغو( وقد خصصت لهذا الجانب التفصيلي كتابا كاملا   أبحث له عن ناشر جاد) لفرط اعتزاز البعض منهم  بحصرية قدرة الغرب على التنظيرو"العقلنة"rationalisation وبتمسكهم ببورجازيتهم الفكرية وتعاليهم الطبقى والعرقى على غرار"ماكس فيبر"و"كارل ياسبرز"و"نتشه" لرفضهم الحديث عن ازمة روح حضارة،وإصرارهم على التمسك  فقط  بتبريرية"أزمة عقل"أمام واقع مريرليس فيه ما يدعو الى التفاؤل.،
    فحشرهذاالغرب نفسه فى زاوية الإرتباط  بالإستعمار،كوليد لهذه"العقلنة"المؤهلة وحدهاعلى التنظيروالتخطيط ،بهدف إستغلال ثروات المعمورة بحجة تحضير الشعوب الدونية (بالمنظورالأثني الغربى.وسحق الآخرين.،وايجاد الأسواق،وترشيد الحياة بتهجين البشر،وحشرهم فى عوالم "وهم الرفاه"و"الحداثة النمطية"والعمران الفج،والتيه وراء"السراب"،مع طغيان خواء الروح(والإنسان يميل الى أن يكون على طبيعة محيطه)مما لم يحل دون اذكاء حربين مدمرتين بين شعوب من نفس الدين والجنس والحضارة والتاريخ المشترك – وكم من الجرائم إرتكبت تحت مظلة العقل-والتى لم يظهرمنها أى تاثير للفلسفات المثالية التي إدعت هذه الشعوب الإيمان بها.،
    ولم يذكي  هذا الصراع الحروب المدمرة فحسب، بل أفرزالأطروحات الفلسفية البشعة مثل (النازية والفاشية والصهيونية  والنفعية والبراغمتية والعنصرية" المعقلنة" المؤساساتية وثقافة الإستعمار)وهى"منتوجات ثقافية حضارية حصرية غربية"نابعة من نظرية القوة لدى نتشه ذلك الفيلسوف الرافض لعالمية الديموقراطية بين البشر–على أساس العرق-والفردية والحرية باسم الجماعة الأسطورية الجرمانية–الآرية- المستلهمة من المجتمع الكلاسيكى (اليونانى-الروماني) اللذان كانت تسودهما،فى نظره أخلاق الأقوياء،والأرستقراطية المتعالية ،وقيم السادة .والسيادة العليا،والرافض للقيم المسيحية بإعتبارها إنتصارا لأخلاق العبيد،وأخلاق الخنوع والإستسلام،والشفقة والمحبة والرحمة والمساواة التى ينتزع بها الضعفاء مخالب الأقوياء)
    وفى نفس السياق نصب شبننغلر"نفسه المدافع عن الغرب فى مجاله الحيوى وعن نقاء الجنس الآرى باسم أطروحات الحدس والارادة واللامعقول..
    ومعارضة"شوبنهورلثورة 1848 الكبرى (اوربيع الشعوب الأوروبية)لان مفهوم "الارادة"لديه تمنع لوحدهاالثورات"الشعبوية"ومفهومية العوام للتغيير.،"فارادة الأقلية العاقلة"هى وحدها الكافية كبديل للتقدم والتغيير...
    وارتباط الحركات الرومانسية بالدفاع عن الماضى الاقطاعى المتمثل فىثيولوجيا الكنيسة والحروب الصليبية وتمجيدهاوالدعوة الىاعادة الملكيةLa restauration  في فرنسا رفضا لقيم الثورة الفرنسية ،والحد من سيطرة الرعاع وحثالة الشعب على مقاديرالأمة الفرنسية ،باسم الاخاء والمساواة فى الحقوق
    وهذه النظريات"ذات النزعةالارادية"Volontariste ( وسنتعرض لهذه النظرية بالتفصيل في مبحث حول "نشوء علوم الجيوسياسية  في ألمانيا الرايخ  قبل النازية ) كانت لها دائما دلالات سياسية فى واضحة فى الفكر الغربي وخاصة في ( الجيو-سياسات والجيو-ستراتيجيات) ،بما تبعها من تأييد حكم الفردالمطلق الذي لا يخضع للعقل ،.ولخلق الحركات الفاشية والعرقية التى لا تخضع الا لسلطان القوة والعنصرية والجبروت والاقصاء
    (ملحمة صراع القوميات الاوربية المتناحرة لقرون ثم ما عقبها من ظهور النزعات الاستعمارية بعد تصالح هذه القوميات  وما تلاهامن التنظيرات الفاشية  الى افرزتها التنظيرات الثقافية للديموقراطيات الغربية  ثم لاحقا الحربين التدميريتين فيما بينها؟؟)
    ومن تم توصل المفكرون الأكثرحساسية(ولربما الأكثرصدقا) بأن"الواقع له قانونه الخاص الذى يسيره وهناك قانون الفكر الذي نظر له المثاليون"مما يؤجج الصراع ما بين"العقل الانتكاسى الماكر"و العقل الدياليكتي العاقل"-كما يراه بعضهم مثل هيغل نفسه وهيدغر وسارتر وكامو وماركيوز –مما أدى الى نعي هذه الحضارة من داخلها (ولادة الشيوعية من رحم الفكر الغربى كرفض للمفهومية الامبريالية الغربية وتناقضاتها) مما دفع الغرب-عمليا-.بتبنى"الانتقائية الممذهبة" المبنية على "المفارقات الغريبة' والمتأرجحة ما بين "العقل المنهجى والتبرير الايديولوجى"و التى من مفارقاتها انه يتم التعبيرعنها دائما ،باسم" العقلانية الصارمة ،والمنطق الأرسطى –حسب هيغل نفسه.(4)، وممايعيد أيضا المجتمع الغربى"المتحضر"إلى عصر الغاب ،حين تتنافى مصالحه الداخلية مع مصالح الشعوب الأخرى.،و حيث تكون الغلبة للقوة وحدها الذى ولد مقولة الاستعمار ونظرية "الآخر"
    ولقد تم تصنيف كل الرافضين-من داخل الغرب-لهذه الحضارة و"تناحرعقلانياتها"زمنها ضمن "اللامنتمين" الذين هم حسب "كولن ويلسون"فى كتابه سقوط الحضارة " تلك البثور التىتظهر على جلد الحضارة المريضة"مما سرع بظهورموجة الرافضين-لاحقا- بكل تياراتها من مفكرى "العبث" والاستلاب"والقلق"واللانتماء" و'التمرد"و"الغضب" و'التمزق" والقائمة طويلة لاحصرلها تضم الأكاديميين  "العقلاء" والمهمشين ،والثوار المنضوين تحت مختلف الألوية "الحركية"  المناهضة للقيم الاحتكارية الغربيةمن  الماويين الأوروبيين والغيفاريين والتروتيسكيين فى أمريكا اللاتينية ومنظمات الخضر وكل الباحثين عن " العالم الأمثل" خارج الأنظومة الغربية  وقيمها الجديدة الاستهلاكية والامبريالية..
    واعتُبرت كتابات هؤلاء منحرفة،ومؤلفوها حمقى ومهرطقون،.ومريدوها منعزلون وبائسون ذووا أرواح حزينة دراماتيكية،يتسمون"بكراهية الذات"والنظرة"الكارثية" والانتقال 'التناقضى"ما بين الترهات والهلوسة"الذهنولوجية"والسمات النقدية العقلانية ،والافتتان "بنهاية العالم"،فلم يحملهم أحد محمل الجد زمنها–بالرغم من أكاديمية بعضهم – لأن الحقائق المسلمة بها لدى الأطراف المعارضة لطرح سقوط الحضارة الغربية-هى أن تقدم الحضارة الغربية المرتكزة على"التقنية "والاقتصاد و"التنمية"والرفاه وشحنات السعادة لا يقاوم ،ومركزها حصين.،وأن كل تراجع لها أوعن شعاراتها  سيتيح "للتخلف والهمجية والغبن الإجتماعي"القفز بقفزات جديدة قدما الى الأمام،وأن الأزمات تشحن " قيم العصر"وتزيدها بريقا وفعالية.،
    وإستمر الصراع  ما بين التنظيرين : ما بين المد والجزر،الا أن فترات الجزر تهاجم المد قبل أن ينتهى فى المسيرة التاريخية للغرب، بعد افلاس كل أنظمة ما بعد الاستعماركما قال  المفكر الفرنسي  ك موريلC.Maurel " ان أروع ما حققه الاستعمار هو مهزلة تصفية الاستعمار،لقد انتقل البيض الى الكواليس.،لكنهم لا يزالون مخرجى العرض المسرحي" وهو ما يبدو جليا فى معظم الأنظمة الثالثية، ويتجلي بشكل واضح من خلال أنشطة  كل المنظمات ،والتجمعات والنقابات والجمعيات الثقافية المحلية والإقليمية و الدولية، بمعنى المزيد من الإفلاسات المستقبلية كما لامسناه من الفشل الذريع لكل  الاطروحات الجديدة  لفهم العالم الجديد لما بعد الحرب الباردة الصادرة في اوائل التسعينات

    للبحث صلة
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media