هل يفجر العثماني المنبوذ الحرب ؟ !
    الثلاثاء 1 ديسمبر / كانون الأول 2015 - 21:14
    هاني الحطاب
    ماذا تحتاج الحرب لتقع في ظروف الأزمة والتوتر في زمننا  ؟   سوى ضغطت على زر لصاروخ ، أو هفوة ، زلة ، أو حادث عارض ، فهي لا شك لا تحتاج لجهد خارق في وقتنا  ،  تنتظر  فقط شرار بسيط لكي يشب الحريق ويعم . وهذا عادة ما ما يعبر عنها في القشة التي  قصمت ظهر البعير . فالحرب ، ما عادة  ، في الأغلب ، خلاف ما يعتقد ،  من صنع البشر ، رغم ما يبدو على الحروب على أنها صناعة بشرية أو من صنعهم  . ففي كثير من الحالات أن يكون البشر هم مجرد أدوات لها وضحاياه . فقد بات، بعد التقدم الكبير في حياة البشر ،  الكثير من الظواهر البشرية  ليس لهم عليها سيطرة  ، برغم أنها من صنعهم ، ولكن مع نمو هذا الظواهر تغدو مع مرور الزمان مستقلة عنهم  ، وتصبح لها قوانينها الخاصة ، التي تفرضها عند مستوى معين من التطور على الناس ، وتقيدهم وتجبرهم  نحو غاية قد لا يكون قد فكروا بها أو رادوها .  والحرب في عصرنا غدت أكثر استقلال من أي الظواهر البشرية الأخرى  . تماماً مثل القوانين الاقتصادية ، ودرجة نموها وما تفرزه من نتائج ليس دائم من صنع البشر ، أو أنهم هم الذين يتحكمون فيها ، عما نعبر عنه أعتيادياً في  قانون السوق  ، وتضخم والانكماش أو  الازمات الدورية في النظام الراسمالي . وكذلك ما يسمى في البنية الفوقية من عادات وقوانين وأفكار ، والتي هي نتاج البنية التحية حسب التحليل الماركسي ، التي تحكم في سلوك الناس وتصرفاتهم ، والتي في كثرها ليس اختيار واع لهم . وهذا لا يعني ولا يفهم منه أن لهذا الظواهر البشرية لها استقلال تام أو وجود ميتافيزيقي مفارق  بعيد عن سيطرة البشر ، فهي في النهاية من صنع البشر ونتيجة علاقاتهم وتعاملاتهم ولكنها ليس كما رغبوا بها  ، وإنما هي نتيجة تعارض وتشابك إلى أرادة متعددة ومختلفة ومتضاربة بحيث في النهاية تخرج بشيء غريب عن كل توقعات الكل ، وتبدو من ثم وكأن ليس الناس هم الذي صنعواها . وهذا ما يذكر في قول ماركس المشهور ، بأن الناس هم الذي يصنعون تاريخهم ، ولكن ليس كما يريدون ، وإنما نتيجة جهودهم المتضاربة والمتعارضة خرجت تلك النتيجة ، التي ليس في حساب احد . والحرب ، في النظام الراسمالي هي مسامات هذه النظام لتفريغ ما حتقن في داخله من توترات ، في النهاية  ليس حرب هذا أو ذلك من القاده بوش أو الحزب الجمهوري المحافظ ، وإنما منافذ تنفيس عن النظام ذاته . الذي يصنع الظواهر ، وتصبح مستقلة عن تحكم البشر . والتاريخ حافل في الأمثلة ، في النتائج المعاكس لرغبات من قاموا في صنع حدث ، فكل الحروب والثورات والأديان ظهر منها في نهاية شيء لم يفكر به احد من  القادة لتلك الأحداث . ومن ذلك السديم  ، الغير محدد ، قد تأتي الشرارة  التي تشعل  الحرب في عصرنا . لا شك أننا ، في انتظار تلك الشرار التي تشعل  لنا برميل البارود ،  فحن الآن جالسونا عليه ، رغم أن النيران تحيط به من كل جانب ، ولكنها  لم تصل بعد لدرجة الاتقاد ، والأزمة والتوتر الذي يمكن أن تفجره هي الآن بالطريق لتصل نيرانها له . فالحرب العالمية الأولى ،  مثلاً ، كما يخبرنا المحللون ، كانت كل عوامل انفجارها موجود قبل اغتيل عاهل النمسا ، ولكن أياً منها لم يصل بالوضع لدرجة الاتقاد . ونحن بفضل السعودية وتركيا النيران مشتعلة في كل مكان من ما يسمى الوطن العربي ، ولكن تلك النيران الآن مشتعلة في الهوامش والأطراف ولم تصل بعد إلى المركز . غير أن ودخول الروس فجاءة ، جعل النيران تلتهب وتتوهج مهدد بالوصل لقب برميل البارود . فروسيا تعد من المركز وليس من الأطراف والهوامش ، وأي صطدام معها يعد بنقل الحرب من الأطراف للمركز  . وإذا علمنا بأن هذا الأطراف التي تخوض الحرب الآن كلها لها علاقة مع المراكز الأخرى والأقطاب . أن دخول الروس لسوريا ، جعل الحرب شبه محتومة بينهم وبين تركياوسعودية ودول الخليج فتلك الدول هم في الحقيقة من يخوضون هذه الحرب ،   وما داعش ونصرة وبقية كل أسماء الجبهات الأخرى سوى غطاء لهذا الدول . لذلك فدخول الروس بهذه الحرب غير بوصلة الحرب بصالح الدول التي التخوض الحرب ضد الارهاب . وهذا ما لا تريده تلك الدول الراعية الارهاب . وبتالي  ، لا تدع الأمور تسير بمجراها الطبيعي في الحرب ضد الارهاب . وعليه سيعمدون الوقوف في وجه الروس ، ورغم أن هذا الوقوف سيتخذ أشكال عديدة ، ولكن نقطة التماس ستكون بين روسيا وتركيا ، حيث هناك ستكون ساحة المواجهة . وبالطبع ستندفع تركيا اندفاع الاعمئ المعصوب العينين في الوقف في وجه الروس، فسيكون هناك إغراءات كبيرة لها من قبل ممولي الحرب . وبالطبع ، ستكون هناك أيضاً وعود أمريكية كبيرة  لتركيا في الوقف إلى جانبها . وكل هذا سيدفع الجشع التركي على أن يغمض عيناه وحواس إزاء أي عواقب محتملة ، وسوف تبدو له روسيا لقمة سائغة . ولعل من تباشير هذا العمى هو إسقاط الطائرة الروسية ، بدون تدبر ولا تفكير بالعواقب . فتركيا ، تظن أن في إسقاط الطائرة الروسية صفقة كبيرة رابحة لها بمواجهة التقدم الروسي في محارب الرهاب . فتركيا ، مدفوع بطموح وجشع الدمومي اردوغان ، يحفر قبر تركيا ويضع نهاية مأساوية لبلاده . فقد أكد هذه الموقف لروسيا ، بعد سقوط الطائرة أن الحرب مع تركيا شيء لابد منه ، فهي ، أي تركيا والأرهاب  شيء واحد ولا يمكن الفصل بينهما ، لذلك نبه سقوط الطائرة لهذه الحقيقة . وإدرك الروس ، من ناحية آخرى ان الغرب وأمريكا  يدفع بتركيا نحو هذه الغاية والنهاية ، فقد أصبحت تركيا عبء كبير على الغرب ، ولذلك مانع ولفترة طويل من قبولها في السوق الأوربية بحجج كثيرة واهية .  فتركيا هي البجعة السوداء للغرب ، وهو وأمريكا يرى بأن يمكن زج تركيا في حرب خاسرة مع روسيا عن طريق أيهامها بأنهما يبقون لجانبها ، وعليها أن تتمادى في تحدي روسيا والدخول في مناوشات معها لحد يفقد الروس  كل صبر . وعليه فأن الحرب مع روسيا ، شيء محتمل جداً إذا أصرت على الدفاع عن الارهاب بطريقة مكشوفة وعلنية وتبنت الدفاع عنهم . وعندئذ ، تحدث الحرب وكأنها مجرد قدر محتوم ليس لاحد دخل فيها . وإنما قادت أليه سلسة من الحماقات والمواقف الغير مبررة ولا معقولة في لحظات الصحو والانتباه . فحين تقع الحرب تجد تركيا نفسها فجأءة لوحدها ، فلا الغرب ولا أمريكا مستعدان أن يحرقا نفسيهما من أجل تركي مدفوع برغبة منسية من الماضي العثماني القديم . فالاتراك ، فيما يبدو أن أوانهم قد آن ، وهم سوف يسيرون للحرب بقوة لا يعرفوه عن سر جاذبيتها سوى طموح أودوغان المهوس بالحروب . فقد بات من الصعب على تركيا أن تتخلى ببساط للروس وتترك الدواعش وأضرابهم بعد كل هذا الجهد في التسليح والصرف الطائل من قشامر العرب المخصين . فالروس ما جاءوا لسورية بنزوة عابرة ، وبمحض مصادفة ، وإنما لا بد أنهم أمعنوا فيها التفكير ، وجعلوا منها قضية حياة أو موت ، لأنه التراجع عنها تحت تهديد إسقاط طائرة او ضرب مقر هنا وهناك يهدد سمعة روسيا ويحكم عليها بالعجز طيلة حياتها ، أن هي تخلت عما بدأت به ، فقد قضى الأمر مع روسيا والكرة الآن في ملعب اروغان فما عليه سوى  ان يوغل في تعنته ويكثر من التحرش بالروس ، ليجبرهم على الحرب أو يسلم بالهزيمة في سوريا ! فهذا كل ما بقى له أن يفعله ، فقد حصص الحق وبلغ السيل الزبا ولا مفر من المواجهة .  لقد وصل الارهاب لطريق مسدود ولا تستطيع أموال السعودية فتحه ، لأنه الحضارة الغربية بات كلها تحت التهديد ، من الحرب النووية ، ولا نظن أن هؤلاء المخصين الأعراب ان يقود العالم لنهايته . فهم في ساعة الجد والخطرة يلجمون ويلطمون على وجوهم ويعرفون بحقيقتهم ويضعون في مكانهم المناسب تحت اقدام سادتهم ، فهم ليس أكثر من أدوات  تخريب عند الحاجة وادأة في استعباد الشعوب .  فهل علينا نتفائل ونتظر أن نرى السعودية وتركيا تشرب من نفس الكأس التي سقتا لشعوب المنطقة منه  ؟ هذا ما سوف تخبرنا به الأيام القادمة ، فكل شيء  ما يزال في رحم الزمان ، والعرافة والتنبأ قد يكون من قبيل القول ، كذب المنجمون وأن صدقوا . فستكون حرب روسيا ضد تركيا والإعراب المخصين حرب ثورية ، مهما كانت فداحة ثمنها ، فلم يطرف جفن لا لشعب السعودي ولا لشعب التركي لضحايا اراهاب قادهم  . وسوف يشفى غليل الكثيرون حينما يرون الدوائر تدور على الظلمة .

    هاني الحطاب
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media