حكومات تعجز أمام زيارة الأربعين.. وأخرى تمنع.. ووعد زينب ليزيد يتحقق
    الثلاثاء 1 ديسمبر / كانون الأول 2015 - 21:18
    الشيخ حسين الخشيمي
    تعالي الهمم في موسم زيارة الأربعين أكثر ما يثير ذهول العالم وهو يراقب من بعيد أن الجميع بمختلف فئاتهم العمرية يجتهد ويبتكر الجديد من أجل أن يكون مع الحسين وأنصاره ولو بشربة ماء يبلل بها عروق احد الزائرين، وحتى ذلك الطفل الصغير وبكل ما يحمل من براءة ونقاء يتنقل من مكان إلى آخر بكل رشاقة وحيوية ليحمل الماء للزائرين تارة، وأخرى ليجمع الحطب طمعاً بشيءٍ من الدفيء لتكيته الخشبية الصغيرة التي أراد من بنائها أن يعلن للناس أنه واحدٌ من خدمة زوار الإمام الحسين (ع) وأن خدمة الحسين لا تقتصر على الكبار، او الشباب فقط، بل ولا حتى على الحكومات!

    تساؤلات عن وضع الحكومة لاستراتيجيات خدمية وأمنية لزيارة الأربعين

    وتشرف الحكومة العراقية على أداء مراسيم زيارة الأربعين في إجراءات يشوبها الضعف رغم نشرها للعديد من النقاط الطبية للزائرين وتأمين الطرق الداخلية والخارجية من خلال تكثيف "القطوعات" ومحاولة تسهيل مرور الزائرين الأجانب، فيما تعد هذه الإجراءات من الواجبات الملقاة على عاتق أي حكومة ومن صميم عملها اليومي، إذ تلتزم الحكومات بالقيام بمثل هذه الإجراءات في الأيام الاعتيادية، ومضاعفتها  في المناسبات الدينية والسياسية والاجتماعية.

    وتعاني مدينة كربلاء والمدن المحيطة بها في زيارة الأربعين من قطع كلي للطرق والشوارع، في الوقت الذي ينبغي فيه اتخاذ اجراءات أمنية واستخبارية دون إعاقة حركة المواطنين والزائرين.

    وتدخل الحكومة العراقية عامها الـ 13 وتواكب سنوياً هذا التجمهر المليوني، ما يثير تساؤلات عديدة حول مرور هذه الفترة على بدء هذه الممارسات الجماهيرية بشكل متكرر ولم  تفكير جدياً بحلول لتلك المشاكل، أو رسم استراتيجية خاصة بالزيارات المليونية.

    ضعف الحكومات ونجاح الجماهير في إدارة الممارسات المليونية.. الحج والأربعين إنموذجاً

    ولم يقتصر ضعف الأداء الحكومي تجاه التجمعات والممارسات المليونية السنوية في العراق وحسب، بل راح يشمل واحدة من أهم الدول في العالم الإسلامي لما تحويه من صرح مقدس يعده المسلمون في العالم قبلتهم التي يتجهون إليها في صلاتهم ويقصدونها في سنويا في موسم الحج وهو "بيت الله الحرام" حيث سجلت السلطات السعودية لهذا العام ضعفاً في إدارة الحج  أودى بحياة الآلاف من الحجيج، في حادثتين كانا الأبرز بين حوادث كثيرة، وهما سقوط الرافعة في الحرم المكي، وكذلك التدافع الذي حدث في مشعر منى الذي أثار ذعر وسخط الكثيرين.

    ومع بداية موسم زيارة الأربعين لهذا العام، وتحديداً عند بدء توافد المسيرات المليونية وانتشار المواكب الخدمية على الطرق المؤدية إلى مدينة كربلاء المقدسة؛  تظهر لدى المراقب سلسلة من التعليقات والمقارنات بين ضعف أداء الحكومات في إدارة التجمعات المليونية السنوية ومنها الحج وزيارة الأربعين، ونجاح والإدارة الشعبية التي تشرف عليها الجماهير بجدارة في كل عام، بما تشمل من جمع الأموال لتقديم أفضل أصناف الطعام، وتهيئة المبيت للزائرين على امتداد الطرق المؤدية إلى كربلاء، وكذلك العديد من الخدمات الجديدة المبتكرة حديثاً والتي منها غسل ملابس الزائر، وتنظيف أحذيتهم، وشحن جوالاتهم، والتدليك وغيرها من الخدمات التي لن يكون بمقدور أي حكومة توفيرها.

    حكومات عربية تعرب عن قلقها من زيارة الأربعين واخرى تمنع أي ممارسة شيعية

    ومن جانب آخر، تبنت بعض الأنظمة العربية الحاكمة ومؤسساتها ووسائل الإعلام فيها مواقف "التخويف" و "المنع" و "التجريم" للمشاركين في مراسيم زيارة الأربعين، ومنها  دولتي مصر والبحرين.

    إلى ذلك اعتزمت وزارة الأوقاف المصرية فتح تحقيقٍ ببث بعض القنوات الفضائية المصرية لمشاهد تظهر ما وصفته بـ "احتفال الشيعة بذكرى أربعين استشهاد الإمام الحسين"، فيما أكدت رفضها الشديد للمشاركة في أي ممارسة من ممارسات الشيعة في المساجد المصرية التي اعتبرتها "مثيرة للمخاوف".

    فيما لجأت السلطات البحرينية إلى ابتكار "الأكاذيب" والترويج لها عبر وسائل الإعلام البحرينية التي راحت تتحدث عن "مخاوف من إصابة 65 ألف زائر بحريني بمرض الكوليرا في كربلاء بسبب زيارة الأربعين" بغية الحد من توافد الزائرين البحرينيين، فيما لم تذكر أي مصادر حكومية أو إعلامية عراقية عن تسجيل أي حالات إصابة بمرض "الكوليرا" بين الزائرين العراقيين والأجانب.

    و حذرت صحف بحرينية من احتمال إنفاق الزائرين البحرينيين أكثر من 10 ملايين دينار بحريني لدفع تكاليف تذكرة السفر والإقامة ورسوم التأشيرة فضلاً عن اجور تنقلهم إلى محافظات ومدن أخرى لزيارة الأماكن المقدسة.

    ويأتي هذا التحذير بناءً على مخاوف إنعاش السوق العراقية نتيجة إقبال الزائرين على التبضع خلال فترة تواجدهم في العراق.

    وتحاول وسائل إعلام عربية ودولية تهميش حدث "زيارة الأربعين" المليونية بدوافع طائفية ومخاوف من انتشار التشيّع بسبب هذه الممارسة.

    حكومة زينب (ع) ملهمة زيارة الأربعين

    وعلى الرغم من تزايد التحذيرات والعوائق، يواصل الملايين من الزائرين العرب والأجانب توافدهم إلى مدينة كربلاء المقدسة وسط تحديات ومخاطرة كبيرة لأداء مراسيم زيارة الأربعين استناداً إلى "ثقافة التحدي الزينية" التي أسستها السيدة زينب بنت علي عليهما السلام في واقعة الطف وكذلك في مجلس الطاغية يزيد بن معاوية عندما أطلقت كلمتها المشهورة: "كد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك فوالله لن تمحو ذكرنا.."

    مستشرق أوربي يدعو لمحاربة "ثقافة التحدي الزينبية"

    وفي مقال للمستشرق الأوربي "ادوارد مونتاغيو" نشر في الصحف البريطانية أعقاب الحرب العالمية الثانية يتضمن أهم المرتكزات الصهيونية العالمية، بعد أن أثاره مجدداً أحد الصحفيين على مواقع التواصل الاجتماعي يشير الكاتب إلى أن أقوال السيدة زينب (ع) "تفلق الحجر  لقوتها" وهي امرأة، ويؤكد أنها إنها هددت عرش يزيد بن معاوية العظيم" على حد وصفه.

    ويتساءل الكاتب، "من أين قطعت أن يزيد لن يكون بإمكانه محو ذكرها هي وعائلتها؟" في إشارة منه إلى جانب من خطبتها (ع) في مجلس يزيد ووعدها له بقولها "فكد كيدك واسع سعيك فو الله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا.."

    ويقول، إن "هذا التحدي يجب أن يوضع على طاولة البحث والتحليل" ويضيف أن "هذه المرأة تشكل خطرا كبيرا يهدد ليس فقط عرش يزيد بل كل عرش مثل عرش يزيد ..".

    ثم يمضي الكاتب داعياً إلى محاربة "ثقافة التحدي الزينبية" وسحق كل القيم والمفاهيم التي تتبناها من خلال كلماتها وخطبها المعروفة في يوم عاشوراء وفي مجلس يزيد، من خلال تأسيس ثقافة مناهضة عبر توجيه المرأة المسلمة  إلى صحيات الموضة الحديثة والاهتمامات القشرية الأخرى.

    ويعتبر نسبة ليست بالقليلة المسلمين الشيعة الوافدين لزيارة الأربعين أن هذه الممارسة وضعت أسسها السيدة زينب (ع) بصبرها وتحديها لسلطة يزيد بن معاوية.


    الشيخ حسين الخشيمي
    كاتب وإعلامي عراقي
    E-mail: alkhchimi@gmail. com
    Facebook: hussein.alkhchimi
    Twitter: Alkhushaimy
    WhatsApp & Viber: + 964 7700049135
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media