جمعة العراق السوداء
    الثلاثاء 1 ديسمبر / كانون الأول 2015 - 21:19
    زاهر الزبيدي
    في العراق كل شيء يتعرض للإهانة القصوى ، البيئة ، الإنسان ، الفضاء ، الماء ، الاشجار ، الثروات المتنوعة ، المدن بأكملها ، الثروة الحيوانية والثروة السمكية وأخيراً المال .. لكل جزئية في تكونيات العراق الطوبوغرافية تتعرض للإهانة اليومية المستمرة ، وهذه ليست صفة الفترة ما بعد 2003 ، مطلقاً ، إنها متلازمة العقود الاربعة السابقة وما تلتها من سنين قحط وحرب وارهاب وفساد .
    وزير التجارة الاسبق ، فلاح السوداني ، حكمت عليه محكمة كربلاء "غيابياً"  بالحبس لمدة سبعة سنوات في قضية واحدة من القضايا التي أثيرت حولها شبهات الفساد التي رافقت قضية 500 طن من الشاي المغشوش غير الصالح للإستهلاك البشري التي أثيرت في 2009 ، المحكمة ايدت ايضاً "مصادرة امواله المنقولة وغير المنقولة "!
    لا أعتقد أننا في حاجة لسجن الفاسدين ، فما الذي سيدخل في جيوب العراقيين الخاوية من سجن السوداني"الافتراضي"  وغيره ، لأن ذلك سوف لن يحصل ولو بعد عمر طويل فالرجل "البريطاني الجنسية" الان في في بلده "المملكة المتحدة " وفي رعايتها بعيداً عن ترهات السياسيين واحكام القضاء ، بل أعتقد انه ضحك حين سمع الحكم عليه ، مثلما ضحكنا نحن بالضبط ، إلا إننا ضحكنا لإننا نعلم انهم يضحكون علينا ويصرون على ذلك في مواقف عدة .
    فبفعل الفساد تحولت كل ايامنا الى جمع سوداء يخوض فيها الفاسدون لعبة الموت الحقيقي والجزّ برقاب العراقيين منذ عام 2003 وحتى يومنا هذا ، صراع وقتال وعصابات جرمية منظمة تستهدف المال العام ومصادر الموازنة الاتحادية بالنهب والسرقة وبطرق تعجز عنها مافيات العالم أجمع .
    المليارات تتطاير كدخان في سماء العراق بعيداً عن يد القضاء ، فما أكتشف منها لايعادل القطرة من بحر يموج بالفساد والنهب والموت الاسود ، أبنائنا يموتون من اجل تأشيرة الى بلد لغرض العلاج والفاسدون يمتلكون كل شىء حتى اعمارنا أصبحت رهينة بيد مجموعة من المفسدين ممن تملكوا المال الحرام ليؤسسوا جيوشاً صغيرة تحارب من من يحاول أن يصلح شيئاً من أمورنا التي آلت الى الخراب ، شبابنا بدأو ببيع أجزاء من اجسادهم في سبيل الاستمرار في حياتهم .
    الخراب عنوان لكل شيء ، فما أن تضع يدك على جرح حتى يقفز اليك جرح غائر آخر في عمق النفوس ، كم جمعة سوداء يعيشها العراقيون اليوم ، أعتقد أن كل ايامنا سوداء ، كل يوم في السنة اسود يقطر بالحزن يكتب للتأريخ عظم ما نمر به من مآس بفعل النهب الذي نسمع به بين الحين والاخر والايام القادمات ستكشف لنا اسرار أعظم لم نتوقع حدوثنا لأننا حينها كنا نلازم بيوتنا ونغلق ابوابنا نتوسدنا الخوف على أملٍ بصبح جديد ينبلج ونحن وابنائنا لازلنا على قيد الحياة .

    زاهر الزبيدي
    zzubaidi@gmail.com
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media