عملية جراحية لإستئصال آثار نينوى واللهُ الساترُ من مثيلاتها
    السبت 28 فبراير / شباط 2015 - 21:58
    فاضل بولا
    أن المحتل الذي يعيث فساداً في محافظة نينوى ، لم يتخذ من الموصل عاصمةً ، لو لا تداني المدينة له وفسح الطريق مفتوحاً امامه ليدخلها آمناً بين جمهرة كبيرة من الذين ارتهنوا الإستسلام لغزاة اشبه بوحوش البراري ، وآزروهم وانضموا لصفوفهم بزخم كبير .
    إن المشاهد الدراماتيكية المنقولة من هذه المدينة لا اضنها مسّت مشاعر عدد كبير من اهلها الذين مهدوا السبيل لهذا اليوم . لأن روح التمرد التي سكنت بهم منذ اقتلاع النظام البعثي العروبي ، جعلتهم لايبالون بكل ما يقدم عليه تنظيم الدواعش من هدم الجوامع والمزارات التي تعد مقدسات اسلامية في المدينة وصولاً الى تدمير صرح تاريخي الذي يعد علماً رافعاً اسم العراق في اكبر متاحف العالم ، ويُعرّفُ العالم بحضارة وادي الرافدين وبأسم نينوى الذي يحتضن اسم الموصل  . كانت هــذه الآثار حصيلة جهود كبيرة بذلهــا المنقب البريطانــي الكبير ( لا يارد ) يساعده في ذلك صديقه العراقي المثابر هرمز رسام . وكان بداية  مشروعهما في سنة 1845   
    ما اراده داعش من عملية الإجهاز على آثار نينوى وتسليط الأضواء على طريقة الهدم والتحطيم بالنروج والمعاول وحتى البلدوزرات ، هو بمثابة تهديد العراقيين بأنهم لا يستلمون الموصل الاّ خرائب . وهذا الإعتقاد يبرره اقدام هؤلاء المجرمون بتفخيخ جسور المدينة والتلاعب في خارطتها من حفر الخنادق حواليها واقامة متاريس على اشكالها ، وهلم جرا .
    أن ردود الفعل لمشهد تهديم الآثار العراقية القيمة بتلك الوحشية ، لم تكن عند العديد من دول الجوار ـ عربية وغيرها ـ بمستوى الحدث الشنيع ، لا على الصعيد الرسمي ولا على صعيد المنظمات . لأن معظم هذه الدول لا تريد النهوض للعراق ، لا بل منها من يحمل كراهية شديدة لهذا البلد ، جراء ما خلفه النظام السابق في اساليبه العدائية تجاه هذه الدول والعزلة التي سببها للعراق بتلك السياسة الرعناء .
    وقوفاً عند حادث جرف الآثار وتدميرها ينبؤنا عما سيجري في الغد من تغييرات جيوغرافية وديموغرافية تمسخ حتى اسم نينوى  ، طالما كانت المنطقة الأثرية هذه ضمن المناطق المتنازع عليها .
    وقد حصل هذا ، تاريخياً لما احتل الميديون مدينة نينوى ، حيث وضعوا على المنطقة الغربية منها  اسم   ( نواردشير ) وتعني عرين الأسد . ولما احتلها الأتراك ، وضعوا على خرائب نينوى اسم ( تل قوينجق )  وتعني تل الخراف . ولم يظهر الأسم التاريخي لهذه المنطقة ، الاً بعد التنقيب فيها واخراج آثارها العجيبة الخالدة من باطن الأرض .
    وكذلك الأمر بالنسبة لما حصل من تغيير الأسماء التاريخية للمدن والقصبات في شمال العراق.
    من اربيل الى هاولير ونوهذرا الى دهوك وعين سفني الى شيخان وآميده الى عمادية ومنها الكثير .
    وسوف يعزى كل ما سيحصل في قادم الأيام مما نحن بصدده ، الى ضعف سيادة العراق واهتزاز وحدته . 
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media