الإقطاع السياسي وطبقاته المتسلطة
    الأثنين 2 مارس / أذار 2015 - 23:12
    كاظم فنجان الحمامي
    كان الإقطاع الزراعي يمتص موارد الأرض المغتصبة، ويشفط ريعها ورحيقها من عرق الفلاحين الكادحين، فجاء الإقطاع السياسي ليخلق طبقات فوقية  متعالية. تمارس نفوذها الاستبدادي الواسع تحت مظلة التشريعات، التي منحتها الحصانة والمكانة والرفعة والجاه والموارد المالية السخية. فهل أصبح الوزراء والنواب والسفراء وقادة الجيش وشيوخ العشائر هم المسيطرون على  السلطات ؟، وهل تشكلت منهم طبقة الإقطاع السياسي التي أخذت امتيازاتها من موارد الدولة ؟. وهل استغل الإقطاع السياسي المال العام عن طريق الفساد الإداري المستشري في جسدها المترهل ؟. لا  توجد أجوبة صريحة. لكننا نقول: ربما ستصبح الاستثمارات والمقاولات والتراخيص حكراً على طبقة بعينها، وربما لا تُمنح المناصب الوزارية إلا لأشخاص من فئات مختارة. ولكي نتوخى الدقة في تشخيص رموز هذا الإقطاع، لابد من التعرف على ممارساته في الشرق الأوسط، والاستدلال عليها بالمؤشرات التالية:-
    •    يروجون لفكرة (التغيير) في مواسم الانتخابات، ويتشدقون بها لحين انتهاء فرز الأصوات، ومن ثم يعودون لتوزيع الحقائب والمناصب على بيادقهم القديمة المجندة وظيفياً لخوض معارك المحاصصة السياسية. 
    •    يسنون القوانين ويصدرون التشريعات التي لا تسري إلا على الأغلبية البائسة.
    •    يلجئون دائماً لتوظيف قوة الدولة في حماية أنفسهم بالمدرعات والمصفحات والأسلاك الشائكة ومواكب الحراسات المشددة.
    •    يحرصون أشد الحرص على اكتساب المزايا الدولية الثنائية، وربما تكون نسبة كبيرة منهم من أصحاب الجنسيات المزدوجة.
    •    يميلون دائماً نحو تشكيل ما يشبه التنظيمات السرية المسلحة، التي قد تأخذ صفة طائفية أو عرقية أو حزبية.
    •    قد يلجئون في إعادة بناء هياكلهم بمكونات غير مرئية، لها القدرة على التفكك والاختفاء ثم العودة للظهور ثانية بملامح مختلفة وبواجهات مختلفة.
    •    يتعاملون مع الحقائب الوزارية وكأنها حصة أو (غنيمة) يتحكمون بها كيفما يشاءون.
    •    وقوع التشكيلات الوزارية برمتها تحت تأثير هذا الإقطاع الجديد.
    •    إفراغ الديمقراطية من مدلولاتها الحقيقية، وتمييعها بجعلها لعبة تنافسية تتحكم بها القوى المتطفلة على الشعب.
    كان شيوخ الإقطاع يأمرون وينهون بكرباج الإقطاع، فصار السياسيون الإقطاعيون هم الذين يأمرون وينهون، فيعزلون ويوظفون ويستبعدون ويستعبدون كيفما يشاءون. فتحول الإقطاع المقترن بامتلاك الأرض إلى إقطاعٍ يقسم الصلاحيات والنفوذ حسب القوة التي يمتلكها مَنْ يحمل لقب (إقطاعي سياسي)، وهؤلاء لا تتجاوز نسبتهم 10% من التركيبة العامة لأي مجتمع متخلف، في حين تعاني الأغلبية المُغيبة من الفقر والتهميش. وهكذا ظل التفاوت الطبقي كما هو، فأبن الوزير له أضعاف امتيازات ابن الفقير، وأولاد الوزراء والمدراء والسفراء والنواب هم الأوفر حظاً في التعيين والتوظيف، وفي إكمال دراساتهم العليا في أرقى الجامعات العالمية، وفي التسلق المتسارع نحو المناصب العليا. بينما ظل ابن الفلاح وابن العامل في المراتب الخلفية المتراجعة.
    ربنا مسنا الضر وأنت أرحم الراحمين
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media