عادل عبد المهدي يهاجم الزعيم قاسم ويعّد لـ 8 شباط جديدة
    السبت 25 أبريل / نيسان 2015 - 11:02
    صائب خليل
    نشر في المدى تصريح عن لسان الوزير عادل عبد المهدي، يعزو فيه "تحول الاقتصاد العراقي من اقتصاد دولة لريعي الى "القوانين الجائرة" والتغييرات التي تعرضت لها الدولة العراقية منذ أكثر من خمسة عقود"!
    عندما ينشر تصريح لعبد المهدي فإن متابعي ملف النفط يقرأونه وأيديهم على قلوبهم، ويحاولون أن يستشفون من خلال "البالون" الجديد، الخطوة التالية لما يريده الأمريكان في الملف النفطي العراقي. وعندما يأتي ذلك البالون بعد زيارة العصابة إلى واشنطن، فأنه يكتسب أهمية إضافية وقلقاً ذو مستوى أعلى.
    قال عبد المهدي بأن "التغييرات التي حصلت في بنية الدولة العراقية منذ أواخر الخمسينات وبدايات الستينات خربت الكثير من البناءات التي حصلت سابقاً". وأكد "حرص الوزارة على توظيف كل الجهود التي تصب في مصلحة القطاع النفطي والإسراع بالنهوض بالصناعة النفطية وزيادة الإنتاج وتعظيم الصادرات وبما ينعكس بالإيجاب على الإيرادات"، لافتاً إلى أن "الوزارة سارعت بتوفير الأرضية المناسبة لمواكبة زيادة الإنتاج النفطي وإيجاد الاحتياجات اللوجستية اللازمة لـتطوير شبكة النقل النفطي، وإيجاد آلية لمنح الاستثمارات العالمية للمصافي المحلية"..(هكذا نشرت).(1)

    هذا ما قاله الرجل الذي يصيبك بالصدمة لكثافة الأحاييل والمؤامرات التي يستطيع ضغطها في عدد محدود من الكلمات! لنقرأ خطاب عبد المهدي ببعض التأني ونخضع عباراته للمراجعة.
    أولاً، الإقتصاد العراقي لم يتحول من إقتصاد دولة إلى إقتصاد ريعي، لأن الإقتصاد الريعي هو نوع من اقتصاد الدولة! وإن كان عبد المهدي ينوي تغيير هذا الإقتصاد الذي يحتوي على نقاط ضعف أكيدة، فيفترض أن نجد في جمله ما نفهم منه أن لديه خطة لتقليل الإعتماد على النفط (الخام) أما من خلال تصنيعه أو من خلال صناعات أخرى. لكننا لا نجد في خطاب المهدي سوى الحديث عن زيادة سرعة بيع هذا النفط واستهلاكه وهذا لا يزيد الإقتصاد إلا اعتماداً عليه، وعلى ريعه. أما "منح المصافي إلى الإستثمارات العالمية" فهو كلام عام لا يصح إطلاقه هكذا، وكأن الإستثمارات العراقية مرفوضة مسبقا لأي مصفى. وعلى أية حال فلا تغير هوية المستثمر من طبيعة الإقتصاد الريعية، (إلا نحو الأسوأ إن كانت أجنبية، حيث تزداد قلة استقرار الموارد). وإن كان العراق قد زاد اعتماده على "ريع" النفط "منذ اواخر الخمسينات" كما يفهم من عبد المهدي، فلأن عبد الكريم قاسم قام بتأميم الأراضي غير المستثمرة بالقانون رقم 80، والذي تم التفاوض عليه في الخمسينات وأقر في 61، وبعد 11 عاماً قام البكر بتأميم ذلك النفط، وتسببت تلك "القوانين الجائرة" التي تحدث عنها عبد المهدي، بزيادة كبيرة جداً في مدخولات العراق من النفط!

    ماالذي يزعج عبد المهدي في ذلك؟ الذي يقرأ التاريخ يعلم جيداً أن عبد الكريم قام بإصلاحات إقتصادية عظيمة خلال سني حكمه القصيرة على المستوى الإجتماعي والإقتصادي، ووضع الأسس لصناعة وطنية متطورة، ثم تطورت تلك الصناعة إلى حد بعيد في السبعينات وما تزال آثارها التي بدأت بالإضمحلال منذ الإحتلال الأمريكي ومعه مؤامرة الإنفتاح الإقتصادي وحرية السوق، لتدمير إنجازات "أواخر الخمسينات" وأوائل السبعينات! لكن دهشتنا تزول عندما نتذكر ان عبد المهدي لم يكن سوى أحد رجال الحرس القومي الذين قاموا بمذبحة 63 وقتل الزعيم وتدمير العراق.. وهاهو اليوم يهاجم ضمناً عبد الكريم قاسم حين يتحدث عن قوانينه الجائرة التي يحملها الإضرار بالإقتصاد العراقي بكل وقاحة وصفاقة رغم كل المعطيات المعاكسة!

    كأي بالون لجس النبض، فإن محتوى تصريح عبد المهدي هو الهواء والمراوغة! فماهي "مصلحة القطاع النفطي"؟ هل هناك "مصلحة" للقطاعات"؟ أم أنها محاولة للإلتفاف على العبارة الصحيحة : "ان تحرص الوزارة على سياسة تجعل القطاع النفطي في مصلحة الإنسان العراقي"؟ فليس صحيحاً أن المصلحتين متناظرتان، فمصلحة الإنسان العراقي ليست في انتفاخ القطاع وتضخمه، بل هي في أن لا يستخرج ويباع من النفط إلا بقدر حاجته وما تتطلبه حماية الأسعار وقدرته على استعماله في تنمية ذاته ووطنه، وهذه القدرة ليست مطلقة، بل هي محدودة تماماً، في بلد تعجز الوزارات والمحافظات عن تصريف حصصها المالية في كل ميزانية حتى اليوم! و "مصلحة الإنسان العراقي" هي في ترك كمية مناسبة من النفط للمستقبل وللأجيال التالية، وليس استخراجها وتبذيرها وتوزيعها على اللصوص أو استهلاكها بلا "وجع قلب". إذن تختلف مصلحة الإنسان العراقي عن "مصلحة القطاع النفطي"، إن فهمنا للقطاع "مصلحة" بنموه إلى أكبر حجم ممكن. لكن لنترك موضوع حجم استخراج وبيع النفط إلى مقالة أخرى ولنركز على بالون عبد المهدي عن "القوانين الجائرة" منذ أواخر الخمسينات، وما يكشفه ذلك لنا من مخططات مرعبة جاء بها من واشنطن هذا الوزير الذي فرض فرضاً على النفط،...

    لنفهم سبب تسمية  ما قام به عبد الكريم قاسم من قبل عبد المهدي بـ "القوانين الجائرة" دعونا نلقي نظرة على قانو رقم 80 المقصود، ونحاول أن نستشف من خلاله ما يمكن أن يزعج عبد المهدي منه والرغبة بإزالة آثاره كما يبدو. إنها فرصة لزيادة إطلاعنا على هذا القانون المهم في الإقتصاد العراقي. ولعل خير من نستشيره في هذا الأمر هو خبير النفط المصلاوي المخضرم الذي عايش قصة النفط منذ تلك الخمسينات التي تزعج عبد المهدي، الأستاذ غانم العناز(2) ومقالته "الزعيم عبد الكريم قاسم وسياسته النفطية أو القانون رقم (80) ” التي نشرها على صفحة الإقتصاديين العراقيين، والتي نلخص جزءاً كبيراً منها أدناه مع تعليقاتنا بين الحين والآخر. (3)

    يكتب الغنام "يعتبر القانون رقم 80 اول واهم قانون في تاريخ العلاقات بين العراق والشركات، في الفترة السابقة لقانون تأميم النفط في عام 1972 ، حيث استطاع فيه العراق لاول مرة من فرض ارادته على الشركات لاستعادة 99.5% من اراضيه."
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media