الشائعات.. أشد فتكاً من السلاح
    الأربعاء 29 أبريل / نيسان 2015 - 06:56
    عبد الحليم الرهيمي
    إعلامي ومحلل سياسي
    خلال الاسبوعين الاخيرين اطلقت شائعات او اخبار كاذبة – في معظمها – في محافظة الانبار وكان وقعها وتأثيرها السلبي على اهالي الانبار خاصة والعراقيين عامة كالقذائف الصاروخية المؤذية والمدمرة بل والأشد فتكا من أي سلاح.
    كان الخبر او الشائعة الاولى التي اطلقتها اجهزة اعلام "داعش" وروجت لها جهات سياسية واعلامية معروفة الاتجاهات والاجندات بأن القوى الارهابية الداعشية ستقوم بقصف مدينة الرمادي بالسلاح الكيمياوي وتفتك بالاهالي, الامر الذي دفع هؤلاء – كرد فعل طبيعي – الى النزوح الفوري وبعشرات الآلاف وربما بمئات الآلاف نحو بغداد خاصة ونحو مدن اخرى مثل كربلاء والحلة حيث استقبلهم اهالي هذه المدن بالحفاوة والترحيب وتقديم مايستطيعون تقديمه لهم من اغاثة ومستلزمات انسانية. واذ عبر هذا الموقف عن سلامة اللحمة الوطنية فقد عمل فحيح ذوي الاصوات المبحوحة على تبديد هذه الاجواء من خلال المتاجرة بمعاناة ومأساة النازحين باستغلالهم البشع لمسألة (الكفيل) التي لجأت اليها الجهات الامنية - كاجتهاد مصيب او خاطئ – لحفظ امن النازحين والمدن التي نزحوا اليها من عناصر داعشية مندسة تهدد امن الجميع حيث جعلت تلك الاصوات ووسائلها الاعلامية تلك المسألة وكأنها هي الجريمة وليست شائعة "داعش" وهروب الاهالي
     ونزوحهم .
    غير أن مسارعة السلطات المعنية الى تسهيل اوضاع النازحين ثم العمل على تبديد مخاوفهم ودفع غالبيتهم للعودة الى بيوتهم واراضيهم قد اسقط بيد اصحاب الشائعة المغرضة والمفبركة ووجه لهم لطمة موجعة حيث افشلت الدوافع السياسية والطائفية التي عملت على استغلالها تلك الجهات لمصالحها الذاتية
     والفئوية.
    اما الخبر – او الشائعة – المفبركة الثانية التي تكشفت مراميها واهدافها خلال ايام قليلة والتي اطلقت بعد نحو اسبوع من الشائعة الاولى , فهي خبر – شائعة – حدوث ما سمي بـ(مجزرة الثرثار) التي تمت على يد "داعش" والتي ذهب ضحيتها 142 جنديا عراقيا اضافة لاستشهاد ضابطين كبيرين هما العميد الركن قائد الفرقة الاولى والعقيد الركن قائد اللواء فيها. وفي حين انتشرت هذه الشائعة كانتشار النار في الهشيم واستغلها البعض ابشع استغلال في محاولة لخلط الاوراق او تصفية حسابات, نفت الحكومة وكذب الناطق باسم القوى الامنية حصول تلك المجزرة واشاروا الى قيام "داعش" بتفخيخ اربع مدرعات تفجرت بعمل انتحاري بالقرب من الضباط الشهداء والتي راح ضحيتها معهم ايضا نحو ثلاثين ضحية مابين شهيد وجريح. ورغم تكذيب وزير الدفاع بدوره لهذه الشائعة في مؤتمر صحفي لكن العاملين على استغلالها واصلوا توجيه الادانات والاتهامات لبعض القادة في المؤسسة العسكرية والامنية على خلفية مابثته تلك
     الشائعة.
    غير ان الرد الحاسم على هذه الشائعة والذي مثل لطمة موجعة ايضا لمن عمل على استغلالها والمتاجرة بدماء الشهداء – الاحياء – المحاصرين والمقاومين لـ"داعش" في الوقت نفسه هو قيام القوات الوطنية العراقية من قوات جوية وبرية من الجيش والقوى الامنية بعملية نوعية مشتركة استعادت فيها ناظم التقسيم في الثرثار والتي قادها الفريق اول قائد سلاح الجو العراقي بعملية انزال وتحرير الجنود المحاصرين وهم صامدون في التصدي لـ"داعش" حيث تحدث قائد سلاح الجو قائد العملية عن كيفية تحرير الجنود المحاصرين الذين تحدثوا بدورهم عن صمودهم تحت الحصار وكيف تم تحريرهم رغم ان المتاجرين بدمائهم والمستغلين لمحنتهم قد اقاموا لهم سرادق العزاء والحزن وربما تمنوا بأن يكون قد تمت تصفيتهم على يد "داعش" كي يواصلوا متاجرتهم بدمائهم
     ومأساتهم!!
    وهكذا تبدو الشائعتان والتداعيات التي نتجت عنها سياسيا وانسانيا قد تم الرد عليها وفضحها وكشف مآربها لتخويف المواطنين واحباط معنوياتهم وكذلك في التأثير على الانتصارات التي تحققها قواتنا الوطنية المسلحة بكل صنوفها على
     "داعش".
    لقد وصف رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي في كلمته خلال الحفل التأبيني الذي اقيم السبت الماضي في ذكرى استشهاد السيد محمد باقر الحكيم "ان حرب الشائعات المغرضة والمفبركة اكثر فتكا من السلاح, فضلا عن انها تحبط المعنويات".
    ان عملية نسور الجو النوعية في تحرير الجنود المحاصرين في ناظم التقسيم في الثرثار ينبغي ان تكون درسا ليس فقط لمطلقي الشائعات فحسب وانما ايضا للمروجين لها بكل حماس والمتاجرين بمعاناة ومآسي العراقيين.

    "الصباح"
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media