المنهاج في تصحيح المسار السياسي الراهن
    الأثنين 25 مايو / أيار 2015 - 00:33
    محمد سعيد المخزومي
    كل يوم له ما بعده، وكل أمر له ما يترتب علية، والنتائج من سنخ المقدمات. فالصواب لا ينتج غلطا، والصحيح لا يصنع إلاّ صحيحا مثله. فلم تكن ساعات الايام وحدات زمنية لتذهب سدى، ولا المواقف مهما كان لونها ونوعها لتتناثر متلاشية في الهواء هباءً منثورا.
    الحياة وحدات زمنية ومواقف مترادفة وافعال واقوال ومشاريع ومبادرات يترتب بعضها فوق بعض لتنتج إما صرحا عفنا أو تِبْراً يذهب بالعقول.
    ولأن السياسيين يتبوءوا مقام ادارة شؤون الناس. فقد وجب أن تكون خطواتهم وافعالهم وتصريحاتهم ومواقفهم محسوبة بالحساب الرياضي الدقيق، وإلا فعاقبة الأمور تكون خُسرا.
    العراق الحبيب وما يمر به من عواصف هو من نتاج مقدمات سيئة لرجال سيئين ومواقف سيئة كذلك.
    المطلوب التصحيح العاجل والعمل الحازم بالمنهج الصحيح، وهذا ما لا يطيقه إلاّ المصلحون وليس المستوظفين الحائفين، أو الموظفين الخائفين.
    التصحيح يحتاج إلى توفير قاعدة نفسية راقية وعلمية فائقة ليضع الحاكم السياسي الأمور مواضعها دون عجلة أو تأخير، ودون تزمت وتشدد، أو ضعف ووهن ، وقد بيّن أمير المؤمنين عليه السلام هذه القاعدة فقال:
    ( وإيّاك  والعجلة بالأُمُور قبل أوانها.  أو التّسقُّط فيها عند إمكانها . أو اللّجاجة فيها إذا تنكّرت. أو الوهن عنها إذا استوضحت، فضع كُلّ أمرٍ موضعهُ، وأوقع كُلّ أمرٍ موقعهُ ).
    فتوفرت تلك الأرضية في شخصية الحاكم والمتصدي يدفعه إلى إتخاذ قرارات شجاعة حازمة حاسمة عاجلة منها:
    القرار الأول : انتخاب الوزراء الصالحين بدقة ورؤية
    الوزير من يستعين به الحاكم في توزيع مهام ادارة شؤون الناس، إذْ لا يمكنه مباشرة الأمور بنفسه كلها لذلك وجب على الحاكم أن يستوزر معاونين يكونون له وزراء في ادارة البلاد ورعاية شؤون العباد.
    على أن يخضع الوزراء إلى بعض المؤهلات الأساسيين، إلى مواصفات نفسية متميزة، وتمكين علمي كفوء. الأمر الذي ترشح منه المواصفات الشخصية الراقية بحيث:
    أولاً: يجب أن لا يكون  الوزير من اعوان النظام البائد، لأن من اعتاد الفساد لن يكون مصلحا في يوم وليلة، ومن امتهن الظلم لا يمكنه العدل، ومن جُبِلتْ نفسه على الفسق لن يكون من المصلحين.
    لذلك وجب أن لا يتخذه الحاكم وزيرا وإن كان ذو اختصاص، لأنه يفسد ويغدر ولا يصلح حيث ( إنّ شرّ وُزرائك من كان للأشرار قبلك وزيراً ) كما قال أمير المؤمنين عليه السلام .
    ثانيا: لا تستوزر من كان عونا للظالمين في الموبقات (ومن شَرِكَهُم في الآثام) كما قال أمير المؤمنين عليه السلام. لأن النفوس وما نشأت علية.
    فمن نشأ على الظلم والفساد لا يمكن الاعتماد عليه في صناعة العدل والاستقرار. وإذا وُجد خبير كان في دوائر الظالمين ولم يكن فاسدا فذلك استثناء نادر قد يكون كمؤمن آل فرعون أو الفتية الذين آمنوا بربهم فزادهم الله هدى، وأولئك استثناء وليسوا قاعدة.
    ثالثا:أن يدقق الحاكم في ترشيح وزراءه ولا يصبح كمن يلبس ثوبا قد لبسه من به جَرَبٌ فينتقل الجَرَبَ إليه فيفسد عليه سلامته واستقراره، لأن أقرب الناس إلى الحاكم وزيرهُ، قُرْبَ البطانة من الجسد، الأمر الذي يوجب التدقيق عند انتخاب الوزراء كما قال أمير المؤمنين عليه السلام (فلا يكُونُنّ) الفاسد ( لك بطانةً فإنّهُم أعوانُ الأثمة وإخوانُ الظّلمة ) .
    ومع ذلك فإن ثمة حقيقة يغفلها أو يتغافلها الكثير من السياسيين وهي عقدة الجمع بين الكفاءة العلمية والكفاءة الشخصية، فيسرعون إلى الكفاءة العلمية على حساب الثانية(علما أن الخبرة أمر مطلوب) لكن الخبرة غذاء في وعاء، وهل ينفع الغذاء الصالح إذا كان في اناء متنجس قذر؟؟.
    الحق لا يخبر بوجود هكذا عقدة.
    العقدة في وعي السياسيين لطبيعة الحياة التي من شأنها معدنا لنفائس الرجال، وجواهر العقول، وفرائد النفوس التي لا تظهر لِعيون السياسيين المنغلقين على تحزبهم السياسي أو القومي أو الطائفي، وقد عبّر عن هذه الحقيقة أمير المؤمنين عليه السلام  يوم أكد على تفادي إستيزار من كان وزيرا أو مشيرا للظلمة وأعوانهم وإن كان كفوءاً في اختصاصه، لأنك إن انت تخليت عنهم فإنما:
    ( أنت واجدٌ منهُم خيرَ الخلف، ممّن لهُ مثلُ آرائهم ونفاذهم ، وليس عليه مثلُ آصارهم  وأوزارهم  وآثامهم ممّن لم يُعاون ظالماً على ظُلمه، ولا آثماً على إثمه).
    وأولئك يخففون على الحاكم المئونة، فلا يبهضون الميزانية ولا يسرقون البلاد، بل يكونون له نعم العون في الشدة، فلا يخونون، ولا يهربون، ولا يتآمرون.، لأن (أُولئك أخفُّ عليك مئُونةً  . وأحسنُ لك معُونةً  . وأحنى عليك عطفاً . وأقلُّ لغيرك إلفاً، فاتّخذ أُولئك خاصّةً لخلواتك  وحفلاتك) كما قال أمير المؤمنين عليه السلام .
    فهؤلاء الذين يجب أن يتخذه الحاكم وزيرا ومشيرا.


    القرار الثاني: تحديد المستشار الشجاع الصادق
    عادة ما يتخذ الحاكم السياسي بطانة يسترشد برأيها فتشير عليه بما ينفع مرةً وأخرى بما يضر والناس معادن. فالمعادن النفيسة هم ذووا العقول المتوقدة التي سحقت في ذواتهاالخصال النفسية الرديئة، حتى وجب أن يكون المشيرُ كريمَ النفس، غير بخيل ولا حريص، ولا أناني ولا رخيص.
    لذلك قد قال أمير المؤمنين عليه السلام: ( ولا تُدخلنّ في مشُورتك بخيلا يعدلُ بك عن الفضل  ويعدُك الفقر . ولا جباناً يُضعفُك عن الأُمُور . ولا حريصاً يُزيّنُ لك الشّره بالجور، فإنّ البُخل  والجُبن  والحرص غرائزُ شتّى يجمعُها سُوءُ الظّنّ باللّه) .
    وعادة ما يفسد أولئك الادارة، ويزجوا الحكم في ازمات، ويلوثوا السياسة بما يشينها، فلا يرتقي بهم حُكمٌ، ولا ينجح بهم حاكم.
    إذن يجب أن يشاور الحاكم العقلاء والاُصلاء الأقويا نفسيا من ذوي الاحساب والانساب وأهل النخوة والشجاعة والتاريخ الحسن والسمعة الطيبة في الناس,
    القرار الثالث: تطهير غير الكفوئين من أمراء البلادا(لمحافضين)
    لا تجعلوا في مقام خدمة الناس خبيثا متصيدا، أو خائفا جبانا، أو مُعتاشا طامعا يفكر بما يرصد ويحصد من منصبه ومقامه. فيجب تطهير مفاصل القرار والادارة من المعتاشين، والتخلص من خدعة (المصالحة) مع المفسدين والنفعيين. فمن ثبت عليه بالجرم المشهود من كان رقم هاتفه مع الارهابيين، أو مع المتآمرين من خارج البلاد، وثبت عليه الدليل بالتواطؤ مع المفسدين، أو دافع عنهم، فهو مفسد لا مكان له في موقع ادارة شؤون الناس، لكونه يفسد ولا يصلح، ويغدر ساعة العسرة.
    إذن انتخبوا الأكفأ وليس الأرداء، ولا تتصالحوا مع الأسواء، بل تصالحوا مع انفسكم، ومع أبناء الوطن ممن يعملون بالمجّان ولا يريدون من ذلك من أحد جزاء ولا شكورا.
    ولذلك قالها أمير المؤمنين عليه السلام:(انظُر في أُمُور عُمّالك ) وهم المحافظون ومن بيدهم مصائر الناس وارزاقهم ومعائشهم وأعراضهم وأمنهم واستقرارهم، فحدَّدَ عليه السلام كيفية الانتخاب قائلا:
    (فاستعملهُمُ اختباراً ) بالتجربة، (ولا تُولّهم مُحاباةً وأثرةً ) بتوافق سياسي أو مصالحة حزبية أو محاصصة سياسية، (فإنّهُما) يعني المحاباة والاثرة (جماعٌ من شُعب الجور والخيانة) فيكون السياسي متورطا بالخيانة في حق المقام الإلهي الذي تبوأ، والجور على الشعب الذي انتخب.
    (وتوخّ منهُم أهل التّجربة والحياء، من أهل البُيُوتات الصّالحة، والقِدَمِ في الإسلام) ومن هُم في الطليعة (المُتقدّمة فإنّهُم : 1) أكرمُ أخلاقاً  2) وأصحُّ أعراضاً  3) وأقلُّ في المطامع إشراقاً  4) وأبلغُ في عواقب الأُمُور نظراً) .
    ثم الحذر كل لحذر من انتخاب السيء وتفضيل الأسواء، للقانون القائل ( أنه لا ينبغي أن يكون الوالي على الفروج والدماء والمغانم والأحكام وإمامة المسلمين:
    1.    البخيل فتكون في أموالهم نهمته .
    2.    ولا الجاهل فيضلهم بجهله .
    3.    ولا الجافي فيقطعهم بجفائه.
    4.    ولا الحائف للدول فيتخذ قوما دون قوم .
    5.    ولا المرتشي في الحكم فيذهب بالحقوق ويقف بها دون المقاطع .
    6.    ولا المعطل للسنة فيهلك الأمة )   .
    إذن لا تُقلدوا الصغارَ ملابسَ الرجال فيتعثرون بها حتى يخربوا البلاد ومن عليها.
    ولقد قيل لحكيمٍ: (ما بال انقراض دولة آل ساسان ؟
    قال : لأنهم استعملوا أصاغر العمَّال على أعاظم الأعمال فلم يخرجوا من عهدتها ، واستعملوا أعاظم العُمّال على أصاغر الأعمال فلم يعتنوا عليها، فعاد وفاقُهم إلى الشتات ونظامهم إلى التباب) . والتباب هو الفساد والخسران. فتعيين الأردأ وترك الأكفأ سبيل زوال الملك.

    القرار الرابع: تعيين القيادات العسكرية الصالحة
    هناك حقائق يجب عدم التغافل عنها:
    الأولى: الجيش درع الأمة الحصين
    والإنسان من دون درع يقيه يكون مكشوفا للمخاطر، والوطن من دون جيش مخلص يصبح عُرضةً للتهديد، لذلك يجب إحترام مقام الجيش المخلص للوطن، المدافع عن المواطن، الحامي لحياض لمواطنة، والمدافع عن أمن الناس واستقرارهم.
    حيث لا قيمة لنظام من دون مجتمع، ولا مجتمع من دون حماية، ولا حماية إلا  بالجيش أو الجند كما قال أمير المؤمنين عليه السلام :
    ( فالجُنُودُ بإذن اللّه حُصُونُ الرّعيّة). وكلمة بإذن الله تعني أن الجيش لا يكون حصنا للرعية إذا لم يأذن الله، والله تعالى لا يأذن إذا لم يكن للجيش غَيرةً على العقيدة والوطن والمواطن. لأن الجيش إذا فقد الغَيرة صار عدوا لله والانسان وخائنا الوطن. والاعتماد على عدو الله خسران لأن ( من انتصر بأعداء الله استحق الخذلان) كما قال أمير المؤمنين عليه السلام. 
    ثم أن الجيش الغيور علامة نجاح الحاكمين (وزينُ الوُلاة) وحمايةُ للهوية (وعزُّ الدّين) وطريقُ الاستقرار ( وسُبُلُ الأمن)، فالجيش عنصر حماية الرعية، ولا حُكم بدون رعية (وليس تقُومُ الرّعيّةُ إلا بهم) كما قال أمير المؤمنين عليه السلام . .
    الثانية: يجب أن تخضع قيادة الجيش لشروط المواطنة
    لأن الجيش درع الوطن، وحصن المواطن، وجب أن يخضع تعيين قياداته على أساس المواطنة فحسب، لا على أساس التصنيف الطائفي أو القومي أو القبلي أو الحزبي، ولهذا الأمر شروط.
    أما شروط المواطنة فهي:
    الشرط الأول: تشخيص هوية المواطن
    الناس إما مواطن يعمل البلد أو مفسد يخرب الوطن، ويفسد على المواطنين حياتهم.
    ومن ثبت بالدليل الظاهر أن شخصا ما، سواء كان في الحكم أو خارجه، بأنه مفسد على الناس حياتهم، أو اعان المفسدين، أو صار اداة إعلام لهم، فقد أخرح نفسه عن دائرة المواطنة، عندها يجب تقنين معاقبة المفسدين، كما يجب على القضاء حماية الناس بمحاكمة المفسد، كذلك على السلطة التنفيذية تنفيذ القرارات من دون المداهنة بذريعة خدعة المصالحة الوطنية مع المفسدين، أو رعاية لاستقرار البلاد، ذلك أن المفسدين ارتكبوا كل محذور، وهتكوا كل مستور، وانتهكوا كل حرمة، وتعدوا كل حد، فلم يبق من شيء لم يفعلوه، أو يُراعى جانبه.
    وما هذا الذي جرى إلاّ محاباة لأعداء الوطن، ومصالحةً مع لمفسدين.

    الشرط الثاني: تحكيم الحاكم وجدانه في تعيينه قادة الجيش
     بحيث يُعيِّن الحاكم قادة الجيش إعتمادا على تحكيم وجدانه فيما بينه وبين الله على أساس الوفاء للمنصب الإلهي الذي تبوأ، لأنه مقام ادارة شؤون عباد الله الذي يجب أن لا يكون إلا لحفظ حياة الناس ومصالحهم وإصلاح أمورهم، وكما أمر أمير المؤمنين عليه السلام بِقَولهِِ (فولّ من جُنُودك أنصحهُم في نفسك للّه ولرسُوله  ولإمامك) .
    الشرط الثالث: التاريخ الصالح للقائد العسكري
    إذ يجب أن لا يكون القائد العسكري خبيثا حقودا، بل سليم القلب نقي الطوية، طاهر النية، وعلى حَدِّ قول أمير المؤمنين عليه السلام (وأنقاهُم جيباً) ونقاء الجيب سلامة القلب وخلو الصدر من الحقد والضغينة، لكونه امينا على نفوس الجنود، وأرواح المواطنين، ومصالح الوطن.
    وهذا ما يمكن تشخيصه من تاريخ الرجال واقوالهم وأفعالهم الدالة على صدق نواياهم أو خبثها. لأن الخبيث يفسد الوطن ويقتل المواطن.
    وهذا هو الحق(فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ).
    الشرط الرابع: المواصفات النفسية العالية لقادة الجيش
    إذ يجب أن يتمتع قادة الجيش بمواصفات نفسية عالية ومقومات شخصية رفيعة، كالحلم، بل يكون من احسنهم عقلا (وأفضلهُم حلماً) فلا يتهور عند الغضب بل يتأنى، حتى يكون (ممّن يُبطئُ عن الغضب)  فيتسامح مع الناس(ويستريحُ إلى العُذر) ويحترم الإنسان (ويرأفُ بالضُّعفاء) فلا ينقاد للقوي على حساب الحق ( وينبُو على الأقوياء)، ولا يتأثر بتهييج أهل الانفعال، فيكون ثابت الجنان (وممّن لا يُثيرُهُ العُنفُ)، حازما في الأمور (ولا يقعُدُ به الضّعفُ) فتضيع عنده الفرص، بل قويا لا يهدم قراره الوهن ولا يسقطه العنف لأن له (حزم في لين) كما قال أمير المؤمنين .
    الشرط الخامس:أن تشهد سيرته على كرم نفسه وطيب سجيته
    بحيث يكون الوزراء والمستشارون وقادة الجيش والمعاونون من المعروفين في الوسط الاجتماعي على أنهم من أهل السوابق الحميدة، وأهل الشجاعة والنخوة والنجدة، وليس الدناءة والخسة وممارسة دواني الأمور .
     كما أوصى أمير المؤمنين عليه السلام الحاكم العام بالقرب من هذه المعادن النفيسة إلى درجة الالتصاق وليس التجافي عنهم لعدم انتمائهم لحزبه أو رهطه وقومه، فقال:(ُثمّ الصق بذوي المُرُوءات، والأحساب، وأهل البُيُوتات الصّالحة، والسّوابق الحسنة، ثُمّ أهل النّجدة والشّجاعة، والسّخاء  والسّماحة) وذلك لأنهم  ( جماعٌ من الكرم  وشُعبٌ من العُرف ) وأنهم معادن التغيير، ومصادر التأثير، وصُنّاع المواقف الناجحة، ورواد المبادرات الناضجة، وهذا ما يحتاجه الحاكم .

    القرار الخامس : الاهتمام بحصن الأمة ( الجيش الحشد الشعبي)
    وبعد انتخاب الاصلح لقيادة الجنود وزعامة الجيش يجب تطويره والاعتناء به كما الاعتناء بالحشد الشعبي لأنه طليعة حصون الرعية المتميزة، فيجب:
    أولا: دعم ( حصون البلاد) 
    وذلك بدعمهم بكل ما يحتاجون لأداء دورهم الرسالي المقدس في حماية الوطن والدفاع عن الشعب. دعما يشمل كافة المجالات كما أوصى أمير المؤمنين عليه السلام  القائد العام بقوله:( ثُمّ تفقّد من أُمُورهم ما يتفقّدُ الوالدان من ولدهما) سواء الدعم العلمي والعملي، أو المالي والفني .
    ثانيا: محاكمة من يتطاول على ( حصون البلاد)
    إذ تجب حمايتهم من كل أنواع التعدي والتسقيط، وملاحقة الأبواق التي تنال منهم وتطعن فيهم، لأن التعدي على دفاعات الوطن خيانة للوطن واصطفاف إلى جانب العدو.
    وذلك بموجب قانون:( ثُمّ تفقّد من أُمُورهم ما يتفقّدُ الوالدان من ولدهما)، إذ كما يدافع الوالدان عن ولدهما، ويلاحقون من يتعدى عليه كذلك يجب على الحاكم الدفاع عن الجيش العقائدي والقوى المساندة له (الحشد الشعبي).
    من هنا وجب سن قانون ( قدسية الحشد الشعبي) لكون مسؤوليته مقدسة، فيصبح المتطاول عليه تعديا على قدسية القانون وقدسية الوطن، وهذه خيانة عظمى بحد ذاتها.
    ثالثا: تطوير ( حصون البلاد)
    لأن الحشد الشعبي القوة القاصمة للعدو، والجيش الحامي للوطن فقد وجب تطويره عسكريا بشكل متميز بجعله قوة رسمية، ثم منح قادته رُتبا عسكرية، ذلك أن من عادة ضباط الجيوش أن يدخلوا دورات تدريبية ويخوضوا معارك افتراضية حتى إذا نجحوا يُمنحون الرتب العسكرية اللائقة بهم، بينما قادة الحشد الشعبي قد دخلوا ميادين قتال فعلية وليست افتراضية، ودافعوا عن الوطن دفاعا ميدانيا حقيقيا، وحرسوا البلاد من الانهيار، فهُم أجدر أن يُمنحوا رتب الضباط المتفوقين في الجيش، وهذا من مصاديق قانون التوصية بالجيش أنْ:(تفقّد من أُمُورهم ما يتفقّدُ الوالدان من ولدهما)، لأن من شأن الوالدين العمل على تطوير الأبناء وإظهار تفوقهم ووضعهم مواضعهم اللائقة بهم.
    القرار السادس: القائد العسكري الكفوء يرى مصلحته وجُنده سواء
    بحيث يجب أن يكون القائد العسكري ناظرا إلى مصالح جُنده على انها مصلحته، فتندكّ مصلحته بمصلحة الجند، فلا يتركهم طُعما للعدو لقاء لأن يسلم هو، فضلا عن أن لا يخونهم.
    وينص على اندماج المصلحتين، القائد وجنده قانون: (وليكُن آثرُ رُؤُوس جُندك عندك من واساهُم في معُونته وأفضل عليهم من جِدته بما يسعُهُم  ويسعُ من وراءهُم من خُلُوف أهليهم حتّى يكُون همُّهُم همّاً واحداً في جهاد العدُوّ فإنّ عطفك عليهم يعطفُ قُلُوبهُم عليك ).
    وهذا يتطلب منه أن يكون على ثقافة عالية، وإخلاص صادق، وعقيدة راسخة بالله والانسان والوطن.
    وبما أننا في حال حرب ضروس يستعمل اعداؤنا فيه سياسة التوحش، فيجب على النظام السياسي الحاكم :
    الحزم والحسم مع الفاسدين المتمردين ممن لا يحترمون التحضر، ويعيشون الانانية والتوحش.
    وأن يُعيِّن وزراء ومستشارين وقادة جيش اكفاء شخصيا، وأقويا نفسيا حتى يكونوا من أفضل عَليّة القوم.
     ثم الدفاع عن الجيش العقائدي والحشد الشعبي بكل وجوه الدفاع.
    والملاحقة القانونية لمن يطعن بهم، لأننا في حال حرب، والجنود حصون الرعية ودرع البلاد.
    ثم معاقبة القيادات العسكرية المتورطة بالهروب أو الانسحاب من دون أمر مركزي لاعتبار ذلك هروبا من الزحف وخيانة عظمى بنص قوله تعالى:(وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) .
    وهذه خطوط حمراء لا يجوز التعدي عليها، كما لا يجوز التهاون بها.

    محمد سعيد المخزومي
    24/ 05/2015  ميلادية     المصادف  6/ شعبان/ 1436 هجرية
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media