التحالف الوطني المريض .. إلى الزوال غير مأسوف عليه
    الأحد 26 يوليو / تموز 2015 - 21:19
    أياد السماوي
    الإعلان الرسمي لموت التحالف الوطني الشيعي المريض , بات بحكم المؤكد بالرغم من كل المحاولات التي تبذل لإبقائه في حالة الموت السريري , فهذا التحالف ومنذ الإعلان عن ولادته بعد انتخابات 2010 , ولد كسيحا ومعوّقا ويفتقد لمقومات استمراره , والإنجاز الوحيد الذي أنجزه هذا التحالف المعوّق هو تشكيله الكتلة الأكبر في البرلمان العراقي وفق تفسير المحكمة الاتحادية العليا التي اعتبرت أنّ الكتلة الأكبر هي التي تدخل البرلمان في الجلسة الأولى وليس الكتلة الفائزة الأولى في الانتخابات , وقطعه الطريق على تحالف القائمة العراقية التي فازت بالمرتبة الأولى في الانتخابات من تشكيل الحكومة , ولم يكن لهذا التحالف عند تشكيله أي برنامج لإدارة مؤسسات الدولة السياسية والاقتصادية والأمنية , وليس هذا فحسب , بل أنّ هذا التحالف ومنذ ولادته كان يفتقد للحد الأدنى للتوافق والانسجام بين مكوّناته الأساسية , ائتلاف دولة القانون والائتلاف الوطني , بل إنّ الصراع بين الائتلافين كاد أن يؤدي إلى انهيار التحالف لولا قرار المحكمة الاتحادية العليا ببطلان الجلسة المفتوحة , والذي أدّى إلى القبول بمرشح ائتلاف دولة القانون نوري المالكي لرئاسة الوزراء , وتسمية إبراهيم الجعفري رئيسا للتحالف .

    وحين شكلّ نوري المالكي حكومته الثانية كانت المؤامرات تحاك ضدّه من كل جانب من أجل إفشال حكومته وإسقاطها , والتآمر الأكبر كان من داخل التحالف الوطني , وتحديدا من التيّار الصدري والمجلس الأعلى اللذان تعاونا مع الشيطان من أجل إسقاط حكومته , على أمل سحب الثقة من الحكومة وتكليف مرشحا آخرا من المجلس الأعلى يحظى بتأييد التحالف الكردي والتحالف السنّي اللذان أعلنا الحرب على حكومة السيد نوري المالكي , وكان من المفترض بعد إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة وبعد المصادقة عليها من المحكمة الاتحادية العليا , أن يدخل ائتلاف دولة القانون الجلسة الأولى للبرلمان بصفته الكتلة الأكبر في البرلمان العراقي , خصوصا بعد تصاعد موجة التصريحات المعادية والرافضة لتوّلي زعيم الائتلاف نوري المالكي رئاسة الوزراء للدورة الثالثة من قبل قادة المجلس الأعلى والتيّار الصدري الأعضاء في التحالف الوطني الشيعي , وكاتب هذه السطور كان أول من أشار إلى مخاطر العودة للتحالف الوطني , بل أول من حذرّ من العودة لهذا التحالف المريب , ففي يوم 20 / 5 / 2014 كنت قد نشرت مقالا تحت عنوان ( الخطوة اللاحقة بعد الفوز الساحق والعظيم ) وقد نشر في حينه في موقع عراق القانون والمواقع العراقية الأخرى , وهذا هو نص هذا المقال :

    ( قبل الدخول في موضوع الخطوة اللاحقة الأهم بعد الفوز الساحق , اتوجه بالتهاني والتبريكات الحارة لدولة رئيس الوزراء نوري كامل المالكي وائتلاف دولة القانون على هذا الفوز الساحق والعظيم , الذي عكس بصدق نبض وتوّجهات الشعب العراقي ورغبته الأكيدة في التغيير من خلال المضي قدما في مشروع حكومة الأغلبية السياسية , كما إنّ هذا الفوز العظيم قد عكس أيضا ثقة وحب الغالبية العظمى من أبناء الشعب العراقي لدولة رئيس الوزراء نوري كامل المالكي , ونهجه الساعي لبناء دولة القانون والمؤسسات . فبعد الانتهاء من مراسم تصديق نتائج الانتخابات العامة من قبل المحكمة الاتحادية العليا , وانتخاب رئيس لمجلس النوّاب ونائبيه ورئيس الجمهورية , تأتي خطوة تكليف رئيس الجمهورية لمرشح الكتلة الأكثر عددا , وبموجب تفسير المحكمة الاتحادية للمادة 76 أولا من الدستور العراقي , فإن الكتلة الأكثر عددا هي التي تتشّكل لاحقا داخل مجلس النوّاب , ولا تعني بالضرورة الكتلة الفائزة الأكثر عددا , وبموجب هذا التفسير الذي تمّ اعتماده في الدورة الانتخابية الماضية في تشكيل الحكومة , تحاول الكتل السياسية أن تتوّحد من أجل تشكيل الكتلة الأكثر عددا , وهذا حق ليس محصور بالفائز الأكبر ( ائتلاف دولة القانون ) , ومن الواضح جدا وبموجب ما افضت إليه نتائج الانتخابات البرلمانية التي اعلنتها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات , فإن فرصة تشكيل الكتلة الأكثر عددا محصورة تقريبا في ائتلاف دولة القانون والقوى السياسية المتحالفه معه , ومن المنطقي جدا أن يكون مرشح ائتلاف دولة القانون والقوى السياسية المتحالفة معه , هو الذي سيكلّف بتشكيل الحكومة القادمة , وخطوة تشكيل الكتلة الأكثر عددا هي الخطوة الأهم لقطع الطريق على الكتل السياسية الأخرى المناوئة والتي تسعى لذات الهدف . فالحراكات السياسية تؤكد , أنّ القوى السياسية الكردية اتفقت على أن يكون لها موقفا ووفدا موّحدا للتفاوض مع بغداد لتشكيل الحكومة , وكذلك الحال بالنسبة للكتل السياسية السنيّة التي تسعى هي الأخرى أن تتجمع بتكتل سياسي موّحد يمّثل المكوّن السنّي , ومن المنطقي جدا في ظل هذا الحراك السياسي أن يتحرك ائتلاف دولة القانون باعتباره المكوّن السياسي الأكثر تمثيلا للشارع الشيعي , باتجاه تشكيل التحالف الوطني الجديد القائم على أساس وزن كل مكوّن سياسي وما حصل عليه من مقاعد في البرلمان الجديد , وإذا ما أصرّت كتلتي المواطن والأحرار على موقفيهما وخطابهما اللامنطقي واللاعقلاني , فهذا يوجب على ائتلاف دولة القانون أن يتوّجه لتشكيل التحالف الوطني الجديد بدونهما , فالوقت حرج ولا مجال للدخول في مهاترات وجدال عقيم مع مراهقين صغار في عالم السياسة , فالمصلحة الوطنية العليا ومصلحة أبناء شيعة العراق تتطلب عدم الالتفات لمثل هذا الخطاب السخيف الذي يرفض خيار الشعب العراقي والتفافه نحو نوري كامل المالكي . فالذي يرفض خيار الشعب , عليه أن يذهب من هذه اللحظة للمعارضة في مجلس النوّاب , فالشارع الشيعي قد سئم من التصريحات الصبيانية التي يدلي بها أطفال السياسة الذين ابتلى بهم شيعة العراق , والذي يريد أن يلتحق أيضا بالصف المناوئ لخيار الشعب , فليذهب بدون زعيق و شوشرة , فالشعب قد قال كلمته النهائية في نوري المالكي ) .

    وفي يوم 19 / 7 / 2014 وجهت رسالة عاجلة لدولة رئيس الوزراء نشرت أيضا في موقع عراق القانون والمواقع العراقية الأخرى وهذا هو نص الرسالة :

    (السيد رئيس ائتلاف دولة القانون حصريا

      السيد نوري كامل المالكي رئيس ائتلاف دولة القانون المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته دولة الرئيس .. خطابي هذا موّجه لكم شخصيا باعتباركم رئيسا لائتلاف دولة القانون وليس بصفتكم رئيسا للوزراء , وهذا الخطاب يأتي بعد يوم واحد من الخطاب الذي وجّهته يوم أمس للسادة نوّاب دولة القانون والمتحالفين معهم , عبر وسائل الإعلام المقروءة وفحوى هذا الخطاب هو دعوتهم لعدم التصويت لمرشح التحالف الكردستاني , ما لم يكن مؤمنا بالثوابت الوطنية التي حددها الدستور العراقي والتي أشار إليها جنابكم الموّقر في كلمتكم الأسبوعية , مضافا لها شرطا آخر هو أن يقدّم التحالف الكردستاني ضمانا خطيا بالتصويت لمرشح الكتلة الأكبر في مجلس النوّاب والمتمّثلة بائتلاف دولة القانون وعدم الاعتراض على ترشيح دولتكم لمنصب رئاسة الوزراء , واليوم أتوّجه لدولتكم باعتباركم رئيسا لئتلاف دولة القانون بالدعوة للانفصال عن التحالف الوطني العراقي وإعلان ائتلاف دولة القانون الكتلة الأكبر في مجلس النوّاب العراقي , وهذه الدعوة لم تأتي من عاطفة أو موقف عابر , بل هي دعوة قائمة على متابعة دقيقة لسلوك كتلتي المواطن والأحرار منذ إنشاء التحالف الوطني العراقي عام 2010 وحتى هذه اللحظة , فمواقف هاتين الكتلتين كانت وعلى طول الخط تتسم تارة بالحقد والعداء وتارة أخرى بالتآمر على الحكومة من أجل إسقاطها , وتارة أخرى من خلال السعي لإفشال عملها من خلال وضع العصي في عجلتها , بالرغم من مشاركتهم في هذه الحكومة , ولا أريد أن أذّكر دولتكم بهذه الأمور فأنتم الأدرى بها وبتفاصيلها , ولعلّ آخر فعلة دنيئة ما قامت به الكتلتين في اجتماع مجلس النوّاب المخصص لانتخاب رئيس المجلس ونائبيه , وهذا دليل قاطع على ما يضمرونه من حقد وكراهية لائتلاف دولة القانون بشكل عام ودولتكم بشكل خاص , فاق كل التصورات , ومن المؤكد أنّ دولتكم يتابع باهتمام بالغ تصريحات قادتهم وما تتسم به من عدائية مفرطة خارجة عن كل حدود المنطق والأخلاق , وبعيدة عن كل شكل من أشكال الحرص على الوطن وما يمر به من تآمر يستهدف وحدته ونظامه الديمقراطي , بل أنّ بعض هذه التصريحات يرتقي إلى مصاف التأييد والاصطفاف مع الإرهاب في حربه على الوطن والمقدّسات . دولة الرئيس .. لقد حان الوقت لإعلان الانفصال عن التحالف الوطني العراقي وإعلان ائتلاف دولة القانون والمتحالفين معهم , الكتلة الأكبر في مجلس النوّاب العراقي , والتفاوض مع التحالف الكردستاني على منصب رئيس الجمهورية على هذا الأساس , دولة الرئيس .. إنّ الاستمرار في التحالف الوطني يعني توفير الفرصة لهم للتآمر على استحقاقكم الانتخابي الذي منحكم إياه أبناء شعبكم من خلال صناديق الاقتراع , وقد آن الأوان لنزع فتيل هذا التآمر والانصراف للتفاهم مع الآخرين على تشكيل الحكومة القادمة , وتيّقن دولة الرئيس أنّ تحالف القوى الوطنية والاتحاد الوطني الكردستاني غير مستعدّين للتفريط بالمناصب والوزارات من أجل عمار الحكيم ومقتدى الصدر , ولا أعتقد أنّ أحدا سيقول عنكم إنّكم قد فرّطتم بالتحالف الوطني , فالذين فرّطوا بهذا التحالف هم من أخرج مسرحية أحمد الجلبي والذين يرفضون استحقاقكم المتمّثل بحقكم الانتخابي وخيار الشعب لكم , في الختام أقول لكم دولة ارئيس سددّ الله خطاكم ونصركم على جميع أعدائكم وبارك في مسعاكم أياد السماوي / الدنمارك

    وفي يوم 12 / 8 / 2014 وبعد أن حدث ما حدث كتبت مقالا تحت عنوان ( التحالف الوطني .. الخطيئة التي قصمت ظهر نوري المالكي ) , وهذا هو نص المقال الذي نشر في موقع عراق القانون والمواقع العراقية الأخرى :

    ( من المؤكد أنّ المؤامرة التي انتهى آخر فصولها يوم أمس بانقلاب مجموعة من قيادات حزب الدعوّة الإسلامية بقيادة السيد حيدر العبادي وتكليفه من قبل رئيس الجمهورية فؤاد معصوم بتشكيل الحكومة القادمة باعتباره مرّشح الكتلة الأكبر ( التحالف الوطني ) , ما كانت لتنجح لولا الخطيئة الكبرى التي اقترفها ائتلاف دولة القانون ونوري المالكي تحديدا , بانضوائه تحت خيمة التحالف الوطني بتشكيلته السابقة , وكاتب هذه السطور ربّما يكون الوحيد أو من القلائل الذين حذرّوا من العودة لهذا التحالف بتشكيلته السابقة المعروفة , وهذا التحذير قد ورد في مقالات عديدة كان آخرها وأهمها المقال الذي كتبته في يوم 20 / 5 / 2014 تحت عنوان ( الخطوة اللاحقة بعد الفوز الساحق والعظيم ) , المنشور في عدد غير قليل من المواقع العراقية المعروفة , منها موقع عراق القانون والحوار المتمدن وموقع كتابات وموسوعة نينوى وموقع أخبار العراق وموقع أنباء العراق والعديد من المواقع الأخرى إضافة للعشرات الذين نشروا المقال على شبكات التواصل الاجتماعي الفيسبوك , وأنا واثق تماما أنّ خصوم السيد نوري المالكي قد تمّنوا أن يعمي الله بصر وبصيرة مساعدي السيد نوري المالكي وأن لا يوصلوا إليه هذا التحذير , وهذا الذي حصل فعلا , فلو كان السيد نوري المالكي قد قرأ هذه التحذيرات المخلصة , لما وقع في هذه الخطيئة القاتلة التي أدّت إلى قصم ظهره والتآمر عليه من خلال هذا التحالف اللعين .

    والسؤال المطروح أين هم مساعدوا السيد نوري المالكي من كل ما جرى من حوله ؟ وهل كانوا على علم بما يحاك ويخطط من تحت أرجلهم ؟ ولماذا أداروا ظهورهم لهذه التحذيرات , خصوصا أنها جميعا صادرة من أناس لا ناقة لهم ولا جمل بكل هذه الصراعات , والآن اقول للسيد نوري المالكي إنك قد خسرت معركتك السياسية , والمحكمة الاتحادية العليا لن تحكم لك أمام هذه الضغوطات الدولية والإقليمية والداخلية الهائلة , ولن تبطل قرار رئيس الجمهورية بتكليف السيد العبادي بتشكيل الحكومة القادمة , بعد هذا التأييد الدولي والإقليمي والداخلي لهذا التكليف , ونصييحتي المخلصة الأخيرة لك أن تنزع ثوب الإسلام السياسي وتخرج من قوقعة الأحزاب الإسلامية الفاسدة , وتؤسس كيانا سياسيا جديدا بعيدا عن قذارات الإسلام السياسي , إذا كنت لا زلت راغبا في الاستمرار في العمل السياسي , وبالنظر لأهمية المقال الذي تمّ تجاهله عمدا من قبل طاقم المالكي السيئ , أعيد نشره بالكامل , ليس من أجل إعادة الماء المسكوب للقدح , بل ليكون درسا وعبرة لمن يعتبر ) .

    وعلى ما يبدو أنّ قيادات الدعوة التي حاكت مؤامرة الانقلاب على الزعيم نوري المالكي , هي التي كانت تحجب عنه هذه التحذيرات والمناشدات , لأسباب تتعلق بالانقلاب , وهذا ما حدث فعلا , واليوم كل الدلائل تشير إلى أنّ التحالف الوطني المريض في طريقه إلى الزوال غير مأسوف عليه , فهل سيتدارك الزعيم نوري المالكي الخطأ الجسيم الذي وقع فيه في المرة السابقة ويتوّجه من هذه اللحظة لقيادة التحالف الشيعي الجديد ؟ أم أنّه سيبقى أسير القيادات التي تآمرت وانقلبت عليه تحت ذريعة وحدة الحزب ؟ إنّ الخط الجهادي المقاوم وفصائل المقاومة الإسلامية البطلة هي ميدانك وساحتك أيها الزعيم نوري المالكي , فلا تفرّط فيها هذه المرّة .

    أياد السماوي / المنتدى الإعلامي الحر في العراق
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media