ج 5 / التنوّع الكبير في الأحياء واللغات ! (قراءة في كتاب سحر الواقع The Magic of Reality عالم البايولوجي البريطاني / د. ريتشارد داوكنز)
    الأثنين 27 يوليو / تموز 2015 - 18:16
    رعد الحافظ
    كاتب عراقي مغترب مقيم في السويد
    مقدمة :
    قبل بضعةِ أيام زَفّت لنا وكالة ناسا للفضاء كشفاً جديداً يخّص كوكب جديد إسمه  كپلر ( B  452 Kepler ) !
    و(كپلر) هو إسم تلسكوب عملاق بدأ عمله قبل نحو  6 سنوات في البحث عن كواكب شبيهة بالأرض .وبالفعل عثرَ على أكثر من 4000 كوكب لحدِّ اليوم .(الرابط الأوّل) !
    المثير في الأمر أنّ هذا الكوكب (الذي يبعد عن مجموعتنا الشمسيّة بمسافة 1400 سنة ضوئية),هو أكبر من حجم كوكبنا الأزرق (الأرض) بـ 60% فقط ,ويتمتع بدرجة حرارة مماثلة للأرض ,كذلك تفصله عن شمسه مسافة مقاربة لما تفصلنا عن شمسنا.هكذا تستمر إنجازات العِلم!
    الآن نحنُ نعرف ما الذي سيقوله مشايخ الإسلام المهتمين بالإعجاز العِلمي أمثال زغلول النجار (نظراً لماضيه الأسود في هذا المجال).
    وهذا يُلخّص الفارق الأهمّ بين طريقي الحياة الرئيسة (العِلم والدين)!
    الأوّل يبحث ويجرّب ويعمل ليل نهار ليصل الى نتيجة تنفع البشرية.
    بينما الثاني يقول كلّ ذلك (بما فيه علماء الغرب الكافر ومختبراته وصواريخه),قد سخّرهم الله لخدمتنا كالدواب والبهائم !
    الآن أستمر معكم في قراءة الجزء الخامس من هذا الكتاب العلمي ,
    وسوف نبدأ بالإسطورة وننتهي بالعِلم حسب طريقة مؤلف الكتاب !
    ***
    ص 55 / فصل 3 ـ لماذا يوجد عدد كبير جداً من الحيوانات المختلفة؟
    أفضل الأساطير البشرية في هذا الصدد ,هي الإسطورة اليهودية عن برجٍ بابل التي تُعلّل التنوّع الهائل للـ (لُغات) !
    (ملاحظة : ثمّةَ تماثل بين تطوّر اللغات وتطوّر الحيوانات ,كما سنرى)!
    تقول تلك الإسطورة :
    في زمنٍ مضى كان كلّ الناس في جميع أنحاء العالم يتحدّثون لغةً واحدة
    وبالتالي إستطاعوا التعاون والعملَ معاً في تناغمٍ كبير لبناءِ بُرجٍ عظيم (هو برج بابل) آملينَ أن يصل بهم الى أعنان السماء !
    لاحظَ الربُّ عملهم وتسائل ماذا سيفعلون بعد ذلك ؟
    لذا قرّر أن يشوّش عليهم لغتهم لتصعب عملية التفاهم مع بعضهم !
    في الواقع لا توجد صلة بين الكلمة الإنكليزية babble  التي تعني بربرة أو ثرثرة / وبرج بابل Babel Tower
    راودني الأمل أن أجد إسطورة مماثلة تفسّر التنوّع الهائل للحيوانات .
    لكن لا يبدو هناك أيّ إسطورة من هذا النوع ,وهذا أمر مثير للدهشة !
    ***
    ص 58 / المرأة العنكبوت !
    في عشرينات القرن العشرين قامَ العالِم الألماني الشهير (إرنست ماير) بدراسة رائدة على طيور الأراضي المرتفعة في غينيا الجديدة .
    أوردَ قائمة تضّم 138 نوعاً ,ثم إكتشفَ (وقد إعتراه الذهول) أنّ لدى سكان القبائل المحليين في (بابوان) أسماءَ مستقلة لـ 136 نوع منها !
    ومع العودة الى الأساطير نجد :
    لدى قبيلة (هوپي)  Hopi في أمريكا الشمالية إلهه تُسمى المرأة العنكبوت. في إسطورة الخَلق المحليّة ,إقترنت تلك الإلهه ,بإله الشمس تاوا Tawa .أنشدا معاً كأوّل ثنائي غنائي (دويتو) أوّل أغنية سحرية !
    هذه الأغنية جلبت الأرضَ والحياة الى الوجود !
    حينئذٍ إلتقطت (المرأة العنكبوت) خيوطَ أفكار (تاوا) ثمّ نسجتها على هيئة مادةٍ صلبة ,لتخلق منها الأسماكَ والطيور والحيوانات الأخرى !
    ولدى قبائل أخرى في أمريكا الشمالية ,هي قبيلتي (پويبلو و نافاجو) إسطورة مُغايرة عن الحياة تشبه قليلاً نظرية التطوّر !
    فقد بزغّت الحياة من الكرة الأرضيّة ,كما يبزغ برعم النبات وينمو كمراحل مُتتالية .
    الحشرات قد صعدت من عالمها الأوّل (الأحمر) ,الى أعلى حيث العالَم الثاني (الأزرق) ,الذي تعيش فيه الطيور !
    حينئذٍ صار العالَم الثاني مزدحماً ,فإنتقلت الحشرات والطيور الى العالَم الثالث (الأصفر) حيث سكنى البشر والثدييات الاخرى !
    ولمّا إزدحمَ  العالم الثالث (الأصفر) بما يضّمه من مخلوقات عديدة كالحشرات والطيور والثدييات والبشر ,وصارَ الطعام شحيحاً,هبّوا
    جميعاً للإنتقال الى العالم الرابع (الأبيض والأسود) للنهار والليل !
    هنا كانت الآلهة قد أتمّت خلق (بشر) أكثر مهارة ,يعرفون كيف يفلحون العالَم الرابع ,وقاموا بتعليم القادمين الجُدّد كيف يؤّدون ذلك أيضاً !
    (في الواقع أجد هذه الإسطورة أقرب لحكاية المهاجرين الى الغرب) !
    ***
    ص 59 / تنوّع الأحياء !
    تكاد تكون إسطورة الخلق عند اليهود قريبة من الإنصاف لصالح التنوّع.
    لكن المشكلة أنّها لا تُحاول تفسير ذلك التنوّع !
    في الواقع يُقدّم الكتاب المُقدّس لليهود إسطورتين مختلفتين لعمليّة الخلق .
    في الإسطورة الاولى / خلقَ الله كلّ شيء في ستةِ أيام .
    في اليوم الخامس خلقَ الأسماك والحيتان وباقي الكائنات البحرية وطيور الهواء .وفي اليوم السادس خلقَ باقي حيوانات اليابسة بما فيها الإنسان .
    تؤّكد الإسطورة أنّ كلّ مخلوق كان (تابعاً لنوعهِ) .
    أمّا لماذا يوجد مثل هذا التنوّع ؟ فلأ أحد يخبرنا بذلك !
    في الإسطورة الثانية / هناك بعض الإشارات عن وجود فكرة لدى الإله عن حاجة الإنسان لتنوّع الرفاق !
    لذلك فبعد أن خلقَ آدم وحيداً ووضعهِ في الواحة الجميلة ,أيقن (أنّه من غير المناسب ترك الرجل وحيداً) ,لذلك ساقَ كلّ دابة للحقل وكلّ طير في الهواء ,وجلبهم لآدم ليرى ماذا سيسّمي كلّ كائن منها !
    ***
    ص 60 / لماذا توجد أنواع متباينة ومتعددة من الحيوانات ؟
    كانت مُهمة آدم في تسميّة جميع الحيوانات مهمة شاقة .وأكثر مشقة ممّا إستطاع اليهود (آنذاك) أن يتخيّلوه !
    تشير التقديرات العِلميّة الحديثة الى أنّ نحو (مليوني نوع) قد إتخذّت حتى الآن أسماءً عِلمية لها .لكن حتى هذا العدد هو ليس سوى جزء صغير من الكمّ الهائل لأنواع الأحياء اللازم تسميتها بعد !
    كيف لنا مع ذلك أن نُقرّر فيما إذا كان حيوانان ينتميان الى نفس النوع ,أم أنّهما ضمن نوعين مُختلفين ؟
    أينما تتكاثر الحيوانات جنسياً نستطيع أن نستنتج شكلاً من التعريف .
    إذ تنتمي الحيوانات الى أنواع مختلفة إذا كانت لا تتناسل معاً !
    وثمّة حالات غير مُحدّدة النوع مثل الخيول والحمير يمكنها التناسل معاً لتُنتِج ذريّة (تُسمى البِغال أو النِغال) التي تكون عقيمة,بمعنى أنّها لا تُنتِج ذريّة من نوعها .لذلك نضع الحمار والحصان ضمنَ نوعين مُختلفين !
    وعلى نحوٍ أكثر وضوحاً تنتمي الخيول والكلاب الى نوعين مختلفين كونها حتى لا تُحاول التكاثر معاً ,ولا تستطيع إنتاج ذريّة !
    لكن الكلب الإسباني ,وكلب الصيد الأورپي (بودلز) ينتميان لنفسِ النوع
    لأنّهما يتناسلان بعفوية ,والجِراء التي تنتج عنهما تتميّز بالخصوبة !
    ***
    ص 61 / الإسم العِلمي للأحياء !
    يتكوّن الإسم العِلمي لكل حيوان أو نبات من كلمتين (مقطعين) لاتينيين .
    تشير الكلمة الأولى الى جنس أو فئة النوع .
    وتشير الكلمة الثانية الى النوع المُفرَد داخل الجنس .
    فكلمةHomo Sapiens  إنسان عاقل .
    وكلمة Elephas Maximus  فيل ضخم / هما مثالان على ذلك !
    الآن كلّ نوع هو عضو في جنس ,فكلمة هومو (إنسان) هذا جنس ,بينما
    ساپينس هو (النوع) ويعني العاقل ,ليعني المصطلح كلّه الإنسان العاقل.
    وهذا الأخير هو النوع الوحيد الباقي حيّاً من جنسنا البشري !
    أمّا الحفريّات الأخرى (الشبيهة بالإنسان),فقد أعطاها العُلماء أسماءً مقاربة تشترك في المقطع الأوّل (يعني الجنس فقط من دون النوع) !
    مثلاً :هومو إريكتس  Homo erectus تعني الإنسان المُنتصِب .
    و هومو هابييليس Homo habilis   تعني الإنسان الماهر ,وهكذا !
    (أرفقتُ صورة ذات علاقة ربّما ستظهر لديكم) !
    الآن كلّ جنس ينتمي الى عائلة Family وعادةً يكتب بالحروف الرومانية الشائعة ,بشكل (حرف كبير في البداية) !
    مثلاً تُشكّل السنوريّات ــCats  التي تشمل (الإسود,الفهود,الأوشاق و عدد كبير من السنوريّات الأصغر حجماً)عائلة السنوريّات Felidae
    حسناً ,الآن كلّ عائلة تنتمي الى فصيلة Order  !
    مثلاً (القطط ,الكلاب,الدببة,الضباع ,إبن آوى) هذه تنتمي الى عائلات مختلفة ,لكنّها تنتمي لنفس الفصيلة ,هي آكلة اللحوم Carnivora  !
    كذلك القرود,النسانيس (بضمنها الإنسان),الليمور ,هذه تنتمي الى عائلات مختلفة لكنّها تقع ضمن فصيلة واحدة هي الثدييات Primates  !
    والآن .. كلّ فصيلة تنتمي الى طائفة Class  !
    بالطبع جميع الثدييات تقع في طائفة واحدة هي الـ Mammalia
    السؤال الآن هو :
    هل تستطيع تخيّل شكل شجرة تتطوّر في عقلك وأنتَ تقرأ هذا الوصف لتُتابع عملية التجميع ؟
    إنّها شجرة الحياة بمعنى الكلمة / شجرة لها الكثير من الفروع ,وكلّ فرع يضّم فروعاً صغيرة ,وهذه تضّم فروعاً أصغر وهكذا .
    بحيث الأطراف الرفيعة للبراعم تمثّل الأنواع .بينما التجمعات الأخرى (طائفة ,فصيلة ,عائلة ,جنس) هي الفروع والفروع الصغيرة .
    بينما الشجرة بكامل (طوائفها) تمثّل كلّ الحياة على كوكبنا الأزرق !
    ***
    ص 62 / شجرة داروين !
    مثلما في الأشجار التي تحوي فروعاً كثيرة ,ينتهي الامر ببراعم وفيرة
    فإنّ هذا يشبه مايحدث في عمليّة التطوّر ذاتها .
    لقد رسم (تشارلز داروين) بنفسه شجرة ذات فروع ,لعلّها الصورة الوحيدة التي تضمنها كتابه الأكثر شهرةً :
    (أصل الأنواع) On The Origin of Species
    تتلخص فكرة داروين عن تفرّع الشجرة الحيوانية كما يلي :
    تخيّل نوعاً من الأسلاف ينقسم الى نوعين .فإذا إنقسمَ كلاً منها الى نوعين لأصبح لدينا أربعة .وإذا إستمر الإنقسام يصبحون 8 ثم 16 ,32 , 64 ثم 128 , 256 , 512 ...وهكذا لو واصلنا عملية التقسيم فلن يمضي وقت طويل حتى نصل الى ملايين الأنواع !
    قد تتعجب من وجوب إنقسام النوع الواحد .نعم يشبه هذا الى حدٍ كبير سبب إنقسام لغات البشر ,لذلك نحتاج التوّقف للتفكير بهذا الأمر !
    ***
    ص 63 : كيف تنقسم اللغات والأنواع ؟
    على الرغم من كون (إسطورة برج بابل) ليست حقيقية بالطبع ,فإنّها تطرح تساؤلاً مُثيراً عن سبب وجود هذا العدد الهائل من اللغات المختلفة.
    ولتشابه بعض اللغات ,توجد عائلات من اللغات !
    فاللغات /الإسبانية ,الإيطالية ,البرتغالية ,الفرنسيّة ,الرومانيّة ,الكتالونيّة تتشابه مع بعضها الى حدٍ كبير ,وتسمى معاً اللغات الرومانسية !
    (هذه التسميّة في الواقع لا علاقة لها بمعنى الرومانسية ,بل يعود لأصلها المشترك في اللاتينيّة التي هي لغة روما القديمة) !
    بينما في إفريقيا تشيع اللغة السواحيليّة (التي تستخدم في كينيا ,تنزانيا ,أوغندا ..) ,ولغة التشنيانجا (المستعملة في موزنبيق ,زامبيا ,ملاوي ..)
    كذلك هناك لغة الزولو وغيرها .
    هذه كلّها تشكّل عائلة لغات البانتو Bantu !
    بالطبع عائلة لغات البانتو منفصلة تماماً عن عائلة اللغات الرومانسية .
    وكلاهما منفصل عن العائلة الجرمانية التي تضم اللغات (الألمانية ,الهولندية والإسكندنافية) !
    الآن إنظر لطريقة إستخدامنا كلمة (العائلة) في اللغات ,ستجدها مماثلة لما نفعله تماماً مع الأحياء ,حيث نقول عائلة السنوريّات,عائلة الكلاب,..الخ !
    ناهيك بطبيعة الحال عن عائلاتنا نحن (عائلة جونز ,عائلة روبنسون ,عائلة داوكنز ,..الخ) !
    من غير العسير إكتشاف كيفية نشوء العائلات المرتبطة باللغات على مدى القرون .إستمع الى طريقة تحدّثك أنت وأصدقائك وقارنها بطريقة جدودك .ستجد إختلاف بسيط ,بحيث يمكنك فهم لغة جدودك,لأنّه لايفصلك عنهم سوى جيلين فقط !
    ***
    ص 64 / تطوّر اللغة الواحدة !
    الآن تخيّل نفسك تتحدّث الى أجدادك رقم 25 مثلاً ,فإن كنت إنكليزياً فربما تكون قد عدت الى نهاية القرن الرابع عشر وقت حياة الشاعر (جيفري تشوسر) ,الذي كتبَ أوصافاً على هذه الشاكلة :
    He was a lord ful fat and in good point
    His eyen stepe ,and rollynge in his heed
    That stemed as a forneys of a leed
    His bootes souple,his hors in greet estaat .
    Now certainly he was afair prelaat
    He was nat pale as a forpyned goost
    A fat swan loved he best of any roost.
    His palfrey was as broun as is a berye

    وإليكم الترجمة العربية لما ورد أعلاه :
    كان سيّداً بين الناس سميناً جداً متمتعاً بصحة تامة .
    كانت عيناه كبيرتان جاحظتان كأنّهما تتدحرجان في رأسه .
    كانتا تتقدّان كالنارِ تحتَ القدر .
    كان حذاؤه من الجلد اللدن وحصانه مُسرّج بأثمن السروج .
    دون شكّ كان قسيساً جميلاً عظيماً .
    لم يكن لونه شاحب كأرواح الموتى الشقيّة .
    كان أشهى طعام يُطهى لديه هو البجعة السمينة .
    والفرَس التي يمتطيها كانت بُنيّة كثمر العنّاب .
    (من كتاب حكايا كانتربيري /ترجمة د.مجدي وهبة ,د. عبد المجيد يونس
    الهيئة المصرية العامة للكتاب 1983) !
    حسناً ,إنّها لغة إنكليزية بالتأكيد ,أليس كذلك ؟
    لكنّي أراهن أنّك ستقضي وقتاً صعباً في فهمها إذا سمعتها منطوقة .
    أمّا لو كانت مختلفة أكثر من ذلك فقد تعتبرها لغة مُنفصلة ,بقدر إختلاف الإسبانية عن الإيطالية مثلاً !
    هكذا فإنّ اللغة الواحدة (في مكان بعينه) تختلف من قرنٍ لآخر !
    بحيث يمكننا القول بأنّها تنجرف الى شيءٍ ما مختلف !
    الآن أضف حقيقة ,أنّ الناس الذين يتحدّثون نفس اللغة في أماكن مختلفة
    لم تكن تسنح لهم (في السابق) فرصة سماع بعضهم (قبل إختراع الراديو والتلفاز والهاتف) !
    وحقيقة أنّ اللغة يحدث لها إزاحة في إتجاهات مختلفة في أماكن مختلفة ينطبق على الطريقة التي تُنطَق بها ,فضلاً عن الكلمات نفسها .
    ولتفكر مثلاً في نطق اللغة الإنكليزية في / إسكتلندة,ويلز,إستراليا,كندا
    ,أمريكا ,أو في جنوب أفريقيا !
    وحتى داخل (الإنكليزية الإسكتلندية) ,يستطيع الإسكتلنديّون تمييز لهجة إيدنبيرغ عن لهجة كلاسكو أو لهجة هبريدين !
    عموماً بمرور الزمن فإنّ طريقة نطق اللغة والكلمات المُستخدمة يصبحان مُميّزان للمنطقة .وعندما تحدث إزاحة لنطق اللغة في طريقين منفصلين بما يكفي ,نطلق عليهما ((لهجتين مختلفتين)) !
    وبعد عدّة قرون من الإزاحة فإنّ اللهجات الإقليميّة المختلفة تصبح في النهاية بالغة الإختلاف ,حتى أنّ الناس في منطقة معينة لايفهمون الناس في منطقة أخرى .وعند هذا الحدّ نطلق عليها لغات منفصلة !
    ذلك هو ما حدثَ عندما تباعد الألمان والهولنديّون في إتجاهات مختلفة من لغة أسلاف منقرضة حالياً !
    وهذا هو ماحدث حينما إبتعدت اللغات الفرنسية الغيطالية الإسبانية والبرتغالية عن اللاتينية الى اجزاء متفرقة في أوربا .
    هكذا نستطيع ان نرسم شجرة عائلة للغات مع (أبناء عمومة) ,كالفرنسية ,الإيطالية ,البرتغالية على (أفرع) متجاورة لأسلاف مشتركة (اللاتينية) في هذه الحالة .تماماً هذا مافعله  فعل داروين مع أنواع الاحياء !
    ***
    ص 65 / التدفّق الجيني !
    كما وجدنا في اللغات ,كذلك يحدث بين أنواع الاحياء تمايز بمرور الزمن وبتغيّر المسافة !
    بالنسبة لأنواع الاحياء فإن (المكافيء) للكلمات في اللغات هو الـ DNA
    الذي يمثّل المعلومات الجينيّة التي يحملها كلّ كائن حي في داخلهِ ,وتحدّد طريقة بنائهِ .وعندما يتناسل الأفراد فيما بينهم ,فهم يخلطون الـ DNA الخاص بكلٍ منهم .
    عندما ينتقل أفراد من مجموعة سكان الى أخرى (المهاجرين مثلاً), ويقدّمون جيناتهم لهم ,من خلال الإقتران مع أفراد المجموعة الجديدة
    نطلق على هذا إسم التدّفق الجيني !
    ***
    ص 66 / الفرق بين اللغات والأنواع !
    ثمّة فرق مهم بين (الأنواع) و (اللغات) ,يتمثّل في كون اللغات تستطيع إلتقاط (كلمات دخيلة) من اللغات الأخرى .
    الإنكليزية على سبيلِ المثال وبعد فترة طويلة من تطوّرها كلغة مستقلة عن مصادر اللغة الرومانسية والجرمانية والسلتية ,فإنّها ألتقطت كلمة (شامبو) من اللهجات الهندية و(آيسبيرغ) بمعنى جبل جليدي من النرويجية ,و(بنكالو) بمعنى الكوخ من البنغالية ,وغيرها كثير !
    لكن بالمقابل (في أنواع الحيوانات) ,فلا تتبادل الـ DNA  أبداً بمجرد أن تبتعد مسافة تكفي لإيقاف التكاثر معها .
    إنّما في البكتريا يحصل تبادل الجينات ,لكن تلك قصة أخرى ليس مجالها هذا الكتاب !
    (إنتهى الجزء الخامس من قراءة في هذا الكتاب العِلمي المفيد) !
    ***
    الخلاصة :
    سيناريو واضح مفهوم عندما نقارن تطوّر اللغات واللهجات في البلد الواحد عبر الأجيال ,وفي باقي البلاد عبر الهجرات والإختلاط .
    نقارن مايحدث في اللغات مع مايحدث في حالة تطوّر أنواع الأحياء !
    العملية تصبح أوضح وأيسر فهماً لمن لازالوا ينكرون التطوّر والإنتقاء الطبيعي الذي جاء به (تشارلس داروين) ,ثمّ أصبح الحقيقة المركزية الأولى في علم الأحياء وباقي العلوم المتصلة كعلم الحفريّات والآثار والجيولوجي وغيرها !

    ***
    رابط موضوع المقدمة : ناسا تُعلِن عن إكتشاف كوكب شبيه بالأرض !
    http://www.bbc.com/arabic/scienceandtech/2015/07/150723_kepler_nasa_earth_2


    تحياتي لكم
    رعد الحافظ
    27 يوليو 2015
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media