كيف ساهم الشعب في صناعة , الديكتاتورية ومن ثمّ الفوضى السياسية
    الثلاثاء 28 يوليو / تموز 2015 - 19:07
    حسين الشويلي
    في مرحلة من عمر العراق السياسي كان ما يدور في القاعات الحكومية المغلقة يبقى حبيس المكان ,
    كل المؤامرات والأنقلابات وما يتخللها من تفاصيل عادةً ماتكون دموية , كانت بعيدة عن متناول الشعب , جملةً وتفصيلاً .
    حيث يأتي النظام السياسي بوزارتي الدفاع والأذاعة والتلفزيون معلناً عن انتهاء حقبة سياسية ( رجعية وعميلة ) ومبشراً بحلول حقبة سياسية ( وطنية , متمدنة )
    والشعب بين هذا وذاك لاخيار له الاّ القبول والأذعان !
    فالشعب لم يصنع بؤسه ولا رخائه , ولا يعملق سياسي ما ويقزّم آخر , وهذا السر الكامن وراء حضيضنا وتراجعنا السياسي والأجتماعي والأنساني .
    لأننا شعب لايختار نظامه السياسي الذي يلبي طموحاته وتطلعاته . فلانبالي بنوع الحكم - بل نكتفي بوجود الحاكم !
    فيأتي النظام دفعةً واحدةً يكتنف أركانه وشخوصه الغموض التأريخي كونهم أفراد ينتمون الى المجتمع وعلائقه الأجتماعية , وغموض مهني كونهم قادة ووزراء ومدراء عاميين .
    ما بعد عام 2003 حيث سقوط المنظومة التكرارية الأنقلابية في أستلام الحكم والهيمنة على الدولة ومؤسساتها , وكذالك سقوط الموروث الأجتماعي في التعاطي مع النظام السياسي بما يمثله من فردية وسرية مطلقة .
    حدث العكس تماماً ,, وكأن قدرنا أن نقفز من أقصى الشمال الى أقصى اليمين , فمن حالة العزلة والقطيعة بين الشعب والنظام السياسي وعدم الخوض في التفاصيل الحكومية ,
    الى تسيّس الشعب والدوائر والمستشفيات ودور العبادة وحتى المطاعم والمقاهي !
    من الواضح أن النمطية القديمة للشعب في اللامبالاة التي كان يبديها حيال مايدور من أحداث سياسية في بغداد من أنقلابات وتصفيات , أدت الى نتيجة قاسية , حيث تمحورت عن أنتاج ديكتاتورية دموية متألهة , أعتادت على أن لاتُسأل ولا يُستفسر تأريخ أحد رموزها . حتى بلغ الأمر في مدن عراقية جنوبية ومن الوسط الى قناعة مفادها , أنّ ليس ثمّة حق لهم التدخل بما يدور في قصور بغداد الرئاسية !
    والسياسة العراقية من أختصاص مناطق وفئات معينة ؟
    ننتقل الى الجانب المغاير تماماً في التعاطي مع الجانب السياسي والسياسيين . وهذا الأخير يُعد نمطاً غير صحيح وغير منتج فنجده متنقل بين حالات _ أنفعالية , وصولية , تسقيطية , أستغراقية .
    وبما أنه نمطٌ متطرّف وغير صحيح فله سلبياته , ومن الواضح أنه المسؤول عن تراجعنا الأمني والخدْمي والأقتصادي .
    ففي هذه المرحلة السياسية الوليدة , الشعب من صنع الضعف السياسي لدى السياسيين ! من خلال طريقيين , أمّا أن نجمّل أخطاء السياسي فنصرفه عن الأنتباه الى تصحيح ذاته بذاته ,
    وأمّا أن نرمي بأخطاء الآخرين ونلصقها بسياسي معين فنثقله بتبعات الآخرين فنحيله من سياسي ناجح متفاني الى موضوع,, للنقد .
    فلا نخدم الحقيقة بل أسئنا لها من خلال -التجميل - والأفتراء ..
    فالحالة الهستيرية المتدافعة في الوسط الأجتماعي وفي مواقع التواصل الأجتماعي حول الساسة والأحزاب والتكتلات والأستغراق في التفاصيل والمبالغة في النقد أو التمجيد أضاعت فرص ثمينة وكبيرة لأنتاج حالة من الأسترخاء الأمني والأقتصادي ..
    من المفيد أن يساهم الشعب في صناعة نظامه السياسي , والمشاركة الفعلية في أنشاء القوانين , ومن حق الشعب أن يحصل على فهم متكامل حول ماهية الحكم ومن هم القائمين عليه وما جدارتهم لكن أن لايتحول الى صراع وأحتراب , وتعطيل المشاريع مراغمة ضد منشئها أو وصول البعض الى التشفي بسقوط المدن أو بالخروقات الأمنية لمجرد أختلافات سياسية .
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media