وماذا بعد يا أبناء الرافدين
    الثلاثاء 28 يوليو / تموز 2015 - 19:09
    داخل السومري
    العنصر البشري هو واحد من ملايين الأنواع الحية على سطح هذا الكوكب، وقد فاق هذا العنصر جميع الكائنات الأخرى بتطور ذكائه الذي بات يهدد بتدمير كوكب الارض ومن عليه. وهذا العنصر البشري تفوق، أيضا، على جميع العناصر الأخرى بحمل ثقيل من العذابات والمآسي ينوء تحته. حمل العذاب والمآسي هذا بعضه ناتج طبيعي لعملية تطور الحياة على كوكب الأرض، والبعض الآخر هو من صنع الانسان نفسه.

    الذي نحن بصدده هنا هو العذابات والمآسي التي يخلقها الانسان لنفسه ولأخيه الانسان. لقد ابتدع الانسان خلال مسيرة التطور كثيرا من الآراء والأفكار التي أراد ان يحل من خلالها مآسي وجوده الذي اكتشف انه وجود خالي من المعنى والهدف. هذه الحقيقة - وجود خالي من المعنى والهدف – اكتشفها السومريون، والمخطوطة السومرية الطينية التي تحتوي على حوار بين السيد وعبده تظهر كيف كان السومريون ينظرون الى هذه الحياة. وكنتيجة لهذا الشعور، اوجد السومريون فكرة الدين-وياليتهم ما فعلوا -وأوجدوا الآلهة العديدة، واناطوا بكل إله معضلة من المعضلات التي كانت تواجههم. ومن السومريين خرجت قبيلة العبرانيين واوجدت الديانة اليهودية التي بنوها على أسس الروايات الدينية السومرية، وطوروا هذه الديانة الى ديانة تؤمن باله واحد وألغوا جميع الآلهة الأخرى.

    وعلى أسس الديانة اليهودية بنيت الديانة المسيحية، والتي لا تختلف عن اليهودية الا بالاعتقاد بأن المسيح هو ابن الله، وان الانسان يولد مذنبا لأنه يحمل ذنب ابونا آدم- الذي اثبت العلم ان لا وجود له- عيسى ابن الله سبقهم بها السومريون حيث كان جلجامش ابن الله. ثم جاء الإسلام على نمط اليهودية والمسيحية ولم يظف شيئا جديدا الا بعض الآراء البدوية والزرادشتية والهندوسية.

    أنا لست ضد ان يدين الانسان بأي دين يختار، على شرط ان لا يفرض دينه هذا على الآخرين، على ان لا يجند الجيوش لفرض هذا الدين بحد السيف، على ان لا يقوم بسبي النساء ليملأ بها قصور الملذات، على ان لا ينشر رجال دينه ويلبسهم العمائم اسودها وابيضها لبث التخلف وتجهيل أولاد الخايبه ليكونوا طوع أصحاب العمائم بينما هم منشغلين بسلب قوته.

    هذه هي طبيعة الدين المفروض على أبناء وادي الرافدين، دين يحمل بين طياته وصفة لغلق عقل من يدين به ويجعل منه جسما ميتا حيا ينفث فيه رجال الدين سموم التخلف وتردي الاخلاق. هذا الدين قد مزقنا الى شيعة وسنة لا يطيق بعضنا البعض ناسين اننا احفاد بناة اول حضارة في العالم، ناسين اننا أبناء سومر واكد وبابل وآشور وقد تم غزونا من قبل ضباع الجزيرة الاعرابية المتخلفين حتى النخاع.

    فها انت يا ابن الرافدين ترزح تحت نير الأحزاب الإسلامية العميلة من حزب الدعوة والحزب الإسلامي الى ما يلف حولهم من الحرامية وعملاء الوهابية البغيضة. فهؤلاء المتأسلمون قد أفشوا الفساد الى درجة من التردي لم يصلها العراق من قبل، وانت جالس تضرب اخماس بأسداس، وهم يمزقون بلدك ويجعلوه عرضة للسقوط وحتى احتمالات الاحتلال من قبل دول الجوار الطامعة.

    أنت يا اسد بابل هل تبقى نائما نوم المخدر، ام ستنهض وتزئر زئيرا يفر منه الفاسدون الذين خلفهم لنا العم بريمر. انها ليست من طباعك يا ابن سومر ان يطول سكوتك على كل هذه الأهانات والتلاعب بمقدراتك، فما عليك الآن الا أن تنهض وتزئر زئير اسد بابل بوجه هذا الفساد وتخطو الخطوة الأولى لأنقاذ وادي الرافدين، وتبني بلدا ديمقراطيا يعيش في القرن الواحد والعشرين.
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media