العالم وصدقية مواجهة الإرهاب التكفيري
    الخميس 30 يوليو / تموز 2015 - 19:21
    فاضل بولا
    ثمة دعوات وتصريحات على اشكالها ، تطالب بوقفة دولية موحدة ، لقهر الإرهاب المستشري في العراق وسوريا ، والمهدد لأمن منطقة الشرق الأوسط  ككل . وفي اعقاب التفجيرات داخل الحدود التركية المتاخمة لسوريا ،  ظهرت بوادر اتساع رقعة الحرب ضد ( مقاتلي الدولة الإسلامية ) ففي هذا الإطار ، اقدمت تركيا على   مشاركة اميركا في  توسيع رقعة الغارات الجوية لملاحقة داعش داخل الحدود السورية.

    وهناك قراءات عديدة تتوالى في تفسير هذا التغيير في مواقف الدول ومن ضمنهم سوريا التي  تفتح اجواءها امام الطيران التركي والأمريكي ، لتنفيذ مهام قصف الإرهابيين على اراضيها .  وكذلك بالنسبة لتركيا نفسها ، في حملها على داعش بهذا الإندفاع ، في الوقت الذي كانت متهمة دوماً في مناصرته وتسهيل الأمر لمقاتليه ، للعبور الى سوريا مع عُددهم  الحربية .  وقد اثيرت تساؤلات عديدة  تشكك في التفجير المنسوب الى داعش داخل حدود تركيا ، لا سيما في هذا الوقت الذي تتنادى فيه دول الغرب ، لتَدخّل عسكري براً  وجواً ، لقطع دابر الإرهاب والقضاء عليه في الشرق الأوسط . وزادت هذه الشكوك بعد تلبية أردوغان طلب الرئيس الأمريكي في انطلاق المقاتلات الأمريكية من قواعد في بلاده ، لقصف مواقع داعش على اراضي سوريا ، وكانت هذه الغارات مصحوبة بطائرات تركية ايضاً . وفي اليوم التالي ، قامت دبابات والمدفعية التركية ، بقصف مسلحي داعش لأول مرة في وقت مبكر ، واستهدف القصف ما لا يقل عن ثمانية أهداف داخل سوريا والعراق. وهنا تنتصب علامة التعجب امام هذا الحدث الذي يشير الى وقوف اميركا وتركيا في صف واحد لمحاربة داعش وطرده من الأراضي السورية .
    تبرر حكومة انقرة موقفها الجديد في تصريح لها ، تعرِّفُ  داعش بأنه منظمة ارهابية ، باتت تمثل تهديدا للأمن القومي في تركيا ، التي  دعاها الأمر مضطرة  للإنضمام الــى الولايات المتحــدة ، لمكافحة الإرهاب ومن نفس المفهوم ، ورد تعليق من  واشنطن على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية ( جون كيري ) يقول فيه "لقد قررنا مواصلة تعميق تعاوننا في مكافحة منظمة داعش الإرهابية"
     
    ليس هناك من شك في أن الإرهاب الداعشي ، يشكل تهديداً لأمن بعض دول الشرق الأوسط مثل لبنان وإيران ، ناهيك عن العراق وسوريا ، ولكن هل من السهولة بمكان التصور بأن التهديد يشمل الدول الداعمة له ، كدول في الخليج العربي وتركيا التي تعلن فجأة بأن داعش يستهدف زعزعة استقرار محافظاتها الجنوبية ، وتتحرك في  مواجهة هذا الخطر المزعزم ، كمهمة عاجلة من جانبها ، لحفظ أمن مواطينها بعد أن صرع منهم انتحاري من داعش 31 شخصاً على الأقل ..! الجواب يبقى معلقاً من جانب ما بين هذا التصور والتطور في موقف تركيا المفاجيء من منظومة داعش ، ومن جانب آخر دعمها المستمر والمعروف لهذا التنظيم .
    ولما نعود الى تاريخية الدعم المنسوب لحكومة  اردوغان طيلة  الأربع  سنوات  من الحرب المشتعلة في الأراضي السورية ، يتلاشى الإعتقاد بأن الموقف التركي الجديد من داعش هو حقيقة لا لبس فيها . لأن الحكومة التركية ، كانت تغض النظر عن ادانات مستمرة لمواقفها المفضوحة ، جراء نظرتها الى الحرب الدموية في سوريا من خلال عدسة الصراع الطائفي بين السنة والشيعة ، وانتهازها لهذه الفرصة ، بحثاً عن السيادة الإقليمية في هذه المنطقة العربية المثقلة بالمشاكل .
    لا ندري في اية وسيلة  تستطيع الحكومة التركية  ، التكفير عن ذنبها مما الحقته بالشعب السوري من دمار  وذلك ، في السماح بتدفق كل وسائل الدعم الى قواعد  مقاتلي ( الدولة الأسلامية ) وكانت صحيفة نيويورك تايمز قد اشارت ، بأن هذا هو احد الأسباب لرفض اردوغان  التعاون مع واشنطن ، لإقامة منطقة حظر جوي في شمال سوريا .
    اعتقلت تركيا بضع مئات من المسلحين المتطرفين في الأيام القليلة الماضية ، وكان معظمهم من المتشددين الأكراد ، وعدد قليل من مؤيدي الدواعش .
    وبعد حادثة هجوم داعش على بلدة ( سورك  ) في جنوب تركيا ومصرع  32 شخصاً من الأكراد ،  نفذت الحكومة التركية غارات عديدة على مقرات داعش ، وضعف تلك الغارات على معسكرات حزب العمال الكردستاني وحزب الكردي المتشدد . وكان ذلك الهجوم في داخل الأراضي العراقية . وهذا الأخير ( الكري المتشدد ) يتهم حكومة اردوغان ، بأنها وجدت فرصة سانحة لإنهاء اتفاقية وقف اطلاق النار بينها وبين الأكراد . وعلى اثر هذا الموقف الجديد لحكومة تركيا من  داعش والأكراد في آن واحد ، تلقت دعوة لحظور اجتماع لسفراء حلف الأطلسي الذي  دعت اليه واشنطن ، لتحديد موقف حلف الناتو من تطورات الأحداث في الشرق الأوسط  ، ومدى انسحابها على دول خارج المنطقة . مع الأخذ في الحسبان ، بأن الأكراد هم حلفاء الولايات المتحدة في الحرب التي تقودها ضد داعش .
     الموقف من داعش وكل  ما يدور في منطقة الشرق الأوسط من تحالفات تكتيكية متحركة مثل الرمال ، كل هذه ، تشكل وضعاً يعكس صوراً من الإبهام ، تتلاشى عندها الكثير مـن القراءات والإستشفاف ..احداث متقلبة .. تتوالد منها ادوار متعاكسة ومواقف متضاربة ، ليس من السهل استنباط منها حقائق يُركَن اليها.
    إن الإدارة الأمريكية والدول المتحالفة معها في مواجهة الإرهاب ، ليس في ستراتيجيتها أجلٌ في انهاء ازمة الشرق الأوسط وحتى ازمة الإرهاب في بلدانها . وهي في تلكؤ ظاهر امام خلق نظام امني جديد في الشرق الأوسط .
    بدأت صباح يوم 23 من الشهر الجاري أعمال المؤتمر الإعلامي الدولي لمواجهة الإرهاب التكفيري الذي تقيمه وزارة الإعلام السورية في العاصمة دمشق بمشاركة العراق.
    ويشارك في المؤتمر الذي يستمر يومين نحو 130 شخصية إعلامية محلية وعربية وأجنبية من بريطانيا وروسيا والمانيا واسبانيا وايران والصين وتركيا وأفغانستان وباكستان وكوبا والجزائر والمغرب ومصر ولبنان والعراق والسودان والسعودية والأردن والبحرين وتونس و قبرص والكويت.
    ويناقش المشاركون في المؤتمر سبل التحالف الأقليمي والدولي في مواجهة الإرهاب مع اعتماد الخطاب السياسي الموحد في الوقوف بوجه الإرهاب التكفيري  الذي بات يهدد معالم الحضارة والتقدم في العالم اجمع وليس فقط في منطقة او في اقليم .
    ولا بد أن يثير غياب الولايات المتحدة تساؤلات كثيرة بهذا الخصوص . رغم أن الكثير من المساعي الدولية اخفقت واصطدمت بايجاد حلول للحرب السورية ، وكذلك في ايقاف الهجمات الإرهابية على الشعب العراقي منذ قيام  نظامه الجديد . والشائع في السياسة الدولية ،  كل حل هو رهين المصالح ، اكثر مما يتطلب من تسوية ، تضع الأمور في نصابها ، انتصارا للحق .!
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media