نعيم عبد مهلهل والكلام المباح والعالم المستباح وأوروبا الملاح
    الجمعة 31 يوليو / تموز 2015 - 13:30
    عبد الستار نور علي
    يرشُنا دائماً بعطر الكلام ،
    فنبتلُّ تحت مطر مشاعرنا، واهتزاز جسد مارلين مونرو .
    حين اغتيلت خلسة تحت جنح الظلام سقطتِ الأرضُ في رعاية الوحش ، 
    هذا الذي يبتر ذكورةَ الكون ليبتلعها مثل التنين الواقف بباب الغابة،
    ويصنع منها هامبورغر في مطعم من مطاعم ماكدونالدز بكراتشي في زاوية من زوايا الجوع المزمن ، بدلاً من شوربة العدس في أزقة الفقراء والمستضعفين العارية عن جسدها ....

    نعيم - أنعم اللهُ عليه - يوقعنا في حبائلَ لنعيم دهشةِ الكلمةِ الطائرةِ، على ضفاف شواطئ عيون الناصرية، التي تردُّنا الى أحضانها كلما أوجعنا صراع الرأس فوق وسادة الذاكرة....
     
    الذاكرةُ كنزُ علاء الدين وصلاح الدين والفتية الأغيار والأنوار، المخزون في مسامات الرأس وعظام الصدر من ايام جدنا حمورابي....
     
    الكنزُ الذي لن يضيعَ ابداً مع ضياع الكلام المستباح في أساطيل قبيلة مارلين مونرو المقيمة في مطعم فلافل على رصيفٍ من أرصفة شارع الشيخ عمر، حيث كراجُ النهضة الذي تطاير شظايا مع اللحم البشري المشوي، وعباءة الزاير خَلْف وفوطة العلوية أم علي، والصمون والشربت بسيارة مفخخة وهامبي من كراج العم دونالد رامسفيلد .....

    عزيزَنا نعيم !

    تأسرُنا بكلامك المباح، في سفر الألواح، التي تتزاحمُ في أناملك المشتعلة بالورد والقداح، وأذنيك المضمختين برائحة شدو حسين نعمة وستار جبار ونيسه وحضيري أبو عزيز وداخل حسن وناصر حكيم .....
    مروراً بصديقة الملاية وسليمة مراد وزهور حسين ولميعة توفيق ووحيدة خليل وحسن خيوكة وناظم الغزالي، ونشيج زامل سعيد فتاح، وغناء عريان السيد خلف الصداح و...و... الخ القائمة المفخخة بالصوت وبالكلمة ....

    تاخذُنا من كراج قلوبنا الى قمم جبال كوردستان، وحقول الوديان، وسنابل القمح وأشجار الجوز والرمان ....

    تأسرنا في رحلاتك من براكين اليابان الى براري رعاة البقر في شايان ،
    مروراً بلوركا ورامبو وجحيم دانتي اليجيري وسماور رسول حمزاتوف .....
    الى السياحة في جلد نيلسون مانديلا ... وسيجار أبي الثوار جيفارا ....
    وبدلة الرفيق المُزمِن المقيم على العهد فيديل كاسترو الخاكية، وعباءة الأخ القائد العقيد معمر القذافي البدوية.....

    تأسرُنا هكذا، أسراً، ونحن نسير معك في الأصقاع سيراً...
    على العين، لا سيراً على القدم ِ....

    عزيزي ابنَ الناصرية الوردة البرية،
     
    أسرَتْنا أوروبا يوماً بالكلام من ذهب، وسطور من لهب، ولوحات من عجب،
    فنمنا فوق سرير جان بول سارتر وسيمون دو بوفوار وألان ديلون، وكولن ولسون وأوسكار وايلد، والطيب الأصلع ذي اللحية الطويلة جورج برناردشو، والبرتو مورافيا، وكزانتزاكيس،... و... و.... والقائمة تطول .....
    فوقعنا في حبائل فرويد ويونغ .....
    وسقطنا في جنة لينين الموعودة وجمهورية الحلم الموؤودة،
    فانكسرت رؤوس الأيام، ونبَتِ الأقلام، وتاه الكلام ، وانطفأت قناديل الأحلام، فاحترق الأنام ، وبحَّ هديل الحمام ، في حضن الأصنام ،
    فرجعنا إيدْ من ورهْ وإيدْ من قدام ،
    وبقي الرفاق الأعزاء في الصين وفيتنامْ
    ليقعوا في غرام منتجات العم سامْ .....
    والنمرُ من ورق استحال موديلاً من سيارات فورد ....!
    أما جمهورية افلاطون الأحلامْ فقد راحت تحت الأقدامْ ....
    وشيكا بيكا دقي يا مزيكا، على أمريكا ...!

    وتيتي تيتي مثل مارحتي جيتي ...!

    أوربا مزدهرهْ
    بطعنة مثعنجرهْ
    وخطة مُدَبَرَّهْ
    تلقى صداها أنقرهْ!

    أحببتُ فيها عريسَ الدم، فديريكو غارسيا لوركا ، فماتَ ميتة مُسمَّرهْ،
    ودُفِـنَ في مجهول مقبرهْ،
    وبكى عليه الشرقُ وأبناؤه البررهْ،
    السياب والبياتي ومحمود درويش السُكَّرهْ،
    ولا سُكرَ الا ببطاقة تموين، في حروب القرن الواحد والعشرين ....
    الله يستر على العالمِين ..؟!

    أحببتُها عن بُعدٍ في الأفلام  والأحلام ،
    في الزاوية المُحترقهْ،
    بين لهيبِ المِحرقهْ،
    تحت سياطِ المِطرَقهْ.....
    فعشْتُ فيها جنةً مُنطلقِهْ ......
     
    لكنَّ وجهَ الشرقِ فيها ظُلماتٌ مُطبِقَهْ....!



    عبد الستار نورعلي
    25 تشرين الثاني 2005
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media