تركيا تحارب داعش!؟
    الجمعة 31 يوليو / تموز 2015 - 18:09
    سالم مشكور
    إعلامي ومحلل سياسي
    واضح أن انخراط تركيا في الحرب على داعش - ولو جزئيا- يوفر مخرجا لحزب العدالة والتنمية الحاكم من مأزق تشكيل الحكومة الجديدة بعدما أدى انخفاض شعبية الحزب الى فقدان الاغلبية المطلقة التي تؤمن للحزب تشكيل الحكومة بمفرده . رد الفعل التركي على تفجيرات نسبت لتنظيم "داعش" الارهابي جاء تصعيدا ضد حزب العمال الكردي الذي يفترض انه يعيش اتفاق سلام مع انقرة وفي نفس الوقت التحرك باتجاه إقامة المنطقة العازلة التي كانت أنقرة تصرّ عليها في المناطق السورية المحاذية لها وهو ما يؤمن لها معالجة التمدد السياسي الكردي التركي الذي أخذ من شعبية الحزب الحاكم بعدما بدا للاتراك أن الهدنة الساسية مع حزب العمال كانت سببا في تنامي الحراك الكردي التركي وتوسع دائرة مطاليبه وطموحاته لتتناغم مع الواقع الكردي العراقي الذي باتت دولة مستقلة عمليا، يقويه على الجانب السوري وجود حزب كردي فرض سيطرته على طول الحدود ليتواصل مع أكراد تركيا.

    يبدو ان حكومة أردوغان اكتشفت مؤخرا أن مشروعها لاحتواء الاكراد في كل أقاليمهم لضمهم الى مشروع "الولايات المتحدة التركية" الذي حلم به تورغوت أوزال وطوّر حلمه أحمد داوود أوغلو،لا يمكن تحقيقه وأنه قد يرتد على وحدة تركيا واستقرارها ، فضلا عن أن التقارب مع أكراد تركيا أعطى خصوم الحزب الحاكم أوراق ضغط آتت أكلها في الانتخابات الاخيرة ، خصوصا بعدما تجمعت الشخصيات والتنظيمات التركية في كتلة انتخابية واحدة باسم حزب الشعوب الديمقراطي، وصدرت عن بعض مرشحيها تصريحات تثير حنق القوميين الاتراك مثل تصريح احدى المرشحات بانها ستتحدث في البرلمان باللغة الكردية .هنا يمكن تفسير سبب معاودة الهجوم على حزب العمال تحت مظلة الحرب على داعش وهو ما كان يثير استغراب المراقبين . فداعش هي التي قاتلت الاكراد في كوباني ، وداعش هي التي تحظى برعاية تركية لم تعد خافية على أحد ، خصوصا بعد فضيحة الاسلحة التي كانت تقلها سيارات اسعاف تركية الى الاراضي السورية وتم ضبطها من قبل عناصر أمنية لم تكن على علم بمن وراء تلك الشحنة من أجهزة أمنية تركية. العلاقة التي كانت على رؤوس الاشهاد بدءاً من رفع شعار داعش في الشوارع التركية وظهور اعلانات على صفحات التواصل الاجتماعي تقدم عروضا لنقل القادمين الى الموصل من أنقرة - وعبر إقليم كردستان طبعا- دون توقف ودون تفتيش ، وصولا الى اعترافات مسؤولين أميركان على رأسهم نائب الرئيس الاميركي جو بايدن ومعه تقارير أميركية تؤكد بان تركيا تشكّل المعبر الرئيس لعناصر داعش باتجاه سوريا والعراق . فكيف تحول هذا الدعم الى عداء في غضون أيام ، ولماذا يأتي الردّ على حزب العمال الكردستاني التركي بدل داعش نفسها؟، ولماذا تشمل حملة الاعتقالات ناشطين سياسيين أكراد لا علاقة لهم بالعمل العسكري؟ .

    من كل ما جرى حتى الان تكون حكومة حزب العدالة والتنمية التركية حققت مشروع المنطقة العازلة على الحدود السورية والذي كان يواجه برفض أميركي سابقاً، مقابل وضع قاعدة انجرليك التركية تحت تصرف طيران التحالف الدولي الذي يستهدف داعش حسبما هو معلن .أما داخليا فان التطورات الاخيرة أعادت محاولات الحل السلمي للقضية الكردية الى المربع الاول ، وهو ما يؤمن سبيلا للخروج من أزمة تشكيل الحكومة وبقاء أردوغان رئيساً لتركيا .
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media