شكرا لنبيل جاسم وشكرا لأحمد عبد الحسين , وشكرا لكل من خطط وساهم وخرج في تظاهرات الغضب على الكهرباء , وشكرا لجيش الفيسبوك الألكتروني الذي ساهم بشكل فاعل في تحريض الناس على التظاهر والتنديد بالفساد , وشكرا للمرجعية الدينية العليا التي ساندت ودعمت مطاليب الشعب المشروعة , ولكن ماذا بعد هذه الفورة من الغضب أيها العراقيون الغاضبون ؟؟؟ , خرجتم وتظاهرتم وهتفتم بأعلى أصواتكم ولعنتم الفساد والفاسدين , وعبرّتم عن غضبكم من خلال الشعارات والهتافات التي صدحت بها حناجركم ( بسم الدين باكونا الحرامية , نفط الشعب للشعب مو للحرامية ) , أنا شخصيا كنت معكم بكل مشاعري وجوارحي , ولو كنت في العراق لكنت معكم في المقدمة , فإذا كانت هذه التظاهرات محصورة فقط بحالة الغضب بسبب الارتفاع الكبير في درجات الحرارة وانقطاع التيّار الكهربائي , فأقولها لكم بكل صراحة إنّ غضبكم هذا لن يحلّ مشكلتكم في الكهرباء أو نقص الخدمات أو تدهور اقتصاد البلد الذي يتّجه نحو الإفلاس .

لأنّ مشكلة الكهرباء والخدمات والتنمية الاقتصادية والأمن , ترتبط كلّها بالنظام القائم والعملية السياسية القائمة , فالذي يعتقد أنّ الإصلاح ممكن من خلال النظام السياسي القائم , أقول له وبكل صراحة إنّك واهم تماما , وهذا الغضب سرعان ما ينتهي ويتلاشى مع انتهاء هذه التظاهرات وعودة المتظاهرون لبيوتهم وأعمالهم , ولن يتحققّ شيء كما في التظاهرات السابقة , فمشكلة الشعب العراقي ليست محصورة بهذا الوزير الفاسد أو ذاك الوزير الحرامي , ومشكلتكم أيّها العراقيون هو النظام السياسي الفاسد والعملية السياسية الفاسدة , فطبيعة النظام هي من جاءت بهذا الجيش من اللصوص والحرامية , والفساد قائم ومتجذّر في العملية السياسية القذرة القائمة على أساس المحاصصات , فإذا لم يقتلع هذا النظام الفاسد من جذوره ويعاد بناء العملية السياسية من جديد وفق أسس وطنية جديدة غير قائمة على أساس المحاصصات القومية والطائفية والتي جاءت بالنطيحة والمتردية إلى الحكم , فلن يكون هنالك أي إصلاح حقيقي , لا في المدى القريب ولا في المدى البعيد , فمشكلتكم الحقيقية أيها الغاضبون ليست الكهرباء أو نقص الخدمات , بل هي النظام القائم والعملية السياسية الجارية , فليكن غضبكم أيّها العراقيون الأشاوس موّجها لاقتلاع هذا النظام الفاسد من جذوره وإنهاء هذه العملية السياسية القذرة التي جاءت بالفساد والفاسدين , ولا تسمحوا للحرامية الذين جاؤوا باسم الدين وتحت عباءة الإسلام السياسي أن يضحكوا عليكم ويسرقوا ثرواتكم وأموالكم مرة أخرى , وليكن هدفكم الأول والأخير في هذا الغضب المقدّس هو الثورة , فهذا النظام وهذه العملية السياسية لن تبنيا لكم وطنا سليما ومعافى من الفساد , تعيشون به أنتم واجيالكم القادمة بكرامة وحرّية , فاجعلوا من هذه التظاهرات نواة لثورتكم , وافعلوها كما فعلها المصريون وأزاحوا حكم الاخوان المسلمين , فالمصريون ليسوا بأشجع منكم أيها العراقيون الأبطال , فلا بديل لكم غير الثورة واقتلاع هؤلاء اللصوص .

أياد السماوي / المنتدى الإعلامي الحر في العراق