انا عندي من الأسى عراق
    الأحد 2 أغسطس / آب 2015 - 03:42
    عدي عدنان البلداوي
    ان استمرار  فشل المجتمع في اختيار شخصيات مؤهلة لادارة البلاد عبر الانتخابات سببه قلة وعي الناس ، وقلة وعي الناس سببها السنوات العجاف من القهر والظلم سابقاً ، وسنوات الفوضى بعد السقوط ، بحيث لم يعد امام المواطن الوقت الكافي للتفكير والتحليل والاستفهام والاستنتاج ، افرز  بقاء الوضع على هذه الحالة احزابا برجوازية تمتلك اموالا طائلة امام ملايين من الفقراء والنازحين والعاطلين والمنكوبين والمحرومين ، وهذا كله من شأنه ان يمهّد لعودة الدكتاتورية،  ولكن ليس بواسطة الدبابة هذه المرّة ، بل بواسطة الامبريالية ، اي بواسطة الاستعمار الاقتصادي ..
    ان عدم اتخاذ خطوات معالجة جذرية لكل هذه الازمات والاخفاقات التي يمر بها البلد ، وبقاء الناس متفرجين او منتقدين او رافضين فقط .. سيجعلنا من حيث لا ندري نعرض ابناءنا في المستقبل الى التجريد عن كثير من مقومات ومعنويات الوجود ، ولن يبقى لهم غير زهوهم بحفاظهم على اعراضهم ..
    ان تزامن مرور البلاد بالازمة الاقتصادية مضافا الى ازماته السياسية والامنية والتربوية والصحية والثقافية والمعنوية وغيرها من عديد الازمات ، يخفي وراءه مشروعاً كبيراً لتغييب وتغريب الشخصية العراقية  وتفريغها من مضمونها الروحي والابقاء عليها منظومة جسم تعمل كالآلة ، تصان  مادامت منتجة وتباع  في سوق الخردة اذا توقفت عن العمل..
    ليس جديدا او فريدا هذا الوضع الذي نعيشه في العراق ، فهناك كثير من الدول تعرضت لهزات عنيفة نتج عنها المتاجرة بمناصب الدولة ، وبيع العدالة لمن يدفع اكثرر من قبل القضاة انفسهم .. وتمرير الدين من خلال عمائم مفخخة .. وتصدير الثقافة قصات شعر وموديلات ملابس واحذية وسيارات حديثة واجيال من الموبايلات  ، وحلقات  جدال واصوات عالية  بعيدة عن ساحة الفكر المنتج .. مع كل هذا تمكنت من تجاوز اخفاقاتها .. لا نزال في العراق قادرين على تجاوز ما نمرّ به لكن  ذلك يحتاج الى جهود جماعية واعية هادفة لا تتوقف عند ( الهبّة الاولى) فقط ، وتركد امام العقبات المفروضة لتشويه وتشويش الرؤية  .. ان ما افسدته الانتخابات تصلحه المظاهرات  الهادرة المستمرة الهادفة ..
    ان يقاءنا على ما نحن عليه من ركود او حراك جزئي غير منتج ، سيجعلنا ذات يوم لا نستغرب لكثرة الناس الهالكين في البلاد ، بل سنتسائل  مسنغربين  للناجين منهم ..  ترى كيف نجوا ..؟  
    ان حصر علاج ازمات البلاد بين تناول المفاوضات مع البعثيين  كل يوم ،  وجرعة من المصالحة الوطنية عند تأزم الحالة ، والمطالبة بالعفو العام عن كل المساجين ، وتخفيض رواتب الرئاسات الثلاث ، وزيادة اسعار الوقود على الناس .. ان هذا العلاج لا يتناول المرض ، لذلك سيبقى البلد عليلاً ما لم نغير هذا التشخيص بوجود اشخاص يفرقون بين مجتمع طوائف ومجتمع طائفي .. بين وصف الفقر فقط وبين الاحساس به .. بين شراء رضا الناس وبيع التصريحات المعلبة التي تنتهي صلاحيتها سريعاً ..
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media