العملية السياسية في العراق غدت اوهى من بيت العنكبوت
    الأثنين 3 أغسطس / آب 2015 - 23:50
    فاضل بولا
    منذ سقوط النظام السابق وقيام حكومة جديدة في العراق والى يومنا هذا ، لم تتوقف الشكاوى ولم يبطل التململ من نقص الخدمات الإجتماعية ، من مشاريع الكهرباء والعمران والطرق ورفع الأزبال والقمامات بالإضافة الى المشاريع الصحية والمدرسية وهلم جرا . والأنكى من هذا ، هو ضياع مبالغ طائلة مما تم رصدها في هذا المضمار . لاريب في أن الحكومة العراقية الجديدة  ، كانت قد اصطدمت  بهجمة ارهابية على يد جبهة من المخربين التي انتهت واستقطبت نشاطاتها في تنظيم داعش . ولكن الفساد الذي استشرى في عموم البلاد ، لم يكن من صنع المتآمرين فحسب ،  لكنه آفة تهيأت لها الظروف للإنتشار بسبب هشاسة الوضع السياسي ، من اعلى مراجع الدولة والى اسفلها ، واصابت عدوى هذه الآفة ، جميع مؤسسات ودوائرالدولة لتعـج بمفسدين ، همهم سرقة اموال الدولــة ، وممارسة التحايل واستلاب المواطن عــن طريق اخــذ الرُشى (الرشاوى)
    وأن هشاشة الوضع السياسي ، هو المرض الذي لازم العملية السياسية كنتيجة لفقدان فرقائها الرؤية السليمة لتحديد الشراكة ، وتصويب خطها وهدفها في بناء العراق الديموقراطي . فالتنازع الذي اربك العملية السياسية تمثّلَّ ليس فقط في نزوع الأكراد للإستقلال ، ولا في مواقف التكتل السني المعادي ، إنما حتى في الخلافات التي عمت احزاب التحالف الوطني الحاكم .
    واليوم ، وفي غمرة هذه المظاهرات الصاخبة التي تعج  بهــا شوارع بغــداد وبعض مـن المحافظات الجنوبية ، تردُ تخمينات البعض بأن دوافعها عدائية تآمرية ، وجب قمعها بالقوة كما حصل في محافظة البصرة . اما  كتلة التيار الصدري وكتلة المجلس الإسلامي بقياة السيد عمار الحكيم ،  تدعوان الى التصدي لهــذا الحــراك وردعــه ، باحتساب أن قــوى سياسية ، والمقصود بها كتلة دولة القانون بقيادة السيد المالكي ورئيس حزب الدعوة الإسلامية  ، هي التي تقف وراء تحريك  هذه الجماهير ، بغية الإيقاع بالسيد حيدر العبادي الذي هو من نفس الكتلة  ومن نفس الحزب . أما السيد العبادي نفسه ، يدعو الى التهدئة ومسك الأعصاب والإبتعاد عن الوقوف بوجه المتظاهرين ، ويعطي لهم الحق في هذا التظاهر . وفي جانب آخر يحذر من قيام الأعداء في اختراق هذه المظاهرات ودفعها لأغراض عدائية تستهدف الأمن العام في البلاد .
    كيف يتمكن هذا الشخص العمل وسط متخبطين بآرائهم وتحركاتهم واهدافهم ومواقفهم  ، مواجهة هذه الفوضى لوحده  في هذا الوضع الدقيق الذي يمر به البلد  . الم تكن هذه صورة قاتمة ، تعكسها مواقف فرقاء العملية التي تقود العراق .؟ تنبؤنا بأن البلد ، كان وسيبقى في مأزق لا مفك منه ، طالما كانت هذه هي قيادته المفككة والمنشغلة دائماً في ادامة التكتل والتمسك باسباب التباعد ، طيلة عقد ونيف من السنين حتى اودعت مصير العراقيين رهن المعاناة والنكبات على اشكالها . واليوم تتراشق بالتهم فيما بينها ، حيال هذا التحرك الجماهيري الذي يصعب عليها ادراك مقصده . هل هو مؤامرة ، أم هو جزعٌ نفذ له صبرُ الجماهير المتعوبة .
    التحالف الوطني الذي يُعــدّ المكون الأكبر في العملية السياسية ، هــو اكثــر انشغالاً فــي البحث عن الزعامة ، وهو الكتلة التي شغلت نفسها دوماً بعدم التماسك فيما بينها على الصعيد الرسمي والشعبي . وتولد عن ذلك ضعفاً في الأداء المركزي للحكومة وسلطتها .
    المظاهرات الجماهيرية التي فاجأت السلطات العراقية ، ليس بالمستبعد أن يتم استغلالها من قبل المتربصين من اعداء العراق ، مثل داعش وغيرهم . ولكن ليس من الصواب كذلك الإعتقاد بأن العامل المحرك هو التآمر ، وليس لمعاناة الشعب قدر كبير في تفجير هذا التحرك الذي يعبرعن غضب الجماهير وهي لم يبقَ في صدرها متسعاً للصبر على ما هي عليه  منذ عام 2003
    نأمل من حكومة السيد العبادي ، أن تحتوي هذا الحادث بالطريقة التي وردت في كلمته ، وخاصة في هذا الوضع الحرج الذي يمر به العراق ، لكيلا يجد الأعداء والمتربصون ثغرة واحدة ينفذون منها للنيل من عزم العراقيين في الدفاع عن ارضهم قبل كل شيء ، وبالتالي الإلتفات الى التعجيل في معالجة الحرمان الذي يعانون منه  .
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media