اوقفوا العدوان التركي على كردستان !!
    الثلاثاء 4 أغسطس / آب 2015 - 00:14
    د. مهند البراك
    بعد خسارة الرئيس التركي اردوغان لأحلامه بفقدانه الغالبية في البرلمان اثر الإنتخابات الأخيرة، توقع كثيرون انه سيلجأ الى العنف و الفوضى لمحاولة إلغاء نتائجها و القيام بإنتخابات جديدة بذريعة التصدي لتصاعد ارهاب داعش الذي شمل مؤخراً بلدة سروج الحدودية التركية ذات الغالبية الكردية، و بمحاولته رفع الحصانة البرلمانية عن نواب حزب الشعوب الديمقراطي بتهم الإرهاب .  .  و بالتالي القيام بانتخابات جديدة على ارضية جديدة خالية بالقمع من معارضي سياساته بتقديره، في محاولته لضمان الفوز بالأغلبية المطلقة كالسابق، بعد ان صار كالذئب الجريح .  .
    الأمر الذي ازداد حدة اثر المناخ الذي اشاعه الإتفاق الأميركي الغربي ـ الإيراني الأخير، الذي افقد الرئيس التركي موقعه الستراتيجي الكبير بكونه الدعامة الوحيدة لحلف الناتو و الغرب في المنطقة، حتى صار يلهث للحاق بما فاته كي لايخسر كلّ اوراقه، اثر خسارة المشاريع الأخوانية في دول المنطقة، و الخسائر التي تُمنى بها داعش الآن على يد القوات المسلحة العراقية و الحشد الشعبي و العشائر الباسلة .  . 
    و الخسائر التي تمنى بها على يد قوات البيشمركة الكردستانية البطلة التي صارت تصعد الى قمم النصر على داعش منذ انتصارها في ملحمة كوباني البطلة، اضافة الى توالي انتصاراتها في ديالى و كركوك و تل ابيض و الحسكة في شمالي سوريا .   
    و فيما اثبتت الشعوب الكردستانية قدرتها على السير في طرق السلام و تحقيقها فيها انجازات كبيرة في فوزها في الإنتخابات التشريعية الأخيرة في تركيا، السلام الذي بدأ اثر التغيير الذي حصل في السياسة التركية الرسمية تجاه قضايا الكرد و كردستان كنتيجة للكفاح الثابت للكورد من اجل حقوقهم المشروعة، التغيير الذي لعب فيه اردوغان في وقته قبل اكثر من ثلاث سنوات دوراً واضحاً، عوضاً عن سياسات العنجهية القومية التركية الحاكمة تجاه الكرد.
    فإن القصف الجوي و البري المتواصل الأخير و الضربات العسكرية و تدمير القرى و سقوط العشرات من القرويين الكرد رجالاً و نساءً و اطفالاً، سقوطهم قتلى و جرحى، في ظروف مواجهة داعش الإجرامية التي تتسع جبهة مواجهتها، التي تلعب فيها الفصائل الكردستانية ادواراً كبيرة، يجعلها تحمل مخاطر ارباك الجبهة الكردستانية في مقاتلة داعش، و يمكن ان تؤدي الى اشاعة حرب اقتتال الأخوة بين الفصائل الكردستانية على ارض اقليم كردستان العراق بالذات لأسباب ليست خافية .  .  و كأنها مواصلة لحكومة اردوغان لدعم داعش بأساليب جديدة .
    و تأتي كمحاولة لقطع الطريق على ب ك ك ـ حزب العمال الكردستاني ـ للحصول على الشرعية الدولية كحزب يناضل من اجل الحقوق المشروعة للكرد، في وقت تزداد فيه الطلبات في برلمانات اوروبا على رفع صفة الارهاب عن ب ك ك و غيره من الأحزاب الكردية لمواقفها الصلبة في محاربة داعش الإجرامية .  .  بعد اعتبار غالبية دول الغرب للحركات و الأحزاب القومية الكردية بكونها جميعها ارهابية في زمن ماضٍ و يمضي، و حيث و الى وقت قريب تعمل احزاب كردستانية حاكمة بشكل دؤوب لرفع اسمها من اللائحة الأميركية للمنظمات الإرهابية وفق مقاييس تلك اللائحة .  .   
    و يرى مراقبون بأن التوافق الاميركي التركي يمكن ان يتضمن اتفاقات مرحلية في مشاريع قيد الإنشاء تواصل العمل لإعادة رسم المنطقة، برغم ان لا ضمان لإتمامها و برغم احتمالات التنصّل منها من قبل احد الطرفين المتوافقين  .  . و يصف قسم ذلك التوافق بكونه عبارة عن ( اميركا تواجه اعدائها الإرهابيين على رأسهم داعش و حكومة اردوغان تواجه اعدائها و على رأسهم الكرد و كردستان ) بسلوكها العدواني آنف الذكر تجاه كردستان .  . 
    من جهة اخرى فإنهم يرون ان المشاركة العسكرية التركية باعمال القصف على داعش في اطار التحالف الدولي الذي لايصيب داعش بشكل مؤثر ماهو الاّ استعراض لحكومة اردوغان ضد داعش، و انه لايعني الاّ التغطية على الهجوم الحقيقي الواقع على فصائل البيشمركة الكردستانية لتحجيمها في اطار مرسوم، و التغطية على الهجوم على المعارضة الداخلية لسياسات اردوغان التي تواجه الفشل منذ زيادة تفرده بالحكم في السنوات الأخيرة، رغم نجاحاتها في سنوات دورته الأولى .  .
        ان ايقاف الهجوم التركي على كردستان اضافة الى حقن دماء الكرد العزّل و قراهم و بلداتهم الآمنة، يعني ايقاف الهجوم على رأس الرمح المواجه لداعش، و يعني رص صف اوسع جبهة لمواجهة ناجحة لداعش الإجرامية، و يعني اعتماد طريق السلام و المفاوضات الذي بدأ قبل اكثر من ثلاث سنوات لحل المشاكل، و قاد الى نجاحات ملموسة على صعيد حياة شعوب تركيا و شعوب كردستان و المنطقة و دولها .
        في وقت تدعو فيه اوسع الأوساط الخيّرة الى رصّ الصفوف الكردستانية و التوافق لحل المشكلات بين القوى و الأحزاب الكردستانية، الذي لن يزيدها الاّ شعبية و نفوذاً، و من اجل الرفاه و التقدّم الإجتماعي و الإقتصادي و من اجل السلم و الأمن لشعوب كردستان و شعوب المنطقة  .  .

    اوقفوا العدوان التركي على كردستان !!


    2 / 8 / 2015 ، مهند البراك
    ahmedlada@gmx.net
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media