إِستصحَبوا الهويّةَ وترَكوا المَنهَجَ زُعَماءُ السُّنَّةِ يَقودونَهُم الى (التّيه) - الجزء الثاني
    الثلاثاء 4 أغسطس / آب 2015 - 02:19
    نزار حيدر
       لِقَناةِ (بلادي) الفضائيّة؛
                                 
       س/ البعض يقول؛ انّ مشكلة المكوّن السّنّي هو تغيّر وتبدّل الرّموز السياسيّة منذ (٢٠٠٣) ولحد الآن، ما يحول دون الاتفاق معهم من قبل بقية الشركاء؟.
       ج/ انّ تداول السلطة داخل المكوّن الواحد ليس مشكلة ولا هو نقص، بالعكس فهذا دليل على وجود نسبة لا باس بها من التّفاهم بين الزعماء، ولطالما سعيتُ، انا شخصياً، لدفع التحالف الوطني لتبنّي هذه النظرية في صفوفه، لكُنّا قد تجاوزنا الكثير من المشاكل الداخلية والخلافات المزمنة التي سببها الصّراع على السلطة او على النفوذ.
       وبهذا الصّدد كنت قد كتبت مقالاً قبل عدة سنوات حمل عنوان (الى التّحالف الوطني..مع التحيّة) دعوت فيه قادتهُ الى تبنّي نظرية تداول السلطة فيما بينهم، ولكن للاسف فانّ التزمّت الحزبي وانعدام الثقة بين الفرقاء حال دون تحقيق على الأقل الحدّ الأدنى من ذلك [لدرجةً، مثلاً، انّ الحزب الحاكم رفض تداول السّلطة في صفوفه، فنجد انّ السّلف لازال يضع العصي بعجلة الخلف لإفشاله، على الرّغم من انّ الاوّل امين عام الحزب والثاني الناطق الرسمي باسمه، وكلّنا يتذكّر كيف ان جماعة الاول شنّوا حملة شعواء ضد الثّاني عندما قبِل ترشيح التحالف له لقيادة الحكومة الجديدة، لدرجة انّهم اتهموه بالخيانة والتآمر وغير ذلك، ولا زال يتلقّى سهامه وسهام جماعته والتي يسمّيها بعض مستشاريه بسهامِ ذوي القربى!].
       س/ الا انّ البعض يقول ان تغيّر الرموز اضاع فرص التفاوض مع المكوّن؟.
       ج/ ابداً.
       اولاً؛ فانّ الكثير من رموز السنّة لازال هو المفاوض منذ اليوم الاول.
       كما انّ الكثير منهم لازال يتسنّم اعلى المناصب في الدولة، منذ اليوم الاول ولحدِّ الان، يتقلّب من موقع لاخر، كما هو حال جلّهم من بقيّة المكوّنات!.
       ثانياً؛ انّ التّفاوض لا يجري مع أشخاص، وانما مع الكتلة.
       هذا الامر ينطبق على السنّة كما ينطبق على الشيعة وكما ينطبق على الكُرد، وهي الكتل الثلاثة الكبيرة التي تقود عادة عملية التفاوض في كل مراحل العملية السياسية منذ التغيير ولحدِّ الان.
       وكلّنا يتذكّر، فانّ المكوّن السنّي كان يخوض الانتخابات النيابية في كل مرة بعنوانٍ واحدٍ، كما هم الشيعة والكرد، وعندما افترقوا فنزلوا بأكثر من عنوان في الانتخابات الاخيرة، عادوا بعد اعلان النتائج ليشكّلوا كتلةً واحدةً تحمل عنواناً واحداً، بالضبّط كما جرى بالنسبة للشيعة عندما نزلوا بقائمتين أساسيّتين، عادوا ليلتئموا مرّة اخرى تحت عنوان واحد هو (التحالف الوطني).
       كما نعرف جميعاً، من جانب اخر، انّ المكوّن السنّي كان يشكّل لجنة سياسية واحدة لإدارة ملفٍّ التفاوض مع بقية الشركاء، كما فعل الكرد والشيعة.
       اذن؛ ليس هناك اختلاف بين المكونات الثلاث على هذا الصعيد.
       س/ فما هي مشكلتهم اذن؟.
       ج/ من خلال متابعتي الدقيقة للساحة وعن قرب، وعبر حوارات ولقاءات سياسية كثيرة مع عدد كبير من الزعماء السنّة، يتّضح لي ان مشكلة المكون السني تكمن في ثلاثة اسباب:
       السّبب الاول، هو ان قادته السياسيين يفقدون الرؤية، فلا يعرفون ماذا يريدون بالضبط، فمن جانب، هم يحنّون الى الماضي، فيتمنَّون لو تعود عقارب الزمن العراقي الى الوراء يحكون البلاد بلا منازع، ويعود بقية الشركاء مواطنون من الدرجة الثانية فما فوق!.
       هذا الحنين لا يحثّهم للتفاعل بشكلٍ كاملٍ مع العملية السياسية، ولذلك تراهم تارة يقاطعون واُخرى يلتحقون، تارة مع أيتام الطاغية الذليل صدام حسين واُخرى مع الارهابيين، والجمع أولى، فترى بعضَهم يحضرون تحت قبة البرلمان في النهار ويجتمعون مع الارهابيين في اللّيل.
       وانّ فيهم عدد لا يُستهان من النواب الارهابيين، وهذا ليس اتهاماً وانّما حقيقة لمِسها الشارع العراقي بشكل واضح، اذ قالها وصرح بها عدد منهم، بل ان بعضهم مارس الارهاب تحت قُبة البرلمان، فيما اعتُقل البعض وهربَ آخرون!.
       السبب الثاني؛ هو انهم انشغلوا بالفساد المالي والاداري بشكلً كبيرً جداً، على حساب الانشغال بأهدافهم السياسيّة، ولذلك تلحظ ان ابسط شَيْءٍ عندهم هو تغيير المواقف (١٨٠ درجة) مقابل چك من هذا الطرف الاقليمي او ذاك الطرف الداخلي، لدرجة انّ كل طرف داخل المكوّن راح يفضح الاخر من على شاشات مختلف الفضائيات ليل نهار [ولعل من السهولة بمكان ان نسوق فضائح نائب رئيس مجلس الوزراء مسؤول ملف النازحين، كنموذج على ما اذهب اليه هنا، طبعاً بناء على اتهامات زعماء من نفس المكوّن].
       السبب الثالث؛ هو انهم لا يبادرون لمشروع اذا لم يتلقّوا الإشارة من دولة او اكثر من دول الجوار.
       بمعنى آخر، انهم لا يمتلكون مشروعاً وطنياً، وانّما كلّ مشاريعهم مدفوعة الثمن، ولقد ذكر ذلك بوضوح وشجاعة رئيس مجلس النواب الأسبق قبل عدة أسابيع في برنامج حواري على احدى الفضائيات العراقية.
       هذه الأسباب هي التي أربكت المكوّن السنّي، ولذلك لا ابالغ ابداً اذا قلت بأَنّ زعماء السنّة قادوا المكون الى صحراء (التّيه) [لا ادري كم سيطول تيههم هذا] فكانت النتيجة ان محافظاتهم استُبيحت واغتُصبت من قبل الارهابيين، وقد تعرّضت اعراضهم وشرفهم الى الانتهاك في وضح النهار، كما تعرّض كل شيء الى الدمار، الى جانب عمليّات نزوح مليونيّة وتشرّد وضياع، بالاضافة الى العديد من المشاكل العويصة التي يعيشها المكوّن، وكلّ ذلك، برأيي، سببهُ التخبّط في المشروع السياسي الذي تبنوه منذ التغيير ولحد الان، وانعدام الرؤية والاستقرار على هدفٍ واحد عن قناعة.
       تصوّر، ان عدداً يعتدُّ به منهم لازال يرفض القتال ضد الارهابيين، او حتى تعريتهم وكشف جرائمهم، وهم الذين يستبيحون كل شيء في المكون الذي يفترض انّه يمثّلهُ، السنّي، وشعارهُ [نارُ الارهابيّين ولا جنّةُ الصفويّين]!.

       يتبع

       ٢ آب ٢٠١٥
                        للتواصل؛
    E-mail: nhaidar@hotmail. com
    Face Book: Nazar Haidar
    WhatsApp & Viber& Telegram: + 1
    (804) 837-3920

    1. إِستصحَبوا الهويّةَ وترَكوا المَنهَجَ - الجزء الأول - نزار حيدر
      04/08/2015 - 15:02 مقالات

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media