جبهة علمانية عراقية... على الطريقة الامريكية... أبطالها ... جاسوس وحرامي وخائن... فيالبئس المواقف والخيارات...!!!
    الأثنين 24 أغسطس / آب 2015 - 20:53
    أ. د. حسين حامد حسين
    لأكثر من مرة ، حاولنا في كتاباتنا توضيح حقيقة التفكير اللاعقلاني واللامسؤول للادارات الامريكية في سلوكها وسياساتها تجاه العراق من اجل مصالحها من خلال تدخلاتها في الشؤون العراقية ، فهي ومسعود برزاني تكادا تكونان نسخة واحدة من حلف قميئ في السلوك المتسم في التعاملات الفظة ونزعات فرض المواقف والتعالي وعدم احترام استقلالية الحكومة العراقية وارادة الشعب وحقوقه . فتلك التوجهات لكليهما أضرت كثيرا بالعملية السياسية وأربكت الاداء الحكومي وشجعت كتلا سياسية لمزيد من الفوضى وعدم الاستقرار ، وخصوصا تلك التي لا تزال يمثل وجودها امتدادا للنظام البعثي ، والتي انتعشت واستقوت كنتيجة لدعم كلا الاداراتين ، الامريكية والبرزانية .
    كما وذكرنا دائما أيضا ان الادارات الامريكية لا توافق على حكومات دينية تقود السلطة في العراق ، ولا نجد امام رغباتها في التدخل في الشؤون العراقية سوى مزيدا من اصرار المواقف على ممارسة ضغوط  شتى ، حتى ان تدخلاتها أغضبت الشعب العراقي من خلال اعطاء انطباعات وكأن العراق مجرد "مستعمرة"  تابعة لها أو ولاية من ولاياتها . وهذا الامربالذات أوضح لنا ، ان فروض الطاعة التي تمليها الادارة الامريكية بالذات لم تكن لتستطيع أن تمرر لولا وجود كتلا سياسية تتسم بعدم الولاء والانتماء للعراق . فالدعم الكبير الذي تتلقاه تلك المجموعات الفاسدة من كتل سياسية والاستهانة بحقوق العراقيين وعدم الاكتراث بالسيادة العراقية ، لن تسمح للخيرين من اعادة بناء العراق في خضم طوفان من فساد وانفلات كهذا.
    وهكذا كان إلافتراق والنأي النفسي والشعور بالحنق وفقدان الثقة بها ، هو النتيجة التي خرجت بها الاغلبية العراقية عن تجربتها مع الولايات المتحدة ، والتي أظهرت فشل سياسة الولايات المتحدة الكبيرفي العراق ، والتي يمكن ان ينطبق عليها المثل العراقي في "معاملات البيع والشراء" مع البعض غير المستقيم ، "يرينا "حنطة" وبييع لنا"شعير" !! فمواقف الولايات المتحدة التي جلبت كوارثا على العراق لا يمكن أن ينساها شعبنا . فبالاضافة الى دعمها للبعثيين في الداخل واعادتهم الى مرافق السلطة والبرلمان ، كانت هناك خيانات في مباديئ الثقة على المستوى العسكري ضد القوات العسكرية والحشد الشعبي . ففي الوقت الذي كانت تضحيات هؤلاء ألابطال تمثل النقطة المضيئة في قتالهم ودحرهم لداعش ، وحيث كانت الحكومة العراقية تمر بظروف عصيبة وتلح على الادارة الامريكية لتوفير السلاح والمعدات والطائرات ، كانت الادارة الامريكية في ادعائها بمحاربة داعش ، وهي كذبة لم تنطلي على العراقيين، كانت تقوم باسقاط التعزيزات والاسلحة والاغذية فوق تجمعات داعش !!! فهل للخبث صورا اخزى من ذلك؟ 
    ولم تقتصر المواقف السلبية لادارة الرئيس اوباما في تعامله "بوجهين" مع العراق . وكنتيجة للفشل السياسي لها في العراق ، لم تعد الادارة لتستطيع ان تجد لنفسها في العراق من تستطيع الاعتماد عليه للوقوف معها ، سوى سياسيين من كتل موصومون بعار الجاسوسية أواللصوصية أوالخيانة الوطنية!! فكما نجدها اليوم ، فان الادارة ، وباسم "العلمانية" تحاول ايجاد وسيلة جديدة لحرف التظاهرات الجماهيرية وسط  الاحداث الفائرة للاصلاحات السياسية من خلال الدعوة لبعض من هؤلاء السياسيين الفاسدين للقيام بهذه المهمة والانقلاب على الاصلاحات الجديدة وتثبيت مواقعهم. فالسياسيون الذين اختارتهم الادارة ، هم الثلاثة الاكثر سوءا لشعبنا: اياد علاوي والذي لم يعد يطيق العراقيون وجوده كسياسي فاشل ومشاكس . إذ لم يعد يمتلك في جعبته ، سوى التصريحات والبيانات الثورية ، بعد ان قادت سياسته المتعالية كرئيس لكتلة ، أن أنفض عنه ممن حوله.
    أما الشخصان الاخران ، فهما اللص الدنيئ صالح المطلك ، والذي لم يردعه الشعور بالالم والرثاء على ألاف العوائل النازحة هربا من بطش داعش في الموصل ، فلم يجد في بقايا قيمه المنهارة أي اعتراض ليقوم باختلاس مخصصات هؤلاء النازحين . والاخر، اسامة النجيفي الخائن وسليل عائلة الخيانة ابتداءا من جده الذي قاد حمله استفتاء من اجل ضم الموصل لتركيا ، أو أخاه أثيل المتهم الرئيسي في سقوط الموصل ، او الولاءات الشخصية لاسامة نفسه لتركيا واردغان ، حيث لا يزال اسامة يحلم باستقطاع الموصل وضمه الى تركيا!!
    والسؤال هنا ، هل وصل الحال بادارة الرئيس اوباما انها لا تبالي ان يكون أبطالها في العراق هؤلاء الثلاثة ممن لفظهم العراقيون ، وهم في طريقهم الى ان يقول الشعب العراقي كلمتهم بهم قريبا؟
    أن مشكلة ادارة الرئيس اوباما بشكل رئيسي في سياستها الباغية ضد العراق ، انها تستهين بذكاء العراقيين . وهي من اجل اهدافها ، لا تبالي بخلق مشاكل كبرى لشق الصف العراقي . فعلى سبيل المثال ، موضوع ما فرضته الادارة الامريكية مع ما سمته "بالمصالحة الوطنية"، مع انها تعلم جيدا انها تفرض على الحكومة وشعبنا مصالحة مع مجرمين ارهابيين بعثيين ، واخرون لصوصا وفاسدين وخونة ولهم ولاءات خارجية معروفة. فهؤلاء هم من جاءت هي بهم الى مراكز السلطة والبرلمان فاستطاعوا من خلال مواقعهم ، دعم داعش وعزت الدوري والنقشبندية ، ولا تزال هذه الكتل المعنية بالمصالحة ، هم اسباب هذا الفساد الحكومي والاداري والمالي .  فالادارة تتكلم باسم الديمقراطية في العراق ، ولكن هذه الديمقراطية التي تطالب بفرضها ، طالما وضعت الحكومة في حرج امام ارادة العراقيين الذين عانوا لعقود طويلة من ويلات هؤلاء وامثالهم في حكم المقبور، ولكنهم ، ازدادوا اجراما وفسادا منذ 2003، نتيجة تدخلات الادارات الامريكية لصالح هؤلاء الاخساء.
    فالتناقض الذي تعيشه الادارة الامريكية في سياساتها وكما يبدوا ، لا يسبب لها حرجا كقوة عظمى نتيجة لتدخلاتها في الشأن العراقي . فحينما ينبري الشرفاء من الامريكيين لفضح هذا التوجه الاجرامي في دعمها لداعش او القاعدة والنصرة ، فان الولايات المتحدة تسارع الى فضح جرائم داعش وتمضي  تؤكد على الاهمية الكبرى في حماية أمنها الوطني . ولكن ، الولايات المتحدة التي كانت السباقة الى دعم الارهاب العالمي واستثماره لصالحها من خلال دعمها للقاعدة اثناء غزو الاتحاد السوفيتي لافغانستان، فانها برهنت في مجازفاتها تلك بمحاولات السيطرة على العالم من خلال تهديد العالم بتلك المنظمات الارهابية حينما تشعر ان وجودها في احد الاماكن بالعالم لم يعد مرغوبا به. مثلها في ذلك ، كمثل من يقوم بتربية كلب مسعور ، ويستخدمه لاغراض عدوانية ، ولكنه ، لا يتوقع ان ينقلب هذا الكلب عليه يوما .
     
    ففي الوقت الذي لا تزال تصدح حناجر العراقيين بالمطالبات للقضاء على الفساد والفاسدين اليوم ، فيصبح من الضروري النظر بجدية لهذه التظاهرات التي لا يمكن التكهن بمدى استمرار طبيعة سلميتها في الشارع العراقي ، والتي ترفض ألاوامر من أي جهة لعفويتها واصرارها على التغيير الجذري لما يسود في المجتمع العراقي من انهيارات نتيجة فساد الحكومة والبرلمان والسلطة القضائية، نجد تحرك السفارة الامريكية في بغداد اليوم بهذا التوجه السياسي الفاشل وبالاعتماد على أسوأ السياسيين بدلا من مباركة الاصلاحات السياسية ، فتبرهن السفارة الامريكية في بغداد من جانبها ، على مواقف اكثر من سلبية وتمثيلا لحراك عليل بكل اشكاله واتجاهاته .
    أن وجود احزاب الاسلام السياسي في هيمنتها على القرار، يجب ان لا يعني أبدا أن الولايات المتحدة تحاول ان تجعل من كتل سياسية بعثية وبوجوهها السياسية وألتي تلقى اعتراضا كبيرا من قبل العراقيين في وجودها في السلطة والبرلمان، فجعل منهم ، بديلا لتلك الاحزاب السياسية الاسلامية، فتزيد في الفساد فسادا وتمعن في المزيد من مشاكل العراق .  ففي الوقت الذي تصر فيه الادارة الامريكية الى دعم الفساد ، ومحاولة تكوين جبهة "علمانية" من لصوص وخونة وجواسيس، فانها وبلا شك،  تحاول ادارة الحراك الجماهيري الشعبي نحو اهدافها من خلال مواجهة الاصلاحات بهذا النوع من اللامبالات في عدم دعم العراق والقضاء على الفساد والمبادرة الى تقديم الدعم في مجال الكهرباء والماء وحل المشكل المتفاقمة.
    ان الحقيقة الوحيدة التي يجب استخلاصها ، هي ان العراق وشعبه لم يكن ليعني لادارة اوباما سوى ما يمكن أن  يضمن لها مصالحها فيه وبأي وسيلة ممكنة؟ فهؤلاء "العلمانيون" الذين روجت لهم السفارة الامريكية في بغداد ، لتضعهم كخيل سباق في حلبة الصراع من اجل الاصلاحات ، انما هو حلقة جديدة من حلقات العمل بالضد من الاهداف التي تخرج الجماهير من اجلها اليوم للشوارع العراقية مطالبة بالتغيرات الجذرية.
    كما وان حالة الفتور التي لا تزال تسود العلاقة بين الادارة مع حكومة العبادي، كنتيجة للاملاءات التي فرضتها الولايات المتحدة في تدخلانها في الشؤون العراقية ، والتي لم يجني منها العراق سوى الوعود وتفويت الفرص وتقوية داعش ، قد ألت الى فضح مصداقية الولايات المتحدة كقوة عظمى ووضعتها على المحك.
    حماك الله يا عراقنا السامق...
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media