عراقيّتي هويّتي!!
الثلاثاء 25 أغسطس / آب 2015 - 03:36
د. صادق السامرائي
أنا إبن بلدٍ عريق مسافر في مديات الأزل الإنساني , ومجسّدٍ لإرادة الحياة الحضارية السامية , التي وضع لبناتها الأولى أجدادي الأباة في وادي الرافدين.
أنا إبن الكلمة المشرقة الصادقة المكتوبة الناطقة , التي حفظت الأفكار والتصورات الإبداعية , وإبتكرت آليات التواصل المعرفي عبر العصور والأجيال.
أنا إبن الذين إكتشفوا الزراعة ورغيف الخبز , وأوقدوا النار لتكون مصدرا للدفئ وطهو الطعام , فتجاوزوا مراحل الصيد إلى الإستقرار في مدن الأرض الأولى المشيدة بإرادتهم وتطلعهم الإبتكاري الجديد.
أنا إبن الدستور والقانون والنظام والعدل والمساواة ما بين الناس , حيث رفع أجدادي رايات أول دستور فوق التراب وحكموا وفقا لضوابطه , ووضعوا معايير التفاعل البشري بدقة وفهم متقدم وخالد في الأذهان.
أنا إبن آدم وحواء , أنتمي لجميع الرسالات والأديان , لأنها أوجدت منطلقاتها وأسسها الجوهرية فوق أرض بلادي , فأبوا الأنبياء من وطني , وهو الذي حمل طاقات أجدادي وفجرها في عقيدة التوحيد , وأرسى معالم وأسس العبادات الكبرى ليسير على هديها الناس بعد الناس.
أنا إبن الأدب واللغة والمعرفة والعلوم , فالشعر إبتدأ في ديارنا والمسرحية والقصة والرواية والموسيقى والرسم , وجميع الفنون التي وثقها الأجداد في لوحات الكهوف والصخور , وما أبدعوه من الأدوات والآلات والعجلات والتماثيل , في المعابد والقصور والمسارح والمدن وما تشير إليه دلائل التفوق الحضاري الأصيل.
أنا إبن دجلة الخالد والفرات الرائد , اللذان يجريان من عيون الأزل إلى خلجان الأبد , وفي واديهما إنطلقت الحياة وتحققت أمجاد البشر , ونبغت فنون البقاء وقوانين الصراع والحفاظ على الأصلح للنماء وتحقيق الأمل والرجاء.
أنا إبن النخيل الباسق وبساتين البرتفال والنارنج والرمان , والعنب والتفاح والمشمش والخوخ والإجاص والتكي والعرموط والتين.
أنا إبن مزارع الرقي والبطيخ والشمام والطماطم , والخيار والخس والباذنجان والحنطة والشعير , والذرة وعبّاد الشمس المتوهج بالأمل.
أنا إبن الفاو وزاخو , والبصرة ودهوك والسليمانية وأربيل , وكركوك والموصل وصلاح الدين والأنبار , وديالى وبغداد والحلة والنجف وكربلاء , والناصرية والعمارة والسماوة والبصرة الفيحاء , وجميع مدن وقرى العراق.
أنا العربي الكردي التركماني المسلم المسيحي اليزيدي السني الشيعي , أنا إبن كافة الطوائف والمذاهب والأديان , وأكتنز كل الألوان.
أنا إبن العراق , الوطن الحبيب , البعيد القريب , المريض الطبيب , الذي يعاني من جراحات المغيب.
أنا العراقي , الشامخ الصامد المعاند الواعد بالأمل الجديد.
أنا الذي يعشق العراق , بمياهه ونخيله وإنسانه.
أنا العراقي , الذي لا يرى أجمل من ألوان العراق وصوته , وإرادته الإنسانية الظافرة المباركة بالحق , والإقدام والإحترام والإلتزام بالأخلاق النبيلة السامية.
أنا العراقي , أحب العراق وأخي العراقي , وأسعى إلى الأخوة والألفة والتكاتف والتكافل , والعمل من أجل سيادة الفضيلة ونماء الأمل.
أنا العراقي , ولا أريد عنوانا آخر بديلا عن عراقيتي والعراق.
فالعراق بيتنا الجامع , وما دونه عدونا القامع.
وعراقيتنا هويتنا!!
فكن عراقيا ليبتسم العراق!!
ذلك جوهر لسان العراقي وغيره هراء!!
د-صادق السامرائي