إنـــــدو Undo
    الثلاثاء 25 أغسطس / آب 2015 - 20:55
    زاهر الزبيدي
    عجيب هذا الأمر في شريط أدوات الحاسبات الالكترونية  ، وعمله ، لمن لايعلم ، أنه يعيدك الى للخطوات ماقبل الاخيرة ، مهما كان  عددها ، التي عملتها في تلك الصفحة البيضاء التي يملؤها أغلبنا كل يوم تقريباً ، أما بشكوى ، أو بفساد ، بمظلمة ، ببححث علمي أو انساني ، بنعي أو تهنئة ،  ببؤس أو برسالة حب وعشق ، أو حتى بمقال تعبان لما بعد الظهيرة .
    وتلك الإندو العجيبة كانت أمراً مهماً بالنسبة لكل المبتدئين في تعلم مبادي النشر المكتبي ، Office ، وأولئك المصممين الذين لم يعودوا خائفين من التحرك في لوحاتهم لعمل التصاميم فمهما حصل من خطأ بإمكان الإندو السحرية تعيدك وكأنك لم تفعل شىء البته ، بل أنه يمنحك الثقة أن تمضي قدماً في عملك ، أياً كان نوعه ، دون الاكتراث للخطأ فكل خطأ مرجوع عنه بقوة الإندو تلك .
    الإندو تلك تعالج لك خطأ ما في الحاسبة الالكترونية ، ولكن من ذا الذي يعالج لنا آلاف الاخطاء التي عملناها في حياتنا ، بعيداً عن الحلال والحرام ، فالرب سبحانه وتعالى يغفر لمن يشاء برحمته ، ولكن تلك الاخطاء التي أرتكبناه كشعب بحق وطننا ، هل من إندو سحري ليعدنا الى 2003 أو حتى لما قبل ذلك ، لنعيد حسابتنا من جديد ، لمن أعطينا أصواتنا حينما خرجنا تحت تهديد الارهاب لبعض من الفاسدين الذين لاتفارقنا صورهم قابعين يومياً أمامنا ، بعد طول عذاب وقهر ،  وبأكثر من خطوة كنا نغمس اصابعنا في الحبر البنفسجي الذي ما جلب علينا إلا البؤس ، فحتى اليوم تتلاحق الازمات على وطننا الذبيح بالارهاب والفساد ، نموت يومياً لم يسطع أحد من كل اللذين حصلوا على اصواتنا من تأمين حياتنا .
    لمن الإندو ، اليوم ، لخطوات كانت هي عين الفساد بل هي براكين الفساد خرجت منها حمم طالت كل شيء فيها ، الحرث والنسل وما الارهاب اليوم إلا جزء بسيط من حمم الفساد التي تطلع على أفئدتنا بحسرة بالغة على ما فرطنا فيه من أمرنا مع من انتخبناهم حتى ضاع علينا من المفسد منهم ومن الذي يمتلك يد خير يمكنها أن تشفي من كلم فؤاده من أبناء شعبنا .
    الإندو اليوم لنتراجع عن الخطوات التي جعلت من 31% من ابناء شعبنا تحت خط الفقر حينما أعلنت وزارة التخطيط الخميس الماضي على لسان وزيرها إرتفاع نسب الفقر في العراق ، ففي المحافظات المحتلة من قبل داعش ارتفعت الى 41% وفي بغداد الى 13% ومحافظات الوسط الى 18.6% ومحافظات الجنوب الى 31.5% واقليم كردستان الى 12.5% ، وهذا ما يعني أن الملايين من ابناء شعبنا المظلوم يرزحون تحت خط الفقرة بعدم قدرتهم على توفير قوت يومهم على الرغم من الكم الهائل من الثروات التي يتمتع بها البلد .
    الإندو اليوم للمجازر التي ارتكبتها الطائفية ومن يقودون مؤامرتها بحق ابناء شعبنا وجثث مجهولة الهوية ومن أخفي قسراً عن وطنه وغيبته المقابر الجماعية ومن ذهب شهيداً ضحية الارهاب الكافر حين بلغت أعداد الشهداء من أبناء شعبنا رقماً يفوق التصور الانساني ويثير الحيرة في نفوسنا حول مستقبلنا في الوطن المنكوب .
    الإندو اليوم لخططنا التي لم تجد نفعنا في نقلنا أقتصاديا لحال أفضل حينما يُقاد وطننا الثري اليوم الى مستقبل اقتصادي مجهول قد يدمره بأكمله ، تلك الخطط على انواعها التي أفشلها الفساد بقدرته العالية على إسقاط كل أمل بالنهوض وبإدارة خطط تنموية ناجحة تعوضنا عن إنهيار اسعار لعنة النفط التي ابتلي بها العراق .
    الإندو اليوم للإبقاء على جذوة الامل في نفوسنا التي تقاوم ما نكابده كل يوم من شر يتلاحق في كافة مجالات الحياة غير قادرين على تجاوز المحن على الرغم من كل الاصلاحات التي لا زالت غير مجديه في تحديد مكامن الخطر والانقضاض عليه بقوة .
    الإندو اليوم لكل خطوة جعلت من شبابنا تتقاذفهم البلدان وتبلعهم مياه المحيطات ، مكروهين غير قادرين على إثبات وجودهم ، جل همهم الحفاظ على أمنهم في اي بقعه من العالم حتى لو أنتزعت كرامتهم باللجوء والعمل في أقذر الأماكن هرباً من الموت المحتم بفعل الارهاب والطائفية والفقر واستشراء الفساد وبعد عتمة المستقبل في أفق العمر البعيد .
    الإندو اليوم لنضع حداً لتشبثنا بالإختيار الخاطئة ولنصحح مسار الوطن الذي نسكنه وأن نعيد المصالحة معه ونقدم مصلحته على كل المصالح الفؤية الضيقة التي مابرحت تنهش في أعمارنا وفلذات أكبادنا ..
    فما أجمل أن نمتلك اليوم القدرة على إعادة النظر بكل خطوة كنا قد خطوناها سابقاً دون أن نعلم بأننا قد وضعناها على لغم بإنتظار أن ينفجر صاعقه ويطيح بنا وبمن نحب من حولنا .. حفظ الله العراق.


    زاهر الزبيدي
    zzubaidi@gmail.com
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media