إصلاح وليس تهديماً
    الجمعة 28 أغسطس / آب 2015 - 05:58
    سالم مشكور
    إعلامي ومحلل سياسي
    تناقل بعض رواد الفيس بوك مؤخرا شريط فيديو لعراقي يعترض النائب السابق سامي العسكري في أحد الاسواق لينهال عليه بالتهجم وكيل الاتهامات والطعن بنزاهته. علما أن أحدا لم يسجل على العسكري يومــــاً ما طعنا بنزاهتـــه أبداً.  بل انّ نظافة يديه معروفة للجميع.
    طبعا اتهامات صاحب الشريط لا تقوم على معلومات، بل تتعامل مع النائب السابق كمتهم لمجرد انه سياسي.
     ما جرى في هذا الفيديو القصير يشير الى ظاهرة بدأت تتفشى مؤخرا تقوم على افتراض ان كل سياسي هو فاسد وكل مسؤول لا بد وان يكون فاسداً.
    يتبع ذلك التعميم القول بأن البرلمان كله فاسد والحكومة كلها فاسدة وصولا الى فساد النظام السياسي كله.
    لا يبدو هذا الامر عفويا، رغم ان ممارسات كثيرة من المسؤولين الفاسدين تساهم في تدعيم هذه الظاهرة. إلا انها في الاساس من فعل فاعل.
    بعض المحطات التلفزيونية التي يديرها أشخاص من خارج البلاد، تضرب منذ سنوات على هذا الوتر. كل خطابها يصب في عملية التعميم والإيحاء بأن الجميع فاســدون.
    هكذا يتم إسقاط هيبة الدولة لتحل الفوضى، وهي أرضية مناسبة للاطاحة بالنظام السياسي ككل.
     لا أفهم مغزى أن يقوم مذيع تلفزيوني بدور خطيب محرض على الفوضى داعيا الناس الى مداهمة مكتب المسؤول ورميه خارج الدائرة، سوى أنه يتعمد بث الفوضى. ولا أفهم استمراره على هذا الخطاب سوى ان صاحب المحطة التي يعمل فيها موافق على ذلك.  ولا أستطيع النظر الى تبني صاحب المحطة هذا السلوك على أنه استهتار فردي، بل تنفيذ  لأجندة محددة هدفها الاخير الاطاحة بالنظام السياسي القائم.النظام وليس الحكومة، وبين الاثنين فرق واضح.
    لا يختلف اثنان على فساد الكثير من شخوص الحكم الحالي، وهو جزء من ثقافة فساد تتفشى في المجتمع على كل المستويات. لا ينجو منها من يرفع صوته ضدها إلا إذا مرّ باختبار حقيقي يتعفف فيه عن مدّ يده الى مال عام متاح أمامه.  ولا يجادل أحد في وجوب محاربة الفساد بكل الطرق وبأقصى ما يمكن من الحزم والقسوة.
     لكن لا يمكن أن تتحول عملية محاربة الفساد الى وسيلة لمحاربة النظــــــام وعلى يــــــد أبنـــــاء النظــــام المتضــــررين مــــن ارتباكــــه أو زوالــــه.
     وإذا كان من حق ابناء النظام أن ينتفضوا ضد الفساد والترهل في الاداء الحكومي والتقصير في تقديم الخدمات.
     فان الحذر واجب من دخول مغرضين على خط التظاهرات من أجل حرفها نحو التسقيط والتهديم تمهيداً لتحقيق ما عجزت عن فعله السيارات المفخخة والمؤامرات السياسية والاعاقات المتواصلة.
     منذ أكثر من عقد من الزمان للقول ان الحكم الجديد فاشل وان السابق أفضل حالاً وأكثر قدرة على حكم البلاد.
    لنتذكر دائما الخراب الذي حلّ بالعراق خلال عقود من حكم الدكتاتورية، والــذي من نتائجه ثقافــــــة الفســـــاد التي نئن منها اليوم.

    (الصباح)
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media