الشعب .. لازال في الزاوية الميتة!
    الأحد 30 أغسطس / آب 2015 - 12:48
    زاهر الزبيدي
    حتى اللحظة ، يتواصل إنطلاق شرار الحُزَم الاصلاحية من رئاسة مجلس الوزراء ، وأعتقد أننا سنضّيع يوماً عددها ، وصلت الى الحزمة الثالثة مساء أمس ، وعلى يقين تام بأن الاصلاحات تحتاج الى وقت طويل لنرى لها جدوى في تطوير كفاءة الاداء الحكومي وتعزيز هيبة الدولة وتنشيط الاقتصاد العراقي وتفتيت كل أسس الفساد بالانظمة والقوانين والمراقبة "الشريفة النزيهة " لأدق التفاصيل في النظام المصرفي العراقي ، ولكن الغريب أننا دائماً ما نضع أبناء شعبنا في الزاوية الميتة ، ويعلم جميع السائقين انها زاوية قاتلة قد تتسبب في عُشر الثانية بإزهاق حتى الارواح.
    حتى الآن لم تسطع كل مصائد حُزَم الاصلاح وشباكها من إصطياد حوتاً واحداً من الحيتان التي طالما تحدثنا عنها وتحدث عنها السيد رئيس مجلس الوزراء كثيراً وأقصد بالحيتان أولئك ممن فاقت عمليات اختلاسهم وسرقتهم بكل الطرق مليارات الدولارات ـ ولم يوجه حتى اللحظة السؤال الشهير : من أين لك هذا ؟ لأي سياسي أو مسؤول في الحكومة أو عضو برلمان ، والحيتان لازالت تتقافز أمام أبناء شعبنا تدعم الاصلاحات وتشيد بمطلقها  !..  الحكومة التي تمتلك ملايين الموظفين ممن أنتهكت حقوقهم في العمل بعدم وجود الستراتيجية القائمة على إيجاد فرص العمل معطلة قابلياتهم بالإنتاج فحرموا من فرصة التقدم العلمي ومواكبة صناعات العالم من خلال زمرة من المدراء العامين العاجزين عن إستثمار المليارات من الدولارات في بناء المصانع ووضع اسس الصناعة في العراق ليضيعوا بذلك فرصة العراق الكبيرة في دعم ابناء شعبه من الموظفين بالحوافز الانتاجية الكبيرة وتحسين واقعهم المعيشي.
    ومنهم موظفوا شركات التمويل الذاتي التي تستهلك رواتبهم مليارات الموازنة بلا عمل مطلقاً ، حيث كشفت لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب في أيار 2015 ، عن ان مقدار القروض التي منحتها المصارف لشركات التمويل الذاتي بلغت 11 مليار دولار ، فيما اكدت عجز تلك الشركات عن سداد ما بذمتها من مبالغ الى تلك المصارف .. ألا يحتم الواجب الوطني أن يتم توجيه المسائلة لكل من تربع على كرسي المسؤولية ، لماذا لم يتم إستثمار مليارات الموازنة السابقة والتي تقدر بـ 700 مليار دولار عن قيمة النفط المصدر منذ 12 سنة في ايجاد فرص واسعة للعمل ؟
    لماذا نضع شعبنا في زاوية الرؤية الميتة ونحن نعلم علم اليقين بأن ثورته على كل النظام السياسي قريبة وستطال كل فاسد أساء تقدير قوته ، فهو ونتيجة لقسوة الفقر والارهاب سيتحول عن قريب لأداة تمحق الفاسدين وتطيح بكل أولئك الذي تبجحو بالوطنية الفارغة وأمعنوا النظر الى الامام لمصالحهم الفؤية الضيقة متناسين حقوقه أو الدفاع عنها حتى .
    عدد موظفي الدولة العراقية يزيد على الثلاثة ملايين بقليل ، منهم موظفوا البرلمان العراقي ورئاسة  الجمهورية ، ممن نابتهم الاصلاحات ، بعدد 3036 موظف حسب الاحصاءآت التي ترافق جداول الموازنة لعام 2015 ، أي أن نسبتهم 0.1% من مجموع موظفي الدولة العراقية ، لا أعلم المبالغ التي وفرتها للدولة تقليص رواتبهم ! وهل سدت العجز ؟ وهل غطت على الاختلاسات التي تجري في المصارف ، ومصائب النظام المصرفي الكبيرة ونفقات الايفادات وسفر المدراء العامين في وزارات الدولة وتلكؤ عشرات الآلاف من المشاريع "الاستثمارية " التي ما أقيمت إلا لتكون الضرع الذي يحلب منه المفسدون قوتاً لشياطينهم ، كان حري بالحكومة أن تتوجه لهيكلها الذي ينهشه الفساد ، المشاريع الفاسدة ومشاريع متوقفة ومشاريع لا جدوى إقتصادية من إقامتها ومشاريع كانت ولا تزال حبراً على ورق ومشاريع هرب مقاولوها بمبالغ الدفعة الاولية لها ومشاريع كبرى أعلن عن افتتاحها أكثر من ثلاث مرات ولازالت قيد التنفيذ منذ سنوات ، ناهيك عن النظر بعين متبصرة لمزاد العملة الصعبة والمافيات التي تديره ، كل ذلك هو ما يجب على الحكومة أن تبدأ بمعركة إصلاحها ، وتقليص الرواتب الذي حدث ماهو إلا لذر الرماد في عيون المظلومين من ابناء الشعب لا أكثر مع أننا بقوة مع هذا التقليص ولكن حينما يعزز الموازنة المليارية للدولة ويضيف زخماً لنجاحها الاقتصادي .
    مع عدم وضوح الرؤيا ، وعتامتها علينا أن لا نضع شعبنا في الزاوية الميتة ويجب أن " نبهره" بالأصلاحات بإختيار أهمها للتطبيق عملياً وأمام أنظاره وهنا أشير الى أن السؤال الشهير : من أين لك هذا ؟ وبمن سيبدأ ؟  وهل هناك الجرأة لنبدأ بأحد ما ؟ ونحن على ثقة تامة بأن سؤال واحد منه سوف يعيد للموازنة عافيتها ، وكلما تأخرنا فيه ، كلما حمى وطيس المظاهرات وسهلنا هروب الفاسدين .. حفظ الله العراق .


    زاهر الزبيدي
    zzubaidi@gmail.com
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media