هل أننا فعلا نحارب الفساد... أم نخلق فرصا لتقسيم العراق من خلال تشريع عارا اسمه ..."الحرس الوطني"...؟؟!!
    الأحد 30 أغسطس / آب 2015 - 19:50
    أ. د. حسين حامد حسين
    الفساد في الوطن العراقي و"بدون حسد"، لا يزال بامتياز بألوان وانواع وطرائق ووسائل ما أنزل الله بها من سلطان ، بحيث لم يعد من السهل معرفة كنه أو عمق هذا الاسفاف في ألاخلاق العراقية في الدناءة والانحطاط وقذارة الضمائر. فالفساد قوة معقدة لا تتسم بالغباء المفترض ، مزقت المجتمع العراقي ووأدت قيمه ، ولا تزال ومنذ اثنتي عشرة سنة ، تدير اركانه بمهارة شيطانية فائقة حتى اضطر الاشراف الوطنيون للانزواء ، وبات الشعب صامتا رغما عنه. فقد استولى الفساد ورعاته على مقادير الحياة فامعنوا في ازدراء العراقيين وأوغلوا في التخريب ودعم الارهاب ، فأصبحوا وبلا "فخر"، قادة "نضاله" المأبون، و بكل ما يحملونه من عفن وادران الخسة ألى درجة انهم سمحوا لانفسهم من سلب اللقمة من فم شعبنا الجائع العاري ، وابدعوا في كل تفكير شيطاني من اجل الكسب الحرام. وبصراحة ، أن المحير في الامر، كيف تستطيع الجبب والعمائم من هؤلاء أوالذين يدعون التدين ، ان يستمروا بصلف وافتراء كهذا، فيكرروا ركوعهم وسجودهم امام الخالق تعالى خمس مرات في اليوم ، ولكن بلا توبة نصوحا منه؟؟!! فمع كل ما جنته أيديهم القذرة من ثروات الحرام ، تبقى عناونهم ألاكثر تدنيا وسقوطا في سلم درجات ألاخلاق ، أما حساب الله يعالى ، فذلك علمه عند ربي وحده .
    فمع هذا النداء الحاسم للمرجعية الدينية العليا في الاصرار على الاصلاحات الجذرية وتحطيم أصنام الفساد ، والتأكيد على ما ينبغي من مواجهة شجاعة وبلا تهيب من اجلها من حانب، ومع الحشود المليونية الراعدة في الشوارع العراقية التي تطالب بعراق جديد وحياة كريمة، ودعم مؤمن ثابت وواثق في تضحيات غير محدودة من الحشد الشعبي ، وأقلام وطنية جريئة من اجل الاصلاحات من جهة اخرى، كل ذلك ، لم يجعل في ذات العبادي قليلا من الشجاعة "الحقيقية" من اجل ان يقول "لا" لمشروع الحرس الوطني . و"لا" للداعين والمؤيدين لهذا المشروع المشبوه من سنة بعثيين ، كانوا هم دائما الاساس وراء كل بلاء وفساد وارهاب حصل ولا يزال يحصل في المجتمع العراقي ، أمثال اسامة النجيفي وسليم الجبوري وصالح المطلك وظافر العاني وبقية ما يسمى "إتلاف القوى" والذين ينفذون اهداف مجرمين سبقوهم امثال طارق الهاشمي ورافع العيساوي وغيرهم !!! هؤلاء هم مثيروا المشاكل لارباك مسيرة الحكومات والابقاء على عدم الاستقرار.
    فكيف للامور ان تستتب إذا؟  وكيف يمكن القضاء على الفساد ؟ وما قيمة الاصلاحات والحكومة لاتلتزم بتعاليم المرجعية التي تكرر وتؤكد على اصلاحات جذرية ، بينما يمثل مشروع الحرس الوطني فتح تغرة كبرى في جدار هذه الاصلاحات المطلوبة؟ وما قيمة هذه الحناجر الثائرة التي تصدح من اجل عراق جديد خال من الفساد والفاسدين؟؟ ولماذا لا يعني لهؤلاء المارقين ، كما يعني للغالبية العراقية ، في وجود الحشد الشعبي  كرجال للملمات والنصير الاعظم لجميع العراقين بلا استثناء،  والحامي لشرف العراقيين وحقوقهم من القوى السياسية الفاسدة؟ ولكن ، ومع ذلك ، لا تزال حكومة العبادي ، تتصرف بنوع من خذلان وجبن أمام قضية كبرى تريد بالعراق وشعبنا شرا مستطيرا، في عدم الغاءها لمشروع الحرس الوطني ، هذا الخراب القادم للعراق؟  فالمرجعية لا تستطيع الخوض بالتفاصيل. المرجعية تعطي خطوطا عامة للاصلاحات ، وما على الحكومة سوى ان تعي مسؤولياتها امام ما هو مطلوب منها عمله.
    فيا ترى هل صدقت حكومة العبادي نفسها ، انها قامت ببعض الخطوات الاصلاحية ، فصفق لها شعبنا ... فأعتقدت أن مهمتها قد انتهت؟  فلماذا تبدوا عاجزة وفاقدة الارادة أمام الغاء مشروع الحرس الوطني هذا؟ ألا تعي ان هذا المشروع يراد له ان يكون أول "لبنة" في بناء الجدار الذي سيقسم العراق الى اجزاء متناحرة ، في الوقت الذي تطالب به المرجعية وتلح عليها في ألتحلي بشجاعة أكبر ؟
    الموقف الوطني الكبير الذي ينتظره شعبنا من العبادي ليجسد الارادة العراقية اليوم ، يتجلى من خلال ما ينبغي عليه القيام به من خطوة شجاعة لالغاء مشروع الحرس الوطني أولا، لتأكيد مصداقية جدية الحكومة للقضاء على الفساد ألاكبر الذي سيطيح بوحدة العراق والذي يلوح في الافق . فالغائه يعادل في ألاهمية ، القضاء على داعش وطردها من العراق، طالما ان هدف داعش هو الابقاء على تقسيم العراق واستمرار "دولتهم الاسلامية" ، فهو أيضا هدف "إتلاف القوى" للكتل السنية البعثية أيضا في تقسيم العراق واستقطاع المحافظات الغربية ، لقد تعددت الاسباب ، والهدف واحد..!! فالغاء مشروع الحرس الوطني ، هو الموقف الوطني الكبير في الاصلاحات ، يا دكتورالعبادي.
    لماذا لا نحاول ان نفهم لماذا هذه الاستماتة الكبرى للكتل السنية البعثية من اجل التصويت على الحرس الوطني وتمريره ؟ ولماذا يريدونه ان يكون جيشا "للمحافظات" وليس جيشا "لابناء العراق"؟ أليس ذلك من اجل ان يكون "جيشهم" الذي يستخدمونه لمقاتلة الحشد الشعبي في المستقبل، ويضعون أمالهم عليه من اجل تقسيم العراق ؟ فاذا كانت نواياهم "سليمة" ،(و لا نعتقدها كذلك أبدا) ، فلماذا لا يكون الحشد الشعبي ، وهو الذي يدافع عن شرفهم وشرف عوائلهم اليوم، كافيا مع القوات المسلحة ، من اجل جميع العراقيين؟ ولماذا كل هذا الاصرار على الحرس الوطني بالذات؟  ولماذا لا يوضح لنا المستميتون من الكتل السنية البعثية اسباب هذه الاستماتة المريبة؟؟!!!
    الدكتور العبادي، لا يحتاج ان يذكره أحد اكثر مما تم تذكيره في حاجته الى جرأة وشجاعة حقيقية وأعصاب "لص" من اجل منازلة هؤلاء الحاقدون على النظام الجديد. فالمجاملات والحياء السياسي  من هذه الكتلة او تلك الشخصية مهما كانت ، كذلك عدم استغلال الوقت والدعم الكبير من المرجعية الدينية وشعبنا ،سيكون هو الفخ الذي سيحاول هؤلاء المجرمون من خلاله الالتفاف على الاصلاحات والايقاع بالحكومة والابقاء على المأساة العراقية ، بل وسيزيدونها استهتارا وفوضى أكبر. والعبادي الذي يصف نفسه بالشجاع والممتلئ اصرارا وتحديا لكل ردود الافعال المتوقعة نتيجة ضرب هذا الفساد ، لماذا لا يفقه المشاكل القادمة في تجاهله التحديات وما يحيق بمستقبل العراق من الناحية العملية من خلال النية في تشريع ما يسمى بالحرس الوطني "القومي" الجديد ؟ فاذا كان العبادي ماضي حقيقة في مسعى حكومته للقضاء على الفساد وعلى التهديدات التي يتعرض لها الوطن العراقي في التقسيم في المستقبل ، فعليه أن لا يكون "انتقائيا" في مساعيه الاصلاحية . فالاولويات في الاصلاحات يجب ان تكون في التصدي لاهداف تقسيم العراق ضمن الاصلاحات الكبرى المطلوبة ، والتي تأتي تحت مسميات "المصالحة" الوطنية. كما وينبغي على رئيس الوزراء الحد من المساعي المحمومة للكتل السنية البعثية التي تأتمر بأوامر الانظمة الخارجية ، وما برحت تجيد خلق المشاكل الجديدة المستعصية دستوريا من خلال تشريع الحرس الوطني .
    فمن كانوا بالامس وراء فتنة ما سمي "بساحات العز والكرامة" ، هم أنفسهم يعودون اليوم للتحضير لاقلاق العراق من جديد ومحاولة تقسيمه ، ولكن هذه المرة ، "بجيش" رسمي ، يحمي ظهورهم. أننا لا نشك ان الدكتور العبادي يدرك ان "جميع" هؤلاء الفاسدين وغيرهم ، قد أيدوا أيضا هذه الاصلاحات عن مضض ، كما وأنهم أيضا يصرحون بضرورة دعم التظاهرات الشعبية ، فمن يا ترى كان وراء هذا الفساد والدمار الذي لحق بشعبنا؟ شأن هؤلاء كشأن البعثيين الذين يريدون تشكيل الحرس الوطني ولغايات معروفة، فهم "نفس الطينة" . فكلا الفريقان هم "القراد" الذي اعتاش على امتصاص دماء شعبنا ؟ وهم من كانوا بالامس أيضا "حفاة عراة" ، فأصبحوا اليوم من الاثرياء الكبار؟ ولكن ، طالما أصبحوا تحت الحصار الشعبي ونداءات وتوجيهات المرجعية العليا للقضاء عليهم سياسيا واجتماعيا، فيجب ان لا يفوت الحكومة تحولهم الى حرباء تلون نفسها وفق الظروف الجديدة للنيل من الاصلاحات ؟ أفلم نجد مثلا، التيار الصدري ، يخرج في الامس في تظاهرات في محاولة لخلط الاوراق وحرف مسيرة المطالب المشروعة لشعبنا وقلب الحقائق ، لايهام الاخرين ان لهم أيضا "حقوقا" مسلوبة...؟؟!! بينما هم الحيتان التي اتخمها الباطل واعمى بصيرتها السحت الحرام ، وهم الذين اداروا وجوههم عما يعانيه شعبنا من جوع ومعانات .
    وختاما ، نهيب بالدكتور العبادي ان يبادر فورا بالغاء مشروع السنة البعثيين في تقسيم العراق من خلال تشكيل الحرس الوطني ، وعدم الاصرار على خلق مشكلة دستورية كبرى جديدة تبقى تهدد مستقبل العراق والاجيال القادمة. كما وأن المارقين أعداء شعبنا، وامام هذه الاصلاحات الهامة ، سوف لن يتنازلوا عن أهدافهم أومواقعهم الحكومية إلا على "أسنة الرماح"،  فالمعركة ستطول ، (وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم ) .
    حماك الله يا عراقنا السامق ...
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media