لَوْ أَنَّهُم (٢) {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ}
    الأربعاء 2 سبتمبر / أيلول 2015 - 04:03
    نزار حيدر
      أَصْغَوا الى الرّأي الآخر، لما وصلَ الحالُ بالعراق الى ما هو عليه اليوم،
       لقد ملكوا السُّلطة والمال والاعلام والشّرعية الدّستورية (من خلال صندوق الاقتراع) ولكنّهم لم يمتلكوا الارض والواقع، ولم يمتلكوا قلوب الناس، لانّهم لم يُنجزوا شيئاً ملموساً من الامور التي حدّدها الامام أمير المؤمنين (ع) في عهده الى مالك الأشتر والتي أشرنا اليها في رقم (١) من هذا المقال.
       ولعلّ في ظاهرة هجرة الشّباب التي باتت تؤرّق حتّى المرجعيّة الدّينية العليا التي تحدّثت عنها في خطابها الاخير، أوضحُ دليلٍ على فشلِهم في إنجاز ما يكسبون به الرّأي العام!.
       فبعدَ قُرابة (١٣) عامٍ من السّلطة التي تداولوها فيما بينهم كالكرة، يتبادلون المواقع والمناصب بينهم كرقعة الشطرنج، اذا بهم ترتعِد فرائصهم من فضائيّة او فضائيّتين! وهم الّذين يمتلكونَ أكثر من (٤٠) فضائيّة.
       ويخشَون من بضعةِ آلافٍ يتظاهرون في العاصمة بغداد وعدد من المحافظات، وهم الّذين حصلوا بمجموعِهم على اكثر من (١٠) ملايين صوتٍ!.
       ويخافون من حفنةٍ من المضَلَّلين المنتمين الى جهات مشبوهة يسعَون للتّأثير سلباً على اهداف المتظاهرين، او ركوب الموج، وهم الّذين ظلّت تتبعهم زُرافات زُرافات من النّاس على مدى كلِّ هذه السّنين التي خَلت!.
       ويخافون من عصاباتٍ وبلطجيّةٍ تندسّ بين المتظاهرين، وهم الذين دسّوا عناصرهم في كلِّ مكانٍ، وميليشياتهم في مؤسّسات الدّولة!.
       وترتعد فرائصهم فَرَقاً من شعارٍ يقولون انّه يمُسّ (الدّين) [دينُهم طبعاً] وهم الذين {اتَّخَذُوا مَالَ اللَّهِ تَعَالَى بَيْنَهُمْ دُوَلا، وَعِبَادَهُ خَوَلا، وَكِتَابَهُ دَغَلا} على مدى اكثر من عقدٍ كاملٍ من الزّمن!.
       عجيبٌ أَمر هؤلاء! لماذا يخافونَ من كلّ شَيْءٍ وهم في السّلطة كلّ هذه المدّة؟ لماذا يتلفَّتونَ يمنةً ويسرةً وبيدهم كلّ شيء؟ لماذا {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ} وبيدهم عشرات الفضائيات؟!.
       أليس من العيب انهم يرهبون الشارع بأيتام الطاغية الذليل وكيف انهم يريدون استغلال التّظاهرات للعودة الى السلطة، بعد (١٣) عامٍ من التغيير؟!.
       الا يخجَلون؟! الا يستحون؟! فأين كُنتم، إذن، طوال هذه المدّة؟! ماذا كُنتم تفعلون لتحصينِ العراق من مثل هذه المخاطر؟!.
       لو أنّكم انجزتم الشّيء الصّحيح، لما كان لأيتام الطّاغية، ومن لفّ لفّهم من دايناصورات الاحزاب المحنّطة، كل هذا التأثير الذي تتحدثون عنه لإرعابِ وإِرهاب الشّارع الغاضب!. 
       لو أنّكم انجزتُم للشّعب ما يستحق الثناء والتبجيل والتأريخ، أَفَهَلْ كنتم الْيَوْمَ خائفونَ مرعوبونَ ترتجفون؟!.
       لو انّكم اصغيتم الى الرّأي الاخر، أَفَهَلْ كُنتم اليوم قد أوصلتم العراق الى ما هو عليه الان؟ على كفِّ عفريت؟!.
       لقد كانوا طوال هذه المدّة {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} لا يسمعون الا نداء السلطة، ولا يَرَوْن الا مصالحهم الانانيّة الضّيّقة ولا يتكلمونَ الّا بحقوقهم الدستورية والقانونية! وواجبات الشعب!..
       لقد قالت المرجعيّة فلم يسمعوا لها، وكتبَ المحبّون والحريصون فلم يقرأوا لهم، وأنشد الشعراء وصرخ الخطباء فـ {جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا}!.
       ولقد كتبَ لهم، أَكثر من مرّة، السيد جعفر ابن الشهيد الصدر الاول محذراً فلم يُعيروا لتحذيره أَهمّية، حتى دعاهم الى إنزالِ صور أَبيه الشهيد من مكاتبهِم الحزبيّة، لانّهُ يخجل من منجزهم! على حدّ قولهِ، فحسِبوه مُضَلَّلاً مُتَأثِّراً بالدّعاية السّوداء التي تستهدف الانتقاص من إنجازاتِ التّيار الدّيني! وهكذا!.
       لو انّهم قرأوا وسمعوا وانتبهوا لنصائح الناصحين واستشارة المؤتمنين، فغيروا وبدلوا وأصلحوا وعدلوا، لنا آلت الامور الى ما هي عليه الان!.
       انهم اكتفوا بالإصْغاء فقط الى بِطاناتهم الفاسدة التي اوردتهم المهالك، ولم يسمعوا الا لصدى الابواق والمدّاحين والطّبّالين وثناء (عَبَدَة العِجل) و (عَبَدَ الطّاغوت) و (القائد الضرورة) و (مختار العصر) الذين لا تهمّهم من القصّة كلّها الا مصالحهم، وما تجودُ به قصاع الكبار من فُتاتٍ تافه، فتراهم يبرّرون لهم الفشل والهزيمة والفساد وكلّ شيء، لاستدرارِ رِضاهم!.
       ولو عُدنا الان الى الخطاب المرجعي على مدى الفترة الماضية، وكذلك لو عدنا الى كتابات وخطابات ورسائل الحريصين والمحبّين والمنشورة لحدّ الان على مختلف المواقع الاليكترونيةّ، لرأينا كمِّ النّصائح والحلول والأفكار التي قُدّمت لهم، من علماء وخبراء واساتذة ومتخصّصين ومثقّفين ومفكّرين، والتي كان يُمكن ان تكون حلولاً للكثير من المشاكل والازمات التي مرّوا بها، وعلى مختلف الاصعدة، ولكنّهم لم ينتبهوا لشيء منها، مع سبق الاصرار!.
       وما يُؤسف له هو أَنّهم للان لم يسمعوا ولم يقرأوا ولم ينتبهوا! فتراهم يصرّون على تكرار نفس الخطأ، الجريمة، بحقِّ البلادِ والعبادِ!.
       فإلى أينَ يريدونَ ان يأخذوا البلاد؟!.
       يتبع

        ١ ايلول ٢٠١٥
                        للتواصل؛
    E-mail: nhaidar@hotmail. com
    Face Book: Nazar Haidar 
    WhatsApp & Viber& Telegram: + 1 
    (804) 837-3920
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media