العبادي مكبل اليدين وفي فمه ماء
    الخميس 3 سبتمبر / أيلول 2015 - 08:23
    د. مؤيد عبد الستار
    (تعليق على مقال : مناقشة هادئة مع دعاة حكومة الطوارئ  للدكتور عبد الخالق حسين)
    رحبت جموع الجماهير المتعطشة للاصلاح و القضاء على الفساد بالخطوات الجريئة التي اتخذها رئيس الوزراء السيد حيدر العبادي حين بادر الى الغاء مناصب نواب رئاسة الجمهورية ، واتبعها ببعض الاصلاحات الاخرى .
    ولكن سرعان ما ظهر للمواطنين حقيقة  التسويف والتفاهمات بين الكتل الكبيرة على لفلفة ملفات الفساد ، وانقاذ الفاسدين وناهبي المال العام من قبضة القضاء الذي لم يظهر اية كفاءة ولا حرص على العدالة طوال السنوات العشر الماضية .
     فمنذ تسلم السيد مدحت المحمود اعلى منصب في القضاء والمحكمة الجنائية ، لم نجد منه يدا بيضاء في انقاذ دينار واحد من قبضة اللصوص الذين هربوا بما حمل الجمل، واستقروا في بلدان الربيع الاوربي ومنهم من حل بالقرب من الدكتور عبد الخالق حسين ، وياليته يستطيع اجراء حوار معهم كي نرى ونطلع على بعض الحقائق المخفية من مصدر خارج السلطة السياسية  نثق به ، وقريب من الواقع ، رغم ان الشائعات التي لصقت باللصوص لم تكن شائعات كاذبة في جميع الاحوال ، بل منها ما دعم بوثائق دامغة اضطرتهم للهرب من وجه العدالة المتراخية التي سمحت لهم بالهرب، ولم يستقيظ ضمير القضاء الا قبل ايام قليلة  بعد ان خرجت الجموع تهتف:
     باكونا الحرامية ....
    لاشك ان النظر الى ما يحدث في العراق من زاوية الحرص على سلامة مجريات المعركة المحتدمة مع العصابات الاجرامية و داعش التي احتلت ثلث مساحة العراق هي نظرة سديدة و منطلق جميع اصحاب الراي الوطني اصحاب المصلحة الحقيقية  في تقدم الوطن ورفاهية الشعب ، ولكن الملاحظ ان السلطة السياسية الغارقة في الفساد وعدم الكفاءة  في ادارة دفة الحكم تحاول البقاء اطول فترة ممكنة في السلطة كي تحصل على اخر ورقة من دولارات الذهب الاسود وتحزم حقائبها وتهرب الى مأواها جهنم  وبئس المصير .
    كانت الانتخابات الاولى التي جاء فيها التحالف الوطني الى سدة الحكم تبشر بخير ، وكانت نظرتنا الى المالكي الذي استبدل الجعفري بعد مماطلة ارهقت الجميع انه افضل بديل يوحي بالامل ، ولذلك سانده العديد من اصحاب الرأي بما فيهم اصحاب اليسار والكرد والمستقلون ، ولكنه سرعان ما كشف عن عقلية متحجرة بائسة ، تعامل مع الواقع السياسي بجهل مطبق وكشف عن شخصية نرجسية تحاول التمسك بالسلطة بانيابه واظافره ، وقرب اسوأ العناصر البعثية الصدامية الى يمينه ويساره ، و اعلن دون وعي منه عن وجهة نظره بصرخته الشهيرة : ما ننطيها .
    ولذلك عبرنا عن راينا بمقال مبكر يعود لعام 2010  حول عهده بعنوان :
    وداع مبكر للسيد رئيس الوزراء نوري المالكي *
     اثبتت الايام انه كان نبؤة مبكرة لرحيله بشكل دراماتيكي  .
    ان التسويف الذي تمارسه السلطة برئاساتها الثلاث : رئاسة الجمهورية ، ورئاسة الوزراء ، ومجلس النواب ، والمماطلة في تصحيح مسار العملية السياسية ، استدعت من المواطنين البحث عن حلول نافعة تعالج مشكلة الحكم والسلطة السياسية وتتخلص من اعباء السرقات ونهب المال العام وتسلط الجهلة والمتخلفين على مفاصل الادارة في المؤسسات الحكومية ، وكان ان وجدت الجماهير عدم جدوى التظاهرات التي قد تذهب سدى بسبب تراكم الاحداث والهزائم على جبهات المواجهة مع داعش والارهاب بشكل عام .
     لذلك طالب البعض ومنهم الكاتب باجراءات حازمة وقاسية تمثلت بالغاء المناصب العليا العاطلة مثل نواب الرئاسات الثلاث ، ومن ثم تشكيل حكومة طوارئ تمثل حبل الانقاذ الاخير من قبضة التخلف والسلطة الغاشمة التي لم تتوانى حتى المرجعية الدينية التي كانت رموز الحكومة واحزاب السلطة تتكئ عليها في الحصول على شرعية الفوز بالانتخابات من سحب البساط من تحت اقدامهم .
    وحسنا فعلت المرجعية وان كان ما اقدمت عليه متأخرا جدا .اذ كان عليها ان تسقط هؤلاء النكرات الذين تسلقوا سلم الحكم وكشفوا عن  جهلهم و سلوكهم اللصوصي قبل ذلك بسنوات ، ولا تسمح لهم بالحصول على امتياز تزكية مرجعية دينية لها نفوذ بين المواطنين الفقراء .
    ان طلب التعامل بهدوء وتعقل مع الفساد والسرقة ورموز الدجل السياسي والتخلف يصب في طاحونة الفساد التي تطحن شعبنا والبلد الذي اصبح من اكثر البلدان تخلفا وفقرا .
    ومن المفيد ان نذكر بان الزميل الدكتور عبد الخالق حسين الذي نكن له الاحترام ونقدر منطلقاته حق قدرها ،  ما زال ينظر للامور بمنظار اخلاقي يعتمد فلترة المساوئ ويبقي على فضائل بعض المسؤولين في الحكم  وهي رموز لم تعد تحظى باحترام المواطنين الذين يتعالى هتافهم  في ساحة التحرير : باكونا الحرامية .
    رابط مقال  الدكتور عبد الخالق حسين  : مناقشة هادئة مع دعاة حكومة الطوارئ :
    http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=482793
    *  رابط مقال وداع مبكر للسيد رئيس الوزراء نوري المالكي
    http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=197983
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media