الحرس الوطني رد فعل للحشد الشعبي
    الجمعة 4 سبتمبر / أيلول 2015 - 22:07
    داخل السومري
    نحن العراقيين ومع كل الأسف يبدو علينا عدم النظر الى أعماق مشاكلنا والنزول الى جذورها وتشعباتها حتى يتضح لنا أسلوب حلها. ربما تكون أساليب الحل ذات صعوبة فنلقيها على الغارب ونعيش كالنعامة التي تدس رأسها في الرمال وكأن ليس هناك مشكلة أصلا. بالرغم من ان عدم حل هذه المشاكل تكون نتيجته قتل أبنائنا وبناتنا ونهب قوتنا وسبي نسائنا وهجرة شبابنا (كان عدد قتلانا في شهر آب الماضي 1325 حسب احصائيات الأمم المتحدة). والأخطر من هذا كله هو تهديد وطننا بالتجزئة وحتى الاحتلال من قبل دول الجوار الطامعة، وعلى رأسها مملكة الشر الوهابية والعشيرة القطرية.

    لما أصدرت المرجعية العليا للسيد السيستاني(ق.س) فتواها التي نتج عنها الحشد الشعبي للتصدي للاحتلال الوهابي-القطري-الأردوغاني على يد دواعشهم النتنين، تحسست كما تحسس الكثيرون غيري انه لا بد ان يكون رد فعل معاكس من الطرف السني العراقي. فجاءت القيادات السنية، ومعظمهم لا يتكلمون الا بلسان حال مملكة الشر الوهابية، والعشيرة القطرية (قحبة الأمريكان) والسلطان اردوغان، جاؤا بمشروعهم الطائفي، ألا وهو الحرس الوطني. كلنا على يقين ان فتوى السيد السيستاني لم يكن وراءها أي دوافع طائفية، ولاكنه وجد نفسه امام وضع خطير لا يمكن السكوت عنه، كسكوت حكومة الحرامية المنشغلة بالنهب والسلب، وكسكوت مجلس النواب البائس المنشغل بسن قوانين لرفع مرتباتهم التي هي تناطح السحاب بعلوها.

    لدغتني بعوضة اول أمس وسألتها رأيها عن عما يجري من مهازل في العراق، فأجابتني هذه البعوضة الحكيمة وقالت: ان مشكلتكم في العراق هي الطائفية التي يؤججها رجال الدين من الطرفين، وهذا لأنه يخدم مصالحهم الشخصية الضيقة. الطائفية البغيضة توفر لهم الجاه الرخيص والعيش المترف.  واستمرت البعوضة تقول ان جارتكم المشؤمة مملكة الشر الوهابية لا يمكنها ان تعيش دون ان تثير النعرة الطائفية، ليس في العراق فقط بل في كل الأقطار المسماة إسلامية. وهذا حقها فهي تشبهني في مسألة وجودها، تقول البعوضة، انا امتص الدماء لكي أعيش وكذلك مملكة الشر الوهابية. وتقول البعوضة، انا امتص الجسم العاري والخامل، اما الجسم المكسو والمتحرك فلا أستطيع اليه سبيلا.

    فسألت هذه البعوضة: ما هو الحل إذا أيها البعوضة، وبعد ان امتصت دمي مرة أخرى، ردت على بما يلي: أنتم الآن يحكمكم الإسلام السياسي والمتمثل بحزبين موغلين بالتخلف، هما حزب الدعوة والحزب الأسلامي، وهؤلاء هما أداة، بيد رجال الدين الفاسدين والمرتزقة والمنتفعين الذين يحيطون بهم، للنهب والسلب والتجهيل. فما عليكم الا ابعادهم عن ممارسة السياسة. وهذا ليس بالسهل لأن هؤلاء يعتمدون على شريحة من ولد الخايبة التي شبعوها بجهلهم وخرافاتهم التي ما انزل الله بها من سلطان، وأصبحوا كالقطيع يحركونه متى شاؤا والى اين شاؤا.

    لو ان العبادي المنبطح، وليس السيد السيستاني، كان أعلن النفير العام وطلب النجدة من الشعب ليهب ضد الغزو الوهابي لربما كانت النتيجة تختلف نوعما، ولربما لم يطرح مشروع الحرس الوطني. ولاكن الشكوك الطائفية تبقى قائمة، لأن حزب الدعوة حزب شيعي وهذ لن يرضي حزب الأخوان المسلمين السني.

    فإلى متى، يا أبناء الرافدين، نبقى غاطسين في وحل الطائفية المقيتة التي دمرت كل شيء. ان امر الطائفية سوف لن ينتهي بدون بذل جهود طائلة لمكافحتها. وهذا يأتي من بروز طبقة علمانية تشمل كل شبابنا الواعي والمتنور مع حشد من مثقفينا الذين سينورون الطريق لهذه الطبقة الرائدة لكي ينقذوا شعبهم من المستنقع الذي اوجده الأسلام السياسي الذي يدمر كل شيء.

    يا ابطالنا المتظاهرين في ساحات مدننا، أقول لكم ان لا تتوقعوا من العبادي ان يقوم بتنفيذ مطالبكم. هذه طبيعة العبادي، انه شخص منبطح بطبيعته، انه يعتقد ان هذه الثورة الجماهيرية سوف تخمد وينفض ابطالها، وكل واحد يروح الى بيته وينسى كل شيء. وأنا اذكر هنا بما طرحه الكاتب صائب خليل بأن ننتقل من عقلية المواطن المحكوم الى عقلية المواطن الحاكم. واعلموا أيها الأبطال ان سكتم، دون تحقيق مطالبكم، فأن الأمور ستنحدر الى مستنقع اسوء من المستنقع الحالي.
    عاش العراق حرا ابيا ديمقراطيا موحدا من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه.  
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media