تركيا_ موقف مناقض لمباديء الأمم المتحدة..!!؟؟
    الخميس 13 أكتوبر / تشرين الأول 2016 - 19:41
    باقر الفضلي
    لم يعد موقف دولة تركيا من جارتيها الجنوبيتين؛ كل من دولة سوريا ودولة العراق، يتسم بالتعامل المعتاد وفق قواعد حسن الجوار، والمباديء العامة لميثاق الأمم المتحدة، وقواعد القانون الدولي، كما ولم تراعى فيه طبيعة الظروف التي تمر بها الدولتان؛ من مجابهة حملات الإرهاب الذي تتعرضان لها بإستمرار وطيلة ما يزيد على خمسة أعوام..!؟
     
     فرغم تعدد طلبات الحكومة العراقية، وعلى لسان رئيس الوزراء العراقي السيد د.حيدر العبادي ووزير الخارجية العراقي السيد إبراهيم الجعفري، فإن تلك الطلبات لم تستقبل بالترحاب من قبل السلطات التركية، بل وعلى العكس من ذلك، فقد جاءت تصريحات مسؤولي الحكومة التركية، لا تعكس تفهماً مقبولاً لدى تلك الحكومة، خاصة منها ما جاء على لسان السيد بن على يلدريم، رئيس الوزراء التركي،(**) وآخرها ما جاء على لسان السيد طيب أوردغان رئيس الدولة التركية، حول تحرير الموصل، الأمر الذي جرى إستنكاره من قبل السلطات العراقية ,وفئات واسعة من الشعب العراقي، وعلى صعيد البرلمان العراقي، والأحزاب الساسية، والتواصل الإجتماعي..!؟(1)
     
    إنه  ولأكثر من عام على آخر مقالة لنا حول تأزم العلاقات بين الدولتين الجارين العراق وتركيا ، كنا قد تطرقنا الى معالجة العلاقات التركية العراقية، في المقالة الموسومة تركيا: إيغال في التدخل في شؤون الآخرين..!!   
     
     ولإهمية الأمر؛ وجدنا من المناسب إعادة نشر المقالة المذكورة(2) ، على أمل أن تجد الدول المتجاورة والأعضاء في الأمم المتحدة ، في ميثاق الأمم المتحدة، ما يعزز أواصر الصداقة وحسن الجوار بينها، ويحل العقد والمشاكل التي تعكر علاقاتها، هذا في وقت تربط بين تلك الدول الثلاث الجارة، الكثير من علاقات الصداقة وحسن الجوار، ناهيك عن العلاقات التجارية والإقتصادية والجغرافية والسياحية، وأن تبعدها مصالحها المشتركة، بعيداً عن الوقوع في شرك  ما يحاك للمنطقة من سيناريوهات التجزئة والتقسيم..!!؟؟
     
     فدول مثل تركيا وسوريا والعراق، تمثل في وجودها الجغرافي وتقاربها الحدودي، جداراً آمناً لضمان أمن المنطقة وإبعادها من خطر التقسيم والإستحواذ وهيمنة كل من يسعى لتمزيق المنطقة وإذلال شعوبها، ودفعها للإحتراب فيما بينها وإضعافها، بعد تمزيق نسيجها الوطني، والدفع به الى التناحر الطائفي والمذهبي، وهذا ما ورد في بعض تصريحات الساسة الإتراك، وأثار حفيظة المسؤولين العراقيين، خاصة تصريحات السيد رئيس الدولة التركية السيد طيب أوردغان مؤخراً، مما وجد فيه الكثير من العراقيين ومن الساسة ورجال البرلمان العراقي، تدخلاً فضاً في الشؤون العراقية، حيث وجدوا فيه ما يخدم، وما يصب في مصلحة وخدمة أصحاب تلك المصالح، سواء على النطاقين، الإقليمي أو الدولي..!!؟؟(3)
     
    فعندما ينزلق التدخل التركي في الشأن  العراقي، الى درجة العدوان، لا يصبح أمام العراق من مناص، غير إتباع الطرق والوسائل الشرعية، التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة، في درء ذلك التدخل، وطلب مساعدة التدخل الدولي من خلال الشرعية الدولية، في الطلب من تركيا وهي عضو في الأمم المتحدة، سحب قواتها من داخل الأراضي العراقية المحتلة من قبلها، لحفظ السلم والأمن في المنطقة، والتمسك بالطرق السلمية لحل النزاع، وفقاً لنصوص ومباديء ميثاق الأمم المتحدة طبقاً لنصوص الفصلين السادس والسابع من الميثاق، والإبتعاد عن كل ما يعكر صفو العلاقة بين الدول، وخاصة ما يعني التدخل في الشؤون الداخلية لأي منها ..!!؟
     
     لقد إتسم موقف دولة العراق أزاء التدخل التركي في الشأن العراقي، وعلى وجه الخصوص بعد التصريحات الأخيرة للسيد رئيس الدولة التركية السيد رجب طيب أوردغان، بكل ما يعنيه ذلك الموقف، من التمسك بالطرق الدبلوماسية والشرعية، وبكل ما يساعد على حفظ علاقات حسن الجوار بين البلدين، ويدفع الى حل النزاعات بالطرق السلمية، وهذا ما جرى تأكيده على لسان رئيس الوزراء العراقي السيد د.حيدر العبادي في تصريحه في 18/9/2016 ، حينما أشار مؤكدا على أن"العراق دولة جارة لتركيا ونريد بناء علاقات معها.. ولكن تركيا تصر على إبقاء قواتها"، في معسكر قرب الموصل، وهو ما "يسمم العلاقات بين البلدين". وأشار مضيفاً  "الإصرار على إبقاء تلك القوات غير مبرر".. "إذا كانت تركيا جادة في محاربة التنظيم فعليها الاستجابة لطلب العراق بسحب قواتها".(4)
     
    إن أي تصعيد كلامي في الأزمة العراقية التركية، لا يمكنه بأي حال من الأحوال، أن يغطي على حقيقة واقع الحال القائم، كما وأن المرء ليس في وارد البحث في أعماق أسباب الأزمة العراقية _التركية وجذورها، في مثل تلك الظروف المعقدة التي تحيط بالبلدين، ومنها ما يرتبط بطبيعة تطور الأوضاع الداخلية في تركيا، بقدر ما يحاول إلقاء الضوء على ابعاد وتداعيات، مخاطر ما تعنيه حالة التأزم في المنطقة، وإنعكاساتها على بلدانها..!
     
     فالعراق وهو في حالة تحرير أراض عراقية ، جرى إغتصابها في ظروف معينة، لا يمكنه أن يتناسى واقع تواجد قواتأجنبية على أراضيه، تعود لدولة جارة له وعضو في الأمم المتحدة، بدون موافقته؛ بل وفي وقت قد ناشد فيه لأكثر من مرة تلك الدولة الجارة، طالباً بسحب تلك القوات، لما لها من تأثير سلبي على نشاط قواته العسكرية الوطنية، في منطقة تواجد تلك القوات، وما رسمه من خطط لتحرير مدينة الموصل، إلا أن تجاوب تلك الدولة الجارة، والمقصود بها الدولة التركية، كان سلبيا؛ بل والأدهى من ذلك، أن ردود فعلها على تلك المناشدات إتسمت بالإنفعال، وبالتصعيد الكلامي المرفوض، الأمر الذي دفع بدولة العراق اللجوء الى طلب إجتماع مجلس الأمن، لمشاركة المجتمع الدولي من خلال الشرعية الدولية، لحل إشكالية تواجد القوات التركية في منطقة بعشيقة قرب الموصل والمناطق القريبة منها، الأمر الذي دفع من جانب آخر، الى التصعيد الكلامي غير المبرر من قبل مسؤولي الحكومة التركية، وإصرارها على إبقاء قواتها في مواقعها، ورفع درجة موجة التصعيد،حتى بات معها، ينذر بتعقد حل الأزمة بين البلدين، ويعرض علاقات حسن الجوار التي تربط بينهما الى التصدع، ويهدد أمن وسلم المنطقة الى الخطر، في نفس الوقت الذي يمكن تفسيره، بأنه موقف معارض ومناقض لموقف الحكومة العراقية، في محاولتها تحرير محافظة نينوى، ومن هنا يأتي موقف الحكومة التركية في رفضها الإنسحاب لقواتها من الأراضي العراقية في بعشيقة وما حولها، تحت ذرائع وحجج غير مقبولة، والتي منها، ما يعبر عن تهديد غير مسبوق في العلاقات بين الدول..!!؟(5)
     
    إن الإحتكام الى نصوص ميثاق الأمم المتحدة في إحترام سيادة الدول، وقراراتها الدولية حول الإرهاب، وحدهما كفيلان بنزع فتيل الأزمة؛ وفي هذه الحالة ، فإن تدخل الشرعية الدولية، وفي مقدمتها مجلس الأمن، يصبح أمر لا مناص منه في هذه الحالة، لضمان حقوق الدول الأعضاء، والحفاط على سيادتها، وصيانة السلم والأمن في المنطقة، وإقرار التوازن الدولي فيها، وقطع الطريق على كل من يحاول التصيد في الماء العكر..!!؟

    باقر الفضلي 2016/9/9
    __________________________________________________________________________
     
     
     
     
     
     
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media