مشروع النظام الداخلي المقدم للمؤتمر الوطني العاشر للحزب الشيوعي العراقي.. قراءة تحليلية
    الأحد 16 أكتوبر / تشرين الأول 2016 - 19:24
    عبد الواحد الموسوي
    بعد التحية ،
    أحاول في تحليلي هذا أن أعلل  مشروع النظام الداخلي للمؤتمر العاشر ، كمساهمة شخصية في هذه الوثيقة المهمة والتي أعتقد بأنها أهم مفاصل أية منظمة سياسية أو جمعوية .
    ومن أجل أن لا أضع ديباجة لموضوعي ، فاني سوف أدخل في تحليلي من خلال هيكلتها بالتالي :

    = خلل الصياغات النظامية:
    1-    عند الاطلاع على صيغة النظام الداخلي نجده في تداخلٍ مابين القانون والادب السياسي ، وما بين العواطف والعقل ، فتنتج عنه ديباجة ادبية سياسية فكرية بمواد قانونية نظامية ، ويمكن ان يصح هذا التلاقح في وثائق أخرى .. ولكن في الوثائق القانونية البحتة التي لايمكن لها الا ان تتخصص بالمواد القانونية فقط. لذلك فانه على النظام الداخلي ان يضم فقط المواد والبنود القانونية أي بمعنى أن تكتب الديباجة خارج إطار النظام الداخلي بالشكل التالي ( تتسلسل الوثيقة على أساس : يكتب العنوان ـ  الحزب الشيوعي العراقي ، ثم تأتي بعده الديباجة ، وبعدها يكتب عنوان ـ النظام الداخلي للحزب ، ثم تسرد مواد النظام الداخلي وبنوده حتى نهايته ) .
    2-    يسطر النظام الداخلي بنود خاصة بالعضوية دون الاستناد الى أية وثيقة تدلل على انتساب المواطن أو المواطنة الى الحزب ، حيث يعتمد الشفوية كأسلوب لبدء العلاقة بين المنتسب الجديد والحزب، بالوقت الذي يجب على المتقدم الى العضوية أن يقدم استمارة أو طلب إنتساب أو رسالة خطية بطلب الانتماء مثلا، مع أهمية ذكرها بالنظام الداخلي تجنبا للاجتهادات.
    3-    تشترط العضوية العمل في احدى المنظمات الحزبية وهذا الاشتراط سليم بالعمل والانتداب ، ولكن العمل يجب ان يكون ضمن المنظمة الحزبية وليس الحزب بكيانه المعنوي بشكل عام دون منظمة محددة ، ولما كان اعضاء اللجنة المركزية قد إنتدبوا لمهمة محددة التكليف والفترة الزمنية ( للمشاركة بالمؤتمر ومن ثم ترشيحهم لعضوية اللجنة المركزية )، وهم في هذه الحالة مازالوا ضمن العمل والانتداب المحددة بزمن التكليف وليس الى ما لا نهاية ، والتي تنتهي بانتهاء المهمة او الفترة الزمنية التي كلفوا بها وحصلوا عليها من منظماتهم الاساسية، اما اذا تجاوزت الى فترة زمنية اخرى او دورة اخرى ، فقد وجب عودته ( عضو ل م ) الى منظمته الاساسية التي إنتدبته سابقا كي تؤكد انتدابه لفترة ثانية او تحجب عنه الانتداب ليشارك دون صلاحيات . وبالتالي لا توجد اوتوماتيكية بالعضوية الدائمة ، وفي الحقيقة هنا يكمن تعريف الفقرة الخاصة بشروط العضوية التي تنص على العمل في احدى منظماته والتي تعني ، أن تكون دائما المنظمة القاعدية هي السائدة وهي التي تكسب الشرعية لكل المهام والتكليفات . علما بأن العضو الحزبي يجب ان يكون له ودائما علاقة تنظيمية مع احدى المنظات الحزبية حتى وان كان في اللجنة المركزية ، كي يتحقق شرط العضوية في "يعمل في احدى منظماته" فاللجنة المركزية ليست بمنظمة ، هذا علما بأن منظمات الحزب لم ترحل منها أي عضو لجنة مركزية الى منظمة "بغداد" مثلا لوجودهم هناك ، وهو دليل صحيح على انهم من عائدية منظماتهم الاساسية.
    4-    هنالك خطأ عضوي في عضوية المؤتمر ، حيث ان المؤتمر يضم المندوبين واعضاء اللجنة المركزية .. الخ ، وهذا يعني ان اعضاء اللجنة المركزية هم اعضاء مؤتمر بمهامهم وليس باشخاصهم ، فعندما يعلن سكرتيرها حل اللجنة المركزية في المؤتمر وقبل الشروع بالانتخابات فهذا يعني انهم لم يعودوا بعد ذلك الحين أعضاء لجنة مركزية وهم بالتالي ليسوا باعضاء مؤتمر ( مالم يكونوا منتخبين منتدبين من منظماتهم الحزبية لهذا المؤتمر) لان مناصبهم الحزبية ( عضوية الجنة المركزية ) هي المعنية بعضوية المؤتمر وليسوا هم شخصيا أعضاء مؤتمر لعدم انتدابهم مرة ثانية لعضوية المؤتمر ..وبعد حل اللجنة المركزية إنتفت المهمة وإنتفت علاقة من كانت تحت إسم اللجنة المركزية وعلاقتهم بالمؤتمر لعدم وجودها من الناحية الفعلية ـ فقد حلّت تماما وانتهت دورتها  ووجودها وتشكيلتها بحلها دستوريا من قبل سكرتيرها . وبالتالي فان مشاركتها "اللجنة المركزية المنحلة" ستكون مشاركتهم كأشخاص غير مندوبين ويكونوا تنظيميا بصفة مراقب ، الا إذا كانوا حاصلين مسبقا على انتداب من منظماتهم الحزبية ، وهذا تأكيد على اهمية ومعنى شروط عضوية الحزب في أن يعمل باحدى منظماته التي تكسبه الشرعية متى شاءت وقررت ذلك .
    5-    ويقترح النظام الداخلي مجلسا استشاريا ، دون ان يحدد هيكل ذلك المجلس من ناحية رئاسته أومكتبه بمختلف ضوابطه الهيكلية ، فالمجلس شكل هيكلي تنظيمي يتطلب المواصفات التنظيمية الكاملة له . علما بأن النظام الداخلي لم يحدد من يترأس المجلس الاستشاري .
    6-    وفي جوهر العضوية فان عضو الحزب حشع عليه ان يقر بالنظام الداخلي ، ولما كان الحزب الشيوعي الكردستاني ـ العراق ، ضمن الحزب حشع واعضاؤه طبيعيا هم اعضاء بالحزب الشيوعي العراقي ، الا ان الفقرة الخاصة بالحزب الشيوعي الكردستاني تحصر التزامه بالوثيقة البرنامجية فقط دون اية اشارة الى الالتزام بالنظام الداخلي لحشع ، علما بان النظام الداخلي لـ حشع يمنح حشكع الاستقلالية الكاملة في وضع برنامجه ونظامه ، بمعنى ان من هو عضو بـ حشكع غير معني باستكمال التزامه بشروط العضوية لـ حشع بل فقط بشروط حشكع وبالتالي فانه من الناحية القانونية هو ( عضو حشكع ) غير متطابق الشروط كاملة في حشع اذن هو ليس عضوا بالحزب الاساسي حشع ولا يحق له ان يترشح ضمنه بشكل مباشر ولكن يمكن ان يترشح ضمن حشكع أي أن اعضاء حشكع لايحق لهم الترشح شخصيا ومباشرة في اجتماعات ومؤتمرات حشع لانهم ناقصي شروط العضوية فيما يخص عدم إلزامهم باقرارهم للنظام الداخلي لحشع .
    7-    وحول مدى تهميش منظمات الخارج استنادا الى النظام الداخلي ، فان اللجنة المركزية واستنادا الى بند محدد فانها تشرف على كونفرنسات المحليات بينما توجد هناك منظمات كبرى ومهمة  بالخارج لا تحظى حتى بمثل هذا الاشراف استنادا الى النظام الداخلي بل حسب ما ترتأية اللجنة المركزية . فهي "منظمات الخارج" حتى غير ممثلة بالمجلس الاستشاري .
    = تعميق الاقصاء العضوي
    يتميز الحزب الشيوعي العراقي بتلاحم منظماته ورفاقه ، وقد عزز الحزب نموذجه في المؤتمر الخامس بتوجه الديمقراطية والشفافية ، ولكن مشروع المؤتمر العاشر تقوم مواده على التفريق بين المنظمات وخلق صيغة تبعد منظمات الداخل عن الخارج وتباعد ما بين رفاق الداخل ورفاق الخارج من خلال .
    1-    إلغاء الكونفرنسات الحزبية التي كانت تعقد مابين مؤتمرين والتي تسمح بلقاء منظمات الحزب كلها ( الداخل والخارج ) . والصيغة تلك تلغي في نفس الوقت لقاء رفاق الخارج برفاق الداخل . وهذا يعني في الحالتين أن رفاق ومنظمات الحزب الداخلية والخارجية كتب عليهم الفرقة نظاميا .
    2-    الغاء العلاقة التنظيمية المباشرة مابين اللجنة المركزية ومنظمات الخارج حيث لايوجد أي اطار يجمعهم ، بينما يوجد اطار يجمع اللجنة المركزية بمنظمات الداخل المتمثل بالمجلس الاستشاري ، كما وان منظمات الخارج غير ممثلة بالمجلس الاستشاري .
    3-    وبالتالي فان التقاء منظمات الداخل والخارج لايتحقق الا بالمؤتمرات الوطنية ، من الناحية التنظيمية . وهذا التوجه يؤدي الى تعزيز التباعد ما بين رفاق الداخل ورفاق الخارج ، ان وضعا كهذا من شأنه أن يشتت وحدة الحزب الى فصيلين .
    4-    وفقا للمشروع فان المجلس الاستشاري يمكن له ان يناقش بمعية اللجنة المركزية قضايا منظمات الخارج في اجتماعاتها الدورية "وتلك المنظمات غائبة" ، ولا يمكن لمنظمات الخارج ان تناقش عمل الداخل بمعية اللجنة المركزية "لعدم وجودها تنظيميا بالمجلس الاستشاري" . بعيدا عن ان هذه المناقشات وتقييمها ستكون بغياب ممثلي منظمات الخارج . أي ان المجلس الاستشاري يقيـّم عمل الخارج بغياب تلك المنظمات وهذا اساسا لا يتلائم مع حق حضور  أية مناقشة تمس عمل المعني بها اذا كانت منظمة أو لجنة أى رفيق .
    5-    عند تطبيق الفرع أ من الفقرة 6 من المادة1 فان رفاق الخارج لايمكن لهم المساهمة الا من خلال التقارير التي تعدها هتخ (سابقا) والتي ألغيت بدون منطق تنظيمي ، حيث لايمكن طرح مساهمتهم في محافل حزبية عامة بالحزب كما هو الحال عندما تطرح منظمات الداخل مساهمتها بمسمع ومرأى جميع المنظمات الحزبية واعضاء اللجنة المركزية .
    = صناعة القرار والاجتهاد فيه
    1-    لقد هيكل النظام الداخلي مسؤولية صناعة القرار بشكل يمنح اللجنة المركزية الحق باتخاذه دون اشراك المجموعة باقراره ، فبعدما الغي المجلس الحزبي ، واعتبار نتائج اجتماعات المجلس الاستشاري كتوصيات واقتراحات ، فلم تعد المشاركة الجماعية في صناعة القرار الا عند عقد المؤتمرات الحزبية الوطنية ، وبخلافها فان اللجنة المركزية وحدها تتخذ القرارات ، علما بان الاشارة الى الاستفتاء هو من اجتهاد اللجنة المركزية في تحديدها لاهمية المادة الاستفتائية . وبالتالي فان المشاركة بالنقاش والتفكير الجماعي لاتخاذ القرار لا يتحقق الا مرة واحدة خلال اربعة اعوام ضمن الظروف الطبيعية، او ضمن اجتهاد اللجنة المركزية والغير قابل للمعارضة بحكم ان ألية الاعتراض لايطرح الا عند عقد المؤتمر .
    2-    لقد حدد النظام الداخلي هيكلة منظمات الحزب بكامل تسلسلها وعلى اساس انتخابي ديمقراطي ، ماعدا منظمات الخارج التي منحت اللجنة المركزية الصلاحية غير المرجعية الى النظام الداخلي ، كي تقرر شكل قيادتها في وقت يمنح النظام الداخلي حق لمنظمات الخارج بانتخاب لجانها القيادية ، وبهذا فان قرار اللجنة المركزية بتنسيب قيادة هتخ (السابقة) من قبلها يعتبر تجاوز لحق تلك المنظمات بتحديد قيادتها انتخابيا بكامل الهرم التنظيمي .
    = ليبرالية .. تضعف دور المنظمات
    1-    اكد المشروع في اكثر من مكان على ترحيل ادارة الصراع الفكري وطرح الاشكالات الرفاقية في المنابر الاعلامية الحزبية ، وبهذه الحالة فان الازمة واختلاف الراي سيرحل على اساس التنفيس وليس الصراع . في وقت يجب ادارته داخليا ،
    2-    وبدلا من يدار الصراع الفكري داخل المنظمة الحزبية لدراسته ، ولكي تتعزز قوة المنظمات بالحوار الفكري وتنوعه ، فان كامل الاعضاء مدعوون لطرحه خارج حدود الحزب ، وهو ما يتخالف مع حقوق طرح الراي الاخر ضمن الحدود التنظيمية . وبالنتيجة .. سوف تعاني المنظمات التهميش والتلاشي والبقاء لتاييد الافكار القيادية وللاجتماعات الاحادية اللون  فقط.
    3-    عندما تكثر المهام وتحجـّم مراكز دراسة القرار وجب ايجاد تشكيلة تحدد وتراقب التصرفات والقرارات ومطابقتها مع بنود النظام الداخلي ، لذلك فمن المهم جدا وجود جهة حزبية تراقب اللجنة المركزي وعدم الاقتصار والاحتكار على اللجنة المركزية ، فالاخطاء ممكنة ، والتحذير منها اكثر اهمية .
    = متناقضات وعدم وضوح قانوني
    1-    في الوقت الذي يدعو فيه النظام الداخلي الى التخلي عن التنسيب على انها ليست ديمقراطية في العمل الحزبي ، فان النظام الداخلي يمنح الحق بان تنسب اللجنة المركزية ما عدده 10% الى عضوية المؤتمر الحزبي دون أي اضطرار مقنع لذلك ، مع العلم فان هذا التنسيب يؤثر بشكل فعلي ومباشر على سياسة الحزب حيث أن رايهم لايمثل رأيا عاما مثلما يمثله المندوبون .
    2-    يتردد في أكثر من مكان ( هيئة حزبية مسئولة ، أو المختصة ) ولا نجد لها ضابط تنظيمي لهذه الهيئات المسئولة والتي لها صلاحيات حاسمة ، فان لم تحدد تنظيميا بالنظام الداخلي فانها ستصبح من الاستخدامات الاجتهادية السلطوية غير الشرعية بالحزب .
    3-    يذكر في مادة الشئون المالية وجود لجنة تضع نظاما ماليا للحزب ، ولكن لم تحدد معالم تلك اللجنة ومن يشكلها ومدى صلاحياتها ومن يراقب عملها ، فهي مبهمة المعالم والالية .
    4-    وتوجد كذلك الية غير واضحة حول ما سماها المشروع بالرقابة المنتظمة فهي عملية غير محددة الالية والكيفية ، ومجهولة المسؤولية كما وردت في المادة 1 .
    5-    وهنالك بعض الاشارات أسمح لنفسي أن أجتهد فيها وهي ضمن الديباجة : فاني ارى بأن انبثاق الحزب الشيوعي العراقي كان ضرورة تاريخية لمرحلة سياسية وليس تعبيرا عن تطور الطبقة العاملة كما جاء بالمشروع ، كون ان الطبقة العامة لم تكن متكونة في ذلك الوقت "كطبقة". والشيء الثاني فانني أربط مابين ايديولوجية الحزب والاسترشاد الفكري الماركسي وليس التنظيم والاسترشاد الفكري الماركسي كما جاء بالديباجة .

    المشارك : عبد الواحد الموسوي
    wahidpost@yahoo.com
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media