تركيا في طريقها نحو الإنهيار والسقوط (1)
    الأحد 16 أكتوبر / تشرين الأول 2016 - 19:26
    د. مهدي كاكه يي
    منذ تأسيسها بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية، لم تشهد تركيا ظروفاً صعبة مثل الظروف التي تمر بها اليوم، حيث يقودها رئيسها رجب طيب أردوغان و حزبه الإسلامي نحو الإنهيار والسقوط. تعاني تركيا اليوم من مشاكل داخلية وخارجية كبيرة، تهزها هزّاً عنيفاً ككيان سياسي رغم تظاهر حكومتها بِعرض العضلات والإيهام بأنها قوة إقليمية كبرى والتوهّم بإمكانية إعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية في العصر الذي نعايشه، حيث العولمة وإنتشار الأفكار الديمقراطية والليبرالية ويقظة الشعوب الشرق أوسطية المُستعبدة وإنهيار الإتحاد السوفيتي وهيمنة الولايات المتحدة الأمريكية على العالم وفقدان تركيا لِأهميتها الجيوسياسية كَعضوة في حلف الناتو لِتجاورها لِروسيا، وبعد التطورات الكبرى التي حصلت في منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص و في العالم بشكل عام.

    بعد المحاولة الإنقلابية الفاشلة وإهانة الرئيس التركي للجيش التركي وإعتقال عشرات الآلاف من جنرالاته وضباطه وجنوده وإهانتهم، فأن الجيش التركي، الذي كان الحاكم الفعلي لتركيا من وراء الستار أو بِشكل مباشرمنذ تأسيس تركيا الى ما قبل حدوث المحاولة الإنقلابية الفاشلة  الأخيرة، لا يقبل هذه الإهانة والإساءة التي تعرض لها وأنه ينتهز الفرص لإسترجاع هيبته وسلطته من خلال القيام بإنقلاب عسكري أو إغتيال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والإطاحة بِحُكمه. لذلك تعيش الحكومة التركية في هاجس الإطاحة بها من قِبل الجيش المتذمر والمتطلّع لإستعادة كرامته وسلطته المفقودة وبذلك ستُخيّم حالة عدم الإستقرار على تركيا وتستمر إجراءات الحكومة التركية في أخذ الإحتياطات اللازمة للحيلولة دون إطاحة الجيش بها.  

    كما أن التذمّر الذي يدبّ في صفوف الجيش التركي، يُضعِف قوته القتالية ويُقلل جاهزيته ويهبط معنويات أفراده ورغبتهم في القتال والدفاع عن تركيا و ينشر الملل وعدم الإنضباط في صفوفه ويًزيد حالات فرار منتسبيه وتمرّدهم على الأوامر العسكرية.

    حركة فتح الله گولن  (Fethullah Gülen)الدينية متغلغلة بِشكل كبير في المجتمع التركي و في كافة مفاصل ومؤسسات الدولة التركية، بما فيها القوات المسلحة من جيش وشرطة وبذلك تنخرط أعدادٍ كبيرة جداً في صفوفها وتمتلك ثروة ضخمة ونفوذ كبيرة، ليست في تركيا فقط، بل في مختلف دول العالم، وخاصةً في المجتمعات الإسلامية، من خلال إنتشار مدارسها الدينية وجوامعها و رجالها الدينيين في مختلف بقاع العالم. يمكن مقارنة النفوذ العالمي لهذه الحركة الى حدٍ ما بِنفوذ الفكر الوهابي الذي تقوم المملكة العربية السعودية بِنشره في العالم من خلال صرف عشرات المليارات من الدولار لهذا الهدف. لذلك قأنّه من الصعب جداً القضاء على هذه الحركة، التي كان أردوغان أحد مناصريها في السابق وأنها ستظل تُشكّل تهديداً كبيراً لِحُكم الرئيس التركي أردوغان.

    محاولة أردوغان أسلمة النظام السياسي التركي الذي هو نظام علماني منذ تأسيس تركيا التي تأسست على أنقاض الإمبراطورية العثمانية بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى
    وإنهيارها، تدفع القوى العلمانية والطوائف غير الإسلامية الى التحالف معاً وزيادة نضالها لإفشال المحاولات الجارية لِفرض الإسلام السياسي على نظام الحكم التركي. كما أنّ طموح الرئيس التركي في خلق نظام حُكمٍ دكتاتوري في تركيا والإنفراد في الحكم، تجعل القوى الديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني في  تركيا، الى تنظيم نفسها وتكثيف نضالها للحفاظ على النظام الديمقراطي وترسيخ الديمقراطية وتعميقها في تركيا.

    الهَلاويون (العلويون) الذين يًشكلون حوالي ثلث سكان تركيا، ستزداد وتيرة نضالهم ضد الحكومة التركية لِثلاث أسباب رئيسة وهي:

    1. محاولة الحكومة التركية فرض الإسلام السياسي (المذهب السُنّي) على نظام الحُكم والذي يعني زيادة  وتيرة إضطهاد الهلاويين لِكونهم غير مسلمين و كون معظمهم علمانيون.

    2.  تٌقدّر نفوس الهلاويين الكورد بحوالي 50% من المجموع الكلي للهلاويين في شمال كوردستان وتركيا. شراسة الحملات التركية ضد الشعب الكوردي وإندلاع الثورة الكوردستانية في شمال كوردستان والتدخل التركي العسكري في غرب كوردستان، تدفع الهلاويين الكورد للإنضمام الى صفوف الثورة الكوردستانية لتحقيق حرية شعب كوردستان و إستقلال وطنه.

    3. العداء القائم بين الحكومة التركية والنظام الهَلاوي في سوريا والتدخل العسكري التركي في سوريا ومساعدة النظام التركي للجماعات الإرهابية الإسلامية السُنيّة ومحاولته إسقاط النظام الهَلاوي في سوريا، يدفع كل هذا التدخل التركي الى وقوف الهلاويين ضد الجكومة التركية والتحالف مع القوى المضادة للنظام التركي.

    mahdi_kakei@hotmail.com
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media