"السلم المجتمعي" وبقية الخرافات – كل ما يتجاهل الدور الأمريكي والكردستاني في الموصل، كلاو!
    الجمعة 11 نوفمبر / تشرين الثاني 2016 - 17:53
    صائب خليل
    آخر ما تفتقت عنه محاولات لفت النظر بعيدا عن الحقائق المهمة في الموصل والعراق عموماً، ما يسمى بـ "مبادرة البرلمانيات للسلم المجتمعي في نينوى".

    [[article_title_text]]
    ولنلاحظ أن الاسم من خلال الحديث عن "السلم المجتمعي" يوحي بأن المشكلة هي "الصراع المجتمعي". "صراع مجتمعي" إذن للعرب وليس دولة ضائعة يسرح فيها المطلوبون للعدالة ويتفاوضون ويأتمرون مع القوات الرسمية التي تتجاهل القضاء العراقي. وبدلا من ان تلقي القبض عليهم فإنها تعاملهم كقادة.
    المشكلة في "السلم المجتمعي" إذن وليست مشكلة تهجير كردستاني وتغيير ديموغرافي تحت سمع وبصر ومباركة رئيس الوزراء الذي لا يجد مشكلة في ان يجتمع ويتفاوض مع من يقوم بتلك الجريمة، ويوسع حدود مملكته كل يوم برسمها بالدم والجرافات، ويستقبله في مكتبه وكأن شيئاً لم يكن.

    ومن يقود مشروع "السلم المجتمعي"؟ من بين كل الأسماء التي وردت من "برلمانيات" لم اعرف سوى صديقة برنارد ليفي "فيان دخيل"! وهناك أيضا هناء أدور التي تحدثت طبعا عن "ضرورة أن تكون اللجنة من "شرائح مختلفة من المجتمع الموصلي" – أي شاركت التأكيد على ان التقسيم الطائفي هو المهم، وهو الذي يجب ان نركز عليه.
    نلاحظ كذلك في خطاب أصحاب المشروع عبارات سبق أن سمعناها عندما استعملت مراراً لتبييض المجرمين واعادتهم الى السلطة مثل "العدالة الانتقالية" و "رد الدعاوي الكيدية" و "تحقيق الصلح" و "عدم الإنتقام" و "الأيادي التي لم تتلوث بجرائم داعش". إنه نفس قاموس الاحتيال الذي طالما سعى ذيول الاحتلال لتمريره في بغداد المرة تلو المرة، وهو لا يركز في حقيقته إلا على حماية المجرمين، ووضع أكبر العراقيل أمام وصول العدالة الى داعش.

    إننا لا نستغرب من نائبة لا تخجل أن تقف لاستعراض الصور مع اكبر المجرمين الدوليين المنظمين لداعش، والمسؤول عن تدمير المدن في مختلف انحاء العالم بمشاريع الثورات الملونة المشبوهة، أن تقف أيضاً مع مسعود البرزاني في جرفه للقرى العربية وتهجير سكانها، إنما ان تأتينا تلك المرأة ذاتها لتقود "منظمة إنسانية" تريد إعادة "السلم المجتمعي" للعراق، فهو ضحك سمج على الدقون وغسل لجرائم إبادة وتحضير لجرائم أخرى قادمة.

    ورغم اننا لا نستطيع ان نجزم بأن كل من يشترك في مثل هذه المشاريع يعمل بأجندة متعمدة، لكننا نعلن صراحة اننا لا نثق بأية جهة تتعمد تجاهل الحقائق الأساسية لتقفز إلى النتائج مهما بدا اسمها لطيفا.
    صحيح ان "السلم المجتمعي" سيكون مطلوباً، لكن يجب وقف تهجير الناس واحتلال أراضيهم ومعاملة العرب بطريقة لا تختلف قيد شعرة عن معاملة إسرائيل لهم، والامتناع عن التعامل مع المجرمين الدوليين الذين نظموا أبشع مجازر الإبادة، وكأنهم أسلحة دمار شامل. وما لم يحدث هذا فسوف نعتبر أية محاولات أخرى هي محاولات احتيال علينا ولا تسعى إلا لزيادة وتعميق الام شعبنا بإلهائه ريثما يتم استلاب حقوقه وإدخاله في المزيد من المآسي، وتجري المؤامرة بحماية الرجل الذي جاءوا به لتدمير ما بقي من العراق، ودون ان يطالبه أحد بتحمل مسؤوليته أو حتى إبداء رأيه فيما يجري.
    ...
    هذا "الكلاو" ليس سوى واحد من محاولات دفع الضوء بعيدا عن تأثير الاحتلال وقيادته لكل مقدرات البلد إلى الهاوية عن طريق عملائه. وتبذل في سبيل هذا الشيء جهود هائلة، ليس فقط عن طريق الإعلام وإنما بتأسيس منظمات ومؤتمرات وزيارات ووفود.. كلها تبحث عن أي شيء تلقي كارثة البلد على عاتقه، إلا الاحتلال وعملاؤه!
    المشكلة الأساسية ليست في الموصل ولا في الصراع بين مكونات الشعب، بل الداء في بغداد، في الرجل الذي وضعه الاحتلال وكردستان على رأس السلطة علينا، وما لم يتم حل هذه المشكلة، وما لم يستطع الشعب ان يضع بنفسه الحكومة التي يختارها حقا لتمثيل مصالحه، بعيدا عن تأثير اميركا وكردستان (ومن يقف وراءهما بأجندته لتدمير العراق) فإن البلد سائر إلى الدمار الذي يخططونه له، ولن تكون الأمور الجانبية الأخرى مثل "السلم المجتمعي" وغيرها إلا الهاء وذر للرماد في العيون وتصوير المعركة في مكان آخر، بينما تسير المؤامرة ضد شعب العراق في طريقها بهمة ونشاط.
    © 2005 - 2025 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media