أرادوها فتنة..والإمام العسكري"ع" قال لهم:لا!
    الأربعاء 7 ديسمبر / كانون الأول 2016 - 19:43
    عباس الكتبي
    قال الشيخ عباس القمي "ره"في"منتهى الآمال ج2": كانت ولادة الإمام الحسن العسكري"عليه السلام"بالمدينة الطيبة سنة اثنتين وثلاثين ومئتين في شهر ربيع الآخر، وكانت وفاته"عليه السلام"باتفاق الأكثر من المحدثين والمؤرخين،لثمان خلون من ربيع الأوّل سنة ستّين ومئتين من الهجرة.

    ونقل الشيخ القمّي،عن الشيخ الطوسيّ بسنده عن أبي سليمان داود بن غسّان البحرانيّ أنّه قال:
    قرأت عند أبي سهل إسماعيل بن عليّ النوبختيّ،وكان شيخ المتكلمين من أصحابنا في بغداد، وذا جلالة في الدين والدنيا،صنّف كتباً منها(الأنوار في تواريخ الأئمة الأطهار).

    قال أبو سهل:((دخلت على أبي محمد الحسن بن علي"عليه السلام"،في المرضة التي مات فيها،وأنا عنده إذ قال لخادمه عقيد،وكان الخادم أسود نوبيّا قد خدم من قبله عليّ بن محمد" عليهما السلام"،وهو ربيّ الحسن"عليه السلام"،قال له:يا عقيد،اغل لي الماء بمصطكيّ،فأغلي له،ثم جاءت به صيقل الجارية أمّ الخلف"عليه السلام"،فلمّا صار القدح في يديه وهم بشربه،جعلت يده ترتعد حتى القدح ثنايا الحسن" عليه السلام"فتركه من يده،وقال لعقيد:ادخل البيت فإنّك ترى صبيّاً ساجداً فائتني به.

    قال ابو سهل:قال عقيد:فدخلت أتحرّى فإذا أنا بصبيّ ساجد سبّابته نحو السماء،فسلّمت عليه،فأوجز في صلاته، فقلت:إنّ سيّدي يأمرك بالخروج إليه، إذ جاءت أمّه صيقل،فأخذت بيده وأخرجته إلى أبيه الحسن"عليه السلام".

    قال ابو سهل:فلمّا مشى الصبيّ بين يديه سلّم،وإذا هو دّريّ اللون،وفي شعر رأسه قطط،مفلجّ الأسنان،فلمّا رآه الحسن"عليه السلام"بكى،وقال:يا سيّد أهل بيته،اسقني الماء فإنّي ذاهب إلى ربّي؛وأخذ الصبيّ القدح المغليّ بالمصطكي بيده،ثم حرّك شفتيه،ثم سقاه،فلمّا شربه قال: هيّئوني للصلاة،فطرح في حجره منديل فوضّأه الصبيّ واحدة واحدة" يعني بأقل الواجب"ومسح على رأسه وقدميه،فقال له أبو محمد عليه السلام:

    أبشر يا بنيّ،فأنت صاحب الزمان،وأنت المهدي،وأنت حجة الله على أرضه، وأنت ولدي ووصييّ،وأنا ولدتك،وأنت" م ح م د"بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب"عليهم السلام"،ولدك رسول الله"صلى الله عليه وآله"،وسمّاك وكنّاك،عهد عهده إليّ أبي عن آبائك الطاهرين،صلى الله على أهل البيت ربّنا إنّه حميد مجيد.
    ومات الحسن بن عليّ من وقته، صلوات الله عليهم أجمعين)).

    جاء في بعض الروايات التي نقلها العلامة المجلسي في"جلاء العيون"عن ابن بابويه:ان سامراء ضجت ضجة واحدة لموت الامام ابن الرضا"عليه السلام"، وعطلّت الأسواق،وحضر بنو هاشم، والقوّاد،والكتّاب،وسائر الناس،الى جنازته"عليه السلام"فكانت سرّ من رأى يومئذ شبيهة بالقيامة،وبعث السلطان الى أبي عيسى المتوكل فأمره بالصلاة عليه،فلمّا وضعت الجنازة للصلاة، دنا أبو عيسى منها فكشف عن وجهه،فعرضه على بني هاشم من العلويّة والعباسيّة،والقواد والكتاب والقضاة والفقهاء والمعدّلين وقال:

    هذا الحسن بن علي بن محمد الرضا" عليهم السلام"،مات حتف أنفه على فراشه،ثم غطى وجهه،وقام فصلى عليه،وحمل من وسط داره،ودفن في البيت الذي دفن فيه أبوه"عليهما السلام".
    قال الشيخ"القمّي":قال ابن بابويه وآخرون:سمّه المعتمد العباسي.

    لقد حاول الأرهابيون والتكفيريون، إيقاع الفتنة بين أبناء الشعب العراقي، عندما أرتكبوا جريمة نكراء،وهي استهداف حرم الإمامين العسكريين" عليهما السلام"،وتفحير القبة المباركة، فباء مخططهم بالفشل،وأنقلبوا على أعقابهم خاسئين،لماذا؟

    لانّ الإمام الحسن العسكري"عليه السلام"-حسب مارواه الشيخ الطوسي-قال:(قبري بسرّ من رأى أمان لأهل الجانبين)،قال المجلسيّ الأوّل:عنى بالجانبين الشيعة والسنّة، وقال إن بركته عليه السلام،أحاطت بالصديق والعدو.

    وببركة الامام العسكري عليه السلام، تصدت مرجعياتنا الدينية في النجف الأشرف، لوأد الفتنة،وعلى رأسهم المرجعية العليا،بإمامة السيد السيستاني-دامت بركاته-فصدر بيان من مكتبه،يدين فيه الاعتداء الآثم، في23/المحرم الحرام/1427 هج،جاء في ذيله:
    ((إننا إذ نعزي إمامنا صاحب الزمان عجل الله فرجه الشريف بهذا المصاب الجلل نعلن الحداد العام لذلك سبعة أيام، وندعو المؤمنين ليعبّروا خلالها بالأساليب السليمة عن احتجاجهم وإدانتهم لانتهاك الحرمات واستباحة المقدسات،مؤكدين على الجميع وهم يعيشون حالة الصدمة والمأساة للجريمة المروعة أن لا يبلغ بهم ذلك مبلغاً يجرّهم إلى اتخاذ ما يؤدي إلى ما يريده الأعداء من فتنة طائفية عملوا على إدخال العراق في أتونها)).

    قال الشيخ الأجلّ علي بن عيسى الإربلي في كتاب"كشف الغمة":((حكى لي بعض الأصحاب أنّ الخليفة المستنصر مشى مرّة إلى سرّ من رأى، وزار العسكريين عليهما السلام،وخرج فزار التربة التي دفن فيها الخلفاء من آبائه وأهل بيته،وهم في قبّة خربة يصيبها المطر،وعليها ذرق الطيور، وأنا رأيتها على هذه الحال،فقيل له:
    أنتم خلفاء الأرض وملوك الدنيا،ولكم الأمر في العالم،وهذه قبور آبائكم بهذه الحال،لا يزورها زائر؟ولا يخطر بها خاطر،وليس فيها يميط عنها الأذى؟ وقبور هؤلاء العلويّين كما ترونها بالستور والقناديل،والفرش والزلالي والفراشين،والشمع والبخور وغير ذلك؟!
    فقال:هذا أمر سماوي لا يحصل باجتهادنا،ولو حملنا الناس على ذلك ما قبلوه ولا فعلوه.
    وصدق،فإنّ الاعتقادات لا تحصل بالقهر، ولا يتمكّن أحد من الإكراه عليها)).
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media