آثار انخفاض أسعار النفط وسياسة التسعيرة ومفهوم السعر النفطي
    الأربعاء 7 ديسمبر / كانون الأول 2016 - 19:58
    د. أكبر عمر الجباري
    أستاذ جامعي
       إن أثار تدني أسعار النفط  ولدت أزمة اقتصادية على مستوى العالم وخاصه في الدول التي تعتمد اقتصادياتها على صادرات النفط وكذلك مدى تأثير  انخفاض أسعار النفط على الموازانات العامة لهذه الدول بالإضافة إلى تأثير البعد السياسي والعلاقات الدولية، وإمكانية تغير خريطة القوى السياسية وخاصة في ظل وجود تحديات سياسية ومشاكل داخلية داخل منطقة الخليج والتي تظهر في العلاقات السعودية الإيرانية وعلى مستوى العلاقات الأمريكية الروسية ومدى الدور الذي ستلعبه السعودية في هذه الأزمة كونها أكبر مصدر ومنتج  للنفط حيث بلغ إجمالي الانتاج الحالي لأوبك حوالي ٣٠ مليون برميل في اليوم، أي ثلث الإنتاج العالمي.
    لا شك كل هذه  أدت الى  الاضطرابات الاقتصادية العالمية وانهيار سوق الأسهم في الصين، مما أدت  إلى  تراجع انخفاض أسعار النفط  إلى ما دون ٤٠ دولاراً للبرميل للمرة الأولى منذ عام٢٠٠٩ .
    وحيث ألقت هذه الأزمة بظلالها على اقتصاديات الدول النفطية والتي تعتمد على إيرادات البترول لدعم ميزانيتها، لكن المؤشرات الحالية تسير الى  إن السعودية هي المتضرر الأكبر.
    ان سياسة تسعير النفط  فتعرف بأنـها الاجراءات التي تتخذها الدول المنتجة للنفط  لغرض  بيع صادراتها النفطية إلى أوروبا أو أمريكا  على أساس سعر برنت في العقود الآجلة بعد سنوات من حذوها حذو السعودية أكبر منتجي أوبك في تسعير النفط على أساس المتوسط المرجح لبرنت.
    وتستخدم إيران أيضا المتوسط المرجح لبرنت بينما يستخدم العراق سعر برنت في العقود الآجلة. وعلى مدى السنوات الأخيرة كانت براميل النفط المسعرة على أساس سعر برنت في العقود الآجلة أقل تكلفة في المتوسط من تلك المسعرة على أساس المتوسط المرجح لبرنت.
      ان الحقيقة تكمن في الجانب الاخر المؤثر على تسعير النفط ألا وهو العملة المسعر بها النفط: الدولار الأمريكي ليس فقط الدولار الامريكي بل أيضا الجانب المبهم من العلاقة مابين النفط والدولار: مفهوم "البترودولار" * وهو العملة المحركة حقا لكل الاقتصادي المهتم  بصدده من أرقام ومعطيات وتموجات سيولة وتقلبات أسعار بكل الأسواق والأصول .
    فالنفط هو السلعة الأكثر أهمية من الناحية الجغرافية السياسية، وأي تغيير هيكلي في أسواق النفط يلقى صدى في جميع أنحاء العالم، وينتج عن هذا التغيير فريق واضح المعالم من الفائزين والخاسرين.
     ان السياسات السعرية: هي تلك الاجراءات التي تتبعها الحكومات التي تصدر النفط الى الأسواق الدولية بوضع  الوسائل والأساليب الخاصة بتسعير النفط الخام في الأسوق الدولية، وفي أغلب الأحيان تضع المنشآت الفردية قائمة أسعارها في سوق احتكار القلة، وتعدل هذه الأسعار استجابة لتغيرات الظروف السوقية أو للتغيرات التي يجريها منافسوها.
    إن الهامش السعري مابين البرنت والنايمكس هو دليل على  كمية البترودولار الفائضة بالنظام النقدي العالمي  هو جزء هام من كمية اليورو التي ضخها البنك  المركزي الأوربي إبان الأزمة الأوربية تحول نحو البرنت عبر آلية البترودولار شراء الدولار لغرض شراء نفط البرنت،  وهذا الشراء أكثره تحوطات  لمضاربي في هذا المجال.                
    حيث من جهة مقابلة شراء النفط يعني حتماً توفر كمية دولار لدى الدول المصدرة للنفط ، ولذا الهامش السعري مابين البرنت والنايمكس هو إشارة لتوفر سيولة هامة داخل أوربا باليورو وتدفق سيولة هامة أيضاً بالدولار للدول المصدرة للنفط دول الخليج السعودية أساسًا) ما يعني إرتفاع حجم السيولة بالعالم ما يدعم أسعار الاصول المقومة باليورو وبالدولار أيضاً).
    وحيث ألقت هذه الأزمة بظلالها على اقتصاديات دول النفطية والتي تعتمد على إيرادات البترول لدعم ميزانيتها، لكن المؤشرات الحالية تسير الى  إن السعودية هي المتضرر الأكبر.
    ومن خلال استطلاع "أحوال الاقتصاد العالمي"، فمنطقة الشرق الأوسط تشهد حالة من عدم الثقة بسبب التقلبات الاقتصادية الناتجة عن ضعف ثقة المستثمرين، وتقلبات أسعار الفائدة والنفط ثم أخيرا اضطرابات سوق الأسهم.
    وشهدت الأسواق السعودية انخفاضاً بنسبة سبعة في المئة، وهي أكبر نسبة منذ كانون الأول 2015، وخفضت مؤسسة (فيتش ريتيتغ) للتصنيفات مؤشر السعودية  من "مستقر" إلى "سلبي". وفي مقابل ذلك، تتبنى السعودية موقفاً محسوبا بدقة، بدعمها انخفاض أسعار النفط إلى نحو ٨٠ دولارًا للبرميل لخفض الأسعار، حتى تجعل من استخراج النفط الصخري أمراً غير مجدٍ اقتصادياً، مما يدفع وأمريكا في النهاية إلى العودة لاستيراد النفط من المملكة العربية السعودية، وفي الإمارات انخفضت بورصة دبي أيضا بنسبة ٧% في المئة أما أبو ظبي والدوحة فانخفضتا بنسبة ٥% في المئة.
      اذن فالبلدان التي تستهلك كميات كبيرة من الطاقة قد تتأقلم مع ارتفاع أسعار النفط فوق ١٠٠ دولار للبرميل منذ بداية عام ٢٠١١، حيث إن معظم دول العالم المتقدم تحاول الخروج من الأزمات المالية والديون.، فانخفاض أسعار النفط يمكن أن يوفر فرصة لاستعادة عافية اقتصاداتها.
    أما الدول الرئيسة المنتجة للنفط، فقد اعتادت على ارتفاع أسعار النفط، وغالبا ما يُستخدم ذلك في تمويل ودعم ميزانياتها الوطنية وعليه، فإن حالة انخفاض أسعار النفط المستمرة تدفع هذه الدول إلى إعادة التفكير في نفقاتها.
    وهكذا معرفة توجهات الهامش السعري مابين البرنت والنايمكس مفيد للغاية في إستباق معرفة توجهات أسعار الاصول العالمية وأيضا في معرفة توجهات تسعير أسعار الاصول العالمية أي معرفة توجهات سعر الدولار الامريكي .
    ولحد من  ظاهرة تذبذب أسعار النفط ، لذا  يجب اتخاذ الاجراءات يمكن من خلال تطبيقها بصورة حقيقية سوف تحد من تدهور أسعار النفط والتخلص من اغراق السوق  بكميات كبيرة  من النفط  الأ وهي:
    أولاً. تخلص أوبك من الهيمنة الدول الكبرى بصورة مباشرة أو عن طريق حلفائهم من دول الخليج  مثل السعودية والإمارات وقطر والكو يت وسلطنة عمان وغيرها .
    ثانيأ. ايجاد بدائل لأيرادات النفط  والتحول إلى اقتصاد متنوع، على الرغم من توفر الإمكانيات التي تساعد على ذلك والتي منها:   السياحة (طبيعية او تاريخية او دينية ، الزراعة و الصناعة  حيث تمتلك  الدول المنتجة للنفط  الموارد البشرية والموارد  الطبيعية ومصادر الطاقة كافية).
    ثالثاً. الالتزام الكامل بالحصة المخصصة للكل دولة وعدم تجاوزها حسب قرار منظمة أوبك، مما يجعل سعر النفط  شبه مستقر  أو التوقف من الانتاج جزئياً لحين استعادة أسعار النفط عافيتها مثل النرويج.
    حيث بدأت تتعافى أسعار النفط عندما بحثت في اجتماع أوبك خطة لخفض الإنتاج الإجمالي للمنظمة بنحو 1.2 مليون برميل يوميا من مستوى أكتوبر/تشرين الأول الماضي البالغ 33.6 مليون برميل يوميا، لاستعادة التوازن بين العرض والطلب.مستويات الإنتاج واستعادة التوازن في أسواق النفط ، مما دفعت أسعار النفط الى الارتفاع بنسبة 6%.
    ان نجاح أوبك في إبرام اتفاق لخفض الإنتاج قد يرفع الأسعار سريعا إلى 55 دولارا للبرميل وقد يصل بها إلى ستين 60 دولارا في عام  2017، لكن في حالة  فشل الخطة  قد يخفضها إلى 35 دولارا وربما أقل من ذلك وتعود الازمة مرة أخرى في أسواق النفط.



    الــــــــدكتور
    أكبر الجباري
     7/12/2016
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media