عادل نعمان «عبدالعاطى» يحاكم «نجيب نوبل»!!
    الخميس 8 ديسمبر / كانون الأول 2016 - 21:32
    عادل نعمان
    كاتب وإعلامي مصري
    السيد عبدالعاطى مصطفى، عضو مجلس النواب، الجالس تحت قبة البرلمان على مقعد سعد باشا زغلول، أو مصطفى باشا النحاس، أو ويصا باشا واصف، أو الأديب محمد حسن هيكل، أو عباس محمود العقاد، شيخ مشايخ المثقفين، يخرج علينا من جلبابه، ويدعو لمحاكمة أديب نوبل، وفلتة عصره وأوانه، أديبنا الكبير نجيب محفوظ، الحائز على جائزة نوبل فى الآداب، بتهمة خدش الحياء. وكنت أود أن يأتينا السيد عضو مجلسنا الموقر بمن خدشت عباراته حياءها فى رواية «قصر الشوق»، أو يدلنا على من أفشت كلماته سترها فى «السكرية»، أو يرشدنا على من فضحت حشمتها نظراته فى «المرايا»، أو يبصرنا بمن أبيحت عفتها وطهارتها وخجلها فى «زقاق المدق» أو شوارع «بين القصرين». أو يدلنا جنابه على مواخير الجنس الجماعى الذى رآه وشاهده فى رواية من روايات نجيب محفوظ حتى يكون لنا نصيب مما رأى وشاهد، وإن كنت أشك أنه قد أصاب العنوان، وقالوا له هذا ماخور محفوظ. وأتحدى أن يكون قد قرأ عملاً فنياً لعمنا نجيب أو قرأ رواية واحدة له، أو يعرف مقتضيات العمل الفنى المأخوذ عن الرواية. وأذكّره والسادة القراء أن من حاول قتل نجيب محفوظ لم يقرأ له سطراً واحداً. وأذكّره أيضاً أن قاتل الشهيد الدكتور فرج فودة لم يقرأ له ولم يسمع منه كلمة واحدة، لكنهم قالوا له!! وأفتوا بكفرهما وجواز قتلهما.

    ما بين الشيخ عبدالعاطى، عضو مجلس الأمة، والفكر الوهابى الذى يحرّم الفنون بأشكالها فركة كعب، هى مسافة كعب واحد بين الأدمغة، فهى متلاصقة لا تتحرك، متشابكة لا تنهض، متحجرة لا تتذوق. الزمن عندهم جامد راسخ فى اتجاهات العيون الأربع. هؤلاء، وهم كُثر، يصدّرون لنا فكراً وهابياً، يغزونا للأسف فى لقمة عيشنا وعقولنا حتى غرف نومنا. هذا ما جنيناه من الوهابية، وما وصلنا منها فى عقودنا الأخيرة. وها هى أفكارهم الشاذة التى تحاصرنا ليل نهار والتى استهوتها وتوافقت معها ثقافة الصحراء من الغزو والقتل والنهب، وكانوا لها من الراضين والمهللين، تغزو بلادنا وتدمر أولادنا. ما دخل ثقافة النيل والخضرة والزرع والنماء فى ثقافة السلب والنهب؟ وما جريرتنا إن كنا ورثنا عن أجدادنا النغم والطرب والثقافة والفنون والشعر والآثار التى أبهرت العالم حتى تأسرنا فتاوى الجهل والتخلف وفقه التصحر؟. ما هذا الإرث الذى ورثناه عن أجداد ليسوا أجدادنا، وآباء ليسوا آباء لنا، وموروث لا نقبله إرثاً لنا؟. ما كل هذا الغث الذى يخرج علينا، ويحرّم علينا من نعم الله ما أنعم به الله على غيرنا، وماتوا وهو راضٍ عنهم؟. هذه أفكار وهابية تصدّر إلينا فكرة فكرة ويدفع فيها أموال النفط بالمليارات لتستقر فى بلادنا، كما استقر غيرها وأصبحت لصيقة الشخصية المصرية، أعاننا الله على التخلص منها.

    فهذه الوهاببة التى تتهم المصورين والرسامين والفنانين والممثلين بالضلال والتضليل، ويقولون عنهم: سيعذبون يوم القيامة فى النار ويقال لهم «أحيوا ما صورتم». حتى وصل الأمر إلى تحريم نشر الصور التعليمية لتعليم الناس الوضوء والصلاة؛ لأن الحق لا يُنشر بالحرام، والغاية لا تبرر الوسيلة. ويحرّمون على الأطفال المسلسلات الدينية وأفلام الكرتون الإسلامية؛ لأنها بدعة، ولا يجوز التشبه ببدع الكافرين «حتى لا يحبهم أطفالنا». ولم تنج مشاهدة المباريات الرياضية من تحريمها لعدم ستر العورة، وحرّم «بن باز» التصفيق للتشجيع على أنها من مظاهر الجاهلية. وهذا بن عثيمين يحرّم الأطباق «الدش»، واعتبر ولى الأمر غاشاً لرعيته لو سمح به فى بيته، ويحرّمون الغناء والموسيقى والرسم والنحت واقتناء التماثيل أو الصور المرسومة، وتحريم مشاهدة السينما والتليفزيون، وتحريم الغناء مع آلة موسيقية، وهذا باتفاق المذاهب الأربعة (ومن داوم عليها ترد شهادته)، أما الغناء بغير آلة موسيقية فمكروه، هذا عن الفن والأدب والشعر فلو أضفنا له تحريم تعليم اللغة الإنجليزية حتى لا يحبها من يتعلمها من المسلمين «فيكونون مثل الكافرين ويحبون من يتكلم بها»، نكون نحن قد وصلنا إلى كره الفن والثقافة، وهذه هى الخبطة الأولى. ولو استدرنا قليلاً لنرى كيف يكفّر «بن باز» من يدّعى أن الأرض كروية، ويبيح دم من يتصور أن الأرض تدور حول الشمس «يقول لو كانت الأرض تدور كما يزعمون لكانت البلدان والجبال والأنهار لا قرار لها، وهذا جبل النور وجبل أحد فى مكة محله»، وكيف يحرّمون استخدام مصل شلل الأطفال لاحتوائه على مشتقات من دهن الخنزير. نكون بهذا قد وصلنا إلى كره العلم والحضارة، وهذه هى الخبطة الثانية. ولو علمنا أنهم يحرّمون قص الشعر للرجال «فإما أن يحلق كله أو يترك كله»، ويحرمون استخدام العطور، ويلعنون المتزينات من النساء «أيما امرأة استعطرت ومرت على قوم ليجدوا منها ريحها فهى زانية»، ويحرّمون عليهن نزع شعر أرجلهن أو تخفيف حواجبهن، ويحرّمون عليهن الملابس البيضاء حتى لا يتشبهن بالرجال، نكون قد وصلنا إلى كره أنفسنا، وهذه هى الخبطة الثالثة. هذا هو الهدف من أفكار التصحر، مخاصمة الفنون والآداب والثقافة والعلم والنظافة، حتى نكون أسرى التخلف والجهل. انتبهوا أيها السادة التخلف قادم يتخفى فى عباءة البعض وللأسف اختيار البعض منا!!.

    adelnoman52@yahoo.com
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media