صفعني بيتر أكثر من مرة
    الجمعة 9 ديسمبر / كانون الأول 2016 - 21:21
    حسن الخفاجي
    في  ظهر يوم من ايام شهر "آب اللهاب" شاهدته  يمشي على الرصيف المحاذي للحديقة العامة حافيا. يدفع بعربة تسوق حديدية وضع فيها كل ما يملك، مثله مثل اغلب المشردين في امريكا.
    آلمني منظره وهو يقفز مرة ويمشي على اطرف أصابع قدمية وعلى كعبه مرات اخر ، محاولاً تفادي سخونة الرصيف.

    ذكرني وضعه بطفولتي واصدقاء مدرستي الابتدائية ، الذين كان بعضهم مثله ينتظر المساعدات، التي توزعها المدرسة في فصل الشتاء للطلاب الفقراء، احذية وألبسة شتوية. كانت المساعدات تسمى "معونة الشتاء"، لأننا نعيش في زمن انقلبت فيه الموازين ، قررت ان أمنحه معونة الصيف. ذهبت الى البيت وجلبت له نعالين بمقاسين مختلفين وغطاء رأس "كاسكيته". وجدته جالسا تحت ظل شجرة كبيره . سلمت عليه  عرفته باسمي ، قال: "اسمي بيتر". عرضت عليه المساعدة ، تقبل ما جلبته له. قال: "اكتفى بنعال واحد وغطاء الرأس". أعطيته مبلغا بسيطا من المال رفضه في البداية وقبله لاحقا بعد إلحاح مني . بعدها طلبت منه ان يأخذ النعال الاخر. قال: "نعال واحد يكفيني ولا حاجة لي بنعال اخر" قناعة بيتر كنز لم يعرفه ساستنا بعد. رجوته ان يأخذه ويعطيه لمن يحتاجه ممن يعرفهم من المشردين. اخذه وشكرني. قال: "انا رسّام اجلس معي لدقائق كي ارسم لك صورة شخصية مقابل ماجلبته لي. شكرته واعتذرت منه لضيق وقتي، ووعدته بلقاء في وقت اخر. قال: "تجدني هنا اغلب الأوقات لأنني كما تعرف لا بيت لي، وساعوض لك الصورة الشخصية بلوحة تجسد ما قمت به من عمل نبيل".

    اشهر مضت على لقائي ببيتر ، يوم أمس ذهبت الى الحديقة وصادفت بيتر. حملق بوجهي ثواني ثم قال انت حسن أليس كذلك؟. قلت نعم. فتح حقيبة وبحث عن لوحة بين مجموعة لوحات رسمها على ورق خفيف. اخرج  لوحة جميلة جدا يظهر فيها شخص بملامح عربية يرمي بحبلين الى غريقين محاولا انقاذهما. أهداني اللوحة وشكرني على موقفي السابق منه قال: "تعلمت منذ صغري ان لا أخذ شيئا دون ان ادفع ثمنه او ما يقابله من ثمن".
    شكرته وأخذت اللوحة وغادرت المكان وانا اتحسس خدي، شعرت ان موقف بيتر وكلماته نزلت كصفعات قوية على خدي وعلى ثقافة أنتجت مجتمعات شبه كاملة تأخذ اكثر من استحقاقها وتستحوذ على كثير من الأشياء دون ان  تدفع اثمانها،  وبعضهم يعتبر الدولة - الوطن والشعب - ملكا ورثه من أهله.

    غادرت بيتر وانا العن يوما استسلمت فيه مدنا وعواصم لحضارات عمت منجزاتها البشرية، لغزو ثقافة ممالك الرمال ، ثقافة اختصرت الاسلام بالغزو  والسبي والقتل والتكفير والحوريات وفتاوى جنسية معيبة. إن  جَرَبْ ممالك الرمال اصاب بعدواه  البعض من ورثة  الحضارة  العراقية ، لذلك أصبحوا يتغنون  بالغزو والفرهود والحوسمة.

    حفز موقف بيتر بداخلي أسئلة تخص الطبقة السياسية التي تحكمنا.
    هل اكتفى معظم ساستنا بما حصلوا عليه من رواتب وامتيازات شرعوها لأنفسهم ام انهم مثل جهنم؟. ((يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ))

    هل يساوي ما يأخذونه من امتيازات مايقدمونه من خدمة ؟. الجواب كلا وألف كلا

    ماذا قدمت  معظم الطبقة السياسية للعراق مقابل ما حصلوا عليه من رواتب ومخصصات فاقت نظرائهم في كل بلدان العالم؟.

    استهلكنا ما أنتجته الحضارة الغربية  من منتجات تقنية وغيرها، دون ان نعمل على الاخذ بالاسباب التي دفعت الغرب الى القمة ونزلت بِنَا الى الحضيض . وانا أغادر بيتر تمنيت ان تسكن قناعته وأخلاقه المنطقة الخضراء حتى ولو لأيام . 

    صفعني بيتر اكثر من مرة بما فعله وما قاله وما قدمه لي من دروس مجانية، وكأنه يُبْصق بوجه كل اللصوص وكل الذين يأخذون كل شيء ولا يقدمون  اي شيء.

    ”لا غنى كالعقل ولا فقر كالجهل ولا ميراث كالأدب ولا ظهير كالمشاورة." الامام علي ع

    حسن الخفاجي
    9/12/2016
    hassan.a.alkhafaji@gmail.com
    التعليقات
    1 - لو تنباع جان اشترينالهم غييرة
    نبيل    09/12/2016 - 21:46:1
    عمامته جنها طبك وعيني عينك يوزع صكوك الغفران والجنة ويسوي عزايم بمناسبة او غيرها كي يطعم المؤمنين وهو بتبرعاتنا التي استولى عليها سوى دار الاسلام بلندن وبعدها نزل بعد سقوط الصنم في بغداد واخذ جامعة البكر بعشرة الاف دينار عراقي ما يقابل 8 دولار فقط وفتح الجامعة باسم الامام الصادق ولكن بعد تحري المالكي عليه تبين انه مسجل الجامعة الامام الصادق ليست وقف باسم الامام الصادق بل باسمه بالطابقو التسجيل العقاري هؤلاء هم بنو العباسييين الذين استلموا السطلة بعد الاموين لعنة الله عليهم وعلى الساعة السودة التي شفناهم بيها والان حتى الطبل الفارغ صار يطبل بالتسوية التي هي مساومة مفروضة من اميركا والسعودية فخافوا اميركا والسعودي وعصوا الله وانحرفوا عن الحق ان ذهبنا الى الانتخابات سوف لن نقدر على ازاحتة هذه الجراثيم وان بقينا من عدم الانتخابات سيتسلبط البعث المجرم وصرنا مثل بلاع الموس لا بيه يبلعه ولا يطلعه !
    2 - لو كان مكان يزيد لقتل الحسين بيده
    داخل السومري    10/12/2016 - 14:25:1
    تحياتي لأبن سومر الأصيل حسن الخفاجي وشكرا للمعلق الاخ نبيل وما ذكره عن صاحب العمة السوداء التي هي كسواد وجه وسوء اخلاقه، انه من اكبر الحرامية الذين سرقونا باسم الدين. هذا الحرامي هو ليس انه لم يسجل الجامعة التي اغتصبها واسماها بجامعة الامام الصادق كوقف للأمام الصادق بل حتى دار الكفر والشعوذه التي انشاأها في لندن من تبرعاتنا لم يسجلها كوقف بل سجلها بأسم احد اولاده الذي كان دون السن الشرعي. هذا الحرامي المنحط جمع الاموال بأسم حزب الدعوة الفاكس ولما ذكر له قيادة حزب الدعوة ان هذه الأموال جمعها بأسم الحزب وعليه ان يعطيهم قسما منها رد عليهم بروح التكبر والأستعلاء قائلا لهم انه جمعها بذراع ابو موسىى، وابو موسى هي كنية هذا الحرامي ايام المعارضة في لندن. هذا الحرامي الذي جاء لندن من ايران حافي القدمين جمع من الاموال المسروقة والعقارات يصعب حصرها. طاح حظك يا حزب الدعوة، والحصرة على ارواح الشهداء الذين سقطوا تحت راية هذا الحزب الذي امتهن الحرمنه والفساد عندما سلمه الامريكان السلطة.
    3 - عيب الفضول
    نبيل    11/12/2016 - 10:29:4
    الاخ داخل لا داعي للتعدي وانت تشمل الجميع من حيث لا دخل لك بالموضوع الكاتب كتب وانا رديت عندك تعليق علق ولكن لا تستغل الفرصة كي تحشر انفك على اشرف وانبل حزب عرفه العراق بجهاده وصبره ومازال مضطهدا حتى ممن يتسمون فقط باسم حزب الدعوة المجاهد الصابر
    4 - ردي هو ما قام به ابناء الجنوب
    داخل السومري    11/12/2016 - 21:39:5
    ردي عليك يا اخ نبيل وعلى انبل حزب عرفه العراق هو ما قام به ابناء الجنوب عندما طردوا رئيس هذا الحزب نوري المالكي شر طرده واسمعوه ما يليق به وبحزبه من كلام.
    5 - !
    جاسم ابراهيم    12/12/2016 - 05:36:4
    هما عراقين والمالكي عراقي . ديهات شعلييها؟
    أضف تعليق
    اسمكم:
    بريدكم الالكتروني:
    عنوان التعليق:
    التعليق:
    اتجاه التعليق:
    شروط التعليق:لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى لائق بالتعليقات لكونها تعبر عن مدى تقدم وثقافة صاحب التعليق علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media