(الكورد وبرهان نمرود)
    الثلاثاء 2 فبراير / شباط 2016 - 20:53
    صادق الزهاوي
    في المحاورة  والمحاججة التي جرت  بين سيدنا ابراهيم وخصمه  نمرود بن  كنعان ملك بابل.... والمذكورة في القرآن الكريم   حينما طلب منه أن يأتي بالشمس من المغرب وهي تطلع من المشرق ، (257) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(سورة البقرة)  ،وعلى هذا المنوال   فان كل من يظن أو يعتقد أن في أمكان السعودية ذات الاتجاه والالتزام الوهابي ، والتي لا هم لها سوى المحافظة على الملك العضوض لآل سعود ،  ذلك النظام المتهرئ  القائم على تسلط العائلة  المتخلفة على مقدرات البلاد والعباد إلى حد تغيير حتى التسمية التاريخية لها, والمستندة شرعيتها إلى الفكر الوهابي  السلفي وفي ظل نظام سياسي يفتقر إلى ابسط قواعد الديمقراطية وحقوق الإنسان  اقول ان من يعتقد ان هكذا نظام سيكون نصيرا للكورد في يوم الايام  لهو كمن يريد ان يمسك بالسراب في الصحارى, فكم هم واهمون ( واعني بعض القيادات الكوردية) التي تراهن على آل سعود في بعض من سياساتها الخارجية , فكيف يمكن أن تكون تلك العائلة الموغلة في العمالة والخيانة, ظهيرا لحق شعب ظلم ويظلم على يد حلفائها وأعني بهم بالأمس ــ إيران الشاه واليوم أوردغان تركيا . وأكررها للمرة المليون فاقد الشيء لا يعطيه  وللكورد تجربة بل تجارب مريرة بالامس القريب والبعيد , فما ذكرى الانتفاضة الربيعية ببعيد عن ذاكرة الشعب الكوردي وما تبعتها من الهجرة المليونية  تلك التراجيديا الانسانية التي لولا الضمير الحي لبعض دول الغرب ( الكافر) ونجدتها للكورد لكان  اغلب المهاجرين قد وقعوا فريسة للجوع والبرد والمرض في حدود ايران وتركيا الجبلية... اما آثار اتفاقية الجزائر بين الشاه (الذي وثقت بها بعض القيادات ) وحكومة بغداد آنذاك , فحدث ولا حرج .... واصبح من الثوابت الان لدينا نحن شعب كوردستان  ان هؤلاء الحلفاء المزيفين سيتركون الكورد  عند أول مطب.... وليس هناك ادنى صعوبة  في  تكرار ذلك النهج العدواني والخياني مرارا وتكرارا, وترك الكورد مجددا لقمة  سائغة بيد ضباع الأقاليم المحيطة بهم . أما  من يراهن على تركيا وريثة العثمانية والكمالية والفاقدة للشرعية في حكم كوردستان الشمالية ،  وبعد الجرائم  البشعة التي مارستها ولا تزال ضد الكورد والتي ترقى إلى جرائم حرب  وابادة جماعية وفق تقارير عديدة من المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان.... كيف لها أن تكون ظهيرا للكورد ولماذا ؟ !!!! من الممكن أن يعزو البعض كل ذلك إلى نهج الــ PKK ، والذي يستوقفنا هنا ماهية و طبيعة هذا النظام ومدى عدوانيته ضد الكورد كشعب اينما كان  في اية بقعة من ارض كوردستان بل وفي المعمورة ايضا (وجريمة اغتياله للمناضلة سكينة ورفيقتيها في باريس لم تغب عن البال بعد )... فان شوفينية هذا النظام وفاشيته قد فاقت كل محتلي كوردستان حتى اشدهم جورا وظلما في تاريخ الكورد الحديث وهو النظام البعثي الصدامي,  فعلى سبيل المثال لا الحصر في  آذارعام 1974  بعد فشل المفاوضات الاخيرة بين القيادة الكوردية آنذاك بزعامة المرحوم الملا مصطفى البارزاني والقيادة البعثية في بغداد , وبالرغم من رفض القيادة الكوردية حينها للمشروع  الذي طرحته حكومة   بغداد  الا ان الاخيرة  أعلنت بنود مشروع الحكم الذاتي  الذي أعتبر ناقصا بنظر القيادة الكوردية ولكن والحق يقال كان هنالك اعترافا بالشعب الكوردي  وخصوصياته القومية وببعض حقوقه الاساسية وبوشر بانشاء مؤسساته التشريعية والتنفيذية   مع فتح المجال للتطوير والتحسين  .  وبالمقارنة اذا كان اردوغان وحزبه جادين في حل القضية الكوردية في تركيا كما يروج لها بعض الجهات في جنوب كوردستان...فلم لا يعلن أوردغان وحزبه أي برنامج  ولو بسيط وشكلي حول حقوق شعب كوردستان الشمالية ؟!!!
    أننا نرى أن الغاية الاساسية من الحلف الغير المقدس بين تركيا وبعض دول الخليج وعلى رأسها النظام السعودي  تتجلى في توريط المنطقة وخاصة الجوار الإيراني  بحرب طاحنة تكون ساحتها كوردستان الشرقية والشمالية والجنوبية  وبالنتيجة تريدها تركيا حربا بين إيران والناتو .,والمحصلة النهائية سيطرتها على ولاية الموصل (حلمها اللامشروع) لضمان مصدر مضمون ورخيص للطاقة من الغاز والنفط ، خاصة في ظل واقع يتلخص في كونها أي تركيا ستكون المنفذ الوحيد لنفط وغاز كوردستان , ومن ثم بكل تأكيد السعي والإصرار لنسف الاتفاق والتوافق الحالي بين الأطراف الكوردستانية  لتأجيج نيران الخلافات والاقتتال الداخلي مما سيدفع بالقوات التركية وبدون أدنى شك وتحت ذريعة الأمن التركي المهدد إلى الدخول إلى أي نقطة شاءت متزامنة مع اعلان الكيان الكوردي الهزيل على غرار الكيان القبرصي المصطنع،  ووضع مصير شعب كوردستان وارض كوردستان تحت رحمة الانتداب التركي البغيض في أحسن أحواله ولكم الآن تتصوروا مدى فداحة الثمن الذي ستدفعه حركة التحرر الوطني الكوردية . ومن يريد أن يثبت العكس فليأتي بالشمس من المغرب .

    صادق الزهاوي
    الاول من شباط 2016
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media