الاقتصاد العراقي من زراعي ناجح الى ريعي فاشل !!
    الأربعاء 3 فبراير / شباط 2016 - 16:28
    محمد الركابي
    يعتبر الاقتصاد اليوم هو الشريان الرئيسي في الحياة , والمحرك للسياسية والحروب و تتخاصم وتتصالح الدول بسببه , وكم من حرب قامت , و سلام حل بسبب الاقتصاد, والعراق هو احد الدول المهمة اقتصاديا لما يمتلك من ثروات.

    الاقتصاد العراقي مر بعدة تحولات فكان اقتصاد زراعي في بداية العشرينات , وكان 75% من سكانه يعيشون في القرى , و25% يعيشون في المدن , وشكل الانتاج الزراعي والحيواني الجزء الاكبر من الناتج الوطني.

    ثم دخل النفط الى الانتاج واصبح يرفد الموازنة قي الخمسينات الذي شكل 3% من الانتاج الوطني , حيث تم استخدامه للتنمية وليس للرواتب او الاعتماد عليه , فتشكل مجلس الاعمار والذي كانت مهمته البناء و الاعمار فبنى سد حديثة وجامعة بغداد واسس مدينة الطب , وعشرات المشاريع الرئيسة في البلد , والذي الغي بعد ثورة 1958.

    لتأتي مرحلة اقتصاد الحرب ,حيث بدأت هذه المرحلة من قبل حرب الخليج الأولى وتطورت بشكل كبير مع الحرب الداخلية مع  كردستان وليسجل نقلة نوعية في الحرب مع إيران.

    حيث ارتفعت نسبة القوات المسلحة من قوة العمل مع نهاية حرب الخليج الاولى لتصل الى 21.3% بعدما كانت 2.9 % , في 1970 ,وبلغت النفقات الحربية نسبة الخمس في السبعينات من الناتج الوطني , واستهلكت النفقات العسكرية طوال عقد الثمانينات الموارد النفطية بل تجاوزتها الى اضعاف ,و وصل اجمالي نفقات الحرب مع  ايران الى 600 مليار دولار,

    ماذا لو استخدمت هذه الاموال للبناء و الاعمار و رفاهية الشعب؟؟

    ثم لتأتي مرحلة الاقتصاد الريعي احادي المصدر المعتمد على النفط بصورة اساسية , حيث اصبحت الدولة دولة رعاية اجتماعية بامتياز مهمتها بيع النفط وتوزيع الرواتب , فاموال الريوع السهلة امتدت على بقية القطاعات ,وكلما ازداد الاعتماد على النفط تدمرت بقية القطاعات وتعطلت . ومن عيوب هذه الدولة هي :-

    اولاً: النفط لايحرك عوامل انتاج داخلية, فهو ليس كالزراعة او الصناعة التي تمر بعدة مراحل لتصل الى الانتاج , وتحرك عدة قطاعات من انتاج المواد اولية الى النقل الى التصنيع الى التسويق.

    ثانياً: الاموال السهلة والعظيمة التي تكون بيد الحكومة وتكون كأنها ملكها والشعب يستجدي منها.وتكون السلطة هي الملك العظيم فمن يمتلكها بامكانه شراء كل شيء لادامة بقاءه.

    ثالثاً: تكون الوظيفة الحكومية هي هدف المواطن الرئيسي لانعدام فرص العمل المشابهة لها .

    هذا الشكل من الاقتصاد اليوم هو فاشل جداً ولا يبني دولة لان مورده الرئيسي للاستهلاك ودوما كانت الموازنات 80% منها تشغيلية .و20% استثمارية , ولا يمكن ان يكون حل دون كسر هذه المعادلة .والحديث من هنا وهناك هو حديث عن قشور وليس لُب المشكلة , فالحل يكمن بقلب المعادلة ونقل ملكية النفط من الحكومة الى الشعب , وتوزيع الواردات النفطية للشعب وتؤخذ منه ضرائب كلٌ بحسب دخله .
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media