لماذا الإصرار على جنيف (( 3 ))
    الأربعاء 3 فبراير / شباط 2016 - 22:51
    صادق الزهاوي
    (( من يذهب إلى وليمة الذئب عليه أن يجلب كلبه معه . )) ـــ مثل ألماني   
    المسألة السورية منذ ما يقرب من خمسة سنين ، في شقها الثاني ونعني به القتال الذي نشب بين السلطة ومنظمات واتجاهات نعتت بالمعارضة ، يسود أغلبها الاتجاه السلفي المتشدد ، باستثناء بعض التحالفات بين قوى تجنح نحو الدولة المدنية ، ونظامها القائم على العلمانية ، ونعني بهم قوى سوريا الديمقراطية والتي هي القوة الوحيدة التي استبعدت ، أو عمل على استبعادها  من جلسات هذه المرحلة ، ونعني بها الجولة الأولى لجنيف ( 3 ) ،  والتي تجري هذه الأيام . ونلاحظ ومنذ مدة قريبة سباق ماراثوني ، بين كل القوى لأجراء مفاوضات . وبدأ القول بأنه لا حل سوى المفاوضات . وما أن رفع ذلك الشعار ، ونودي به كمطلب ، وفتح به باب الأمل لحل العقدة السورية ،  ألا وتعالت الأصوات ، من هو المخول بالتفاوض ، وهنا بدأت قصة القوى الإقليمية ، وكان مؤتمر الرياض ، الذي جرى وفوض من فوض . وتعالى عواء الذئب الأغبر ليضع الفيتو على مشاركة فصيل الــ " PYD " ، ولا ندري بأي حق فشعب كوردستان الغربية يقدره المختصين بالشأن السوري بـــ (( 8 )) بالمائة من أجمالي تعداد السوريين  الكلي ، في حين لا يتجاوز عدد التركمان عند الحدود الشمالية لمحافظة اللاذقية عدة آلاف فأن هؤلاء خط أحمر (( مع كل اعتزازنا بجميع مواطني الشعب السوري ) ، الظاهر أن أزمة التعصب الأغبر كلون الذئب الذي اتخذوه رمزا لهم ما زالت العقدة التي تحكم تفكيرهم ، كما كانوا ، وتلك وربي صفات الجماد من الأشياء . والعجب العجاب في الشروط و اللاآ ت التي ملأ دنيا الإعلام ضجيجها سواء كانت صادرة من الدول الراعية لبعض القوى على الساحة السورية " وأعني بهم دول الخليج " ودول الدعم وأعني به تحديدا تركيا ، تلك اللاآت التي كانت وراء استمرار القتال ، بهذا الكم من الخراب . لأنه أشترط رحيل الأسد . واليوم لا شرط في ذلك ، بعد أن انقلبت المعادلة نتيجة عاملين رئيسيين أولهما :: دخول روسيا بالقوة التي دخلت بها في الشأن السوري ، والتي غيرت ميزان القوى لصالح سلطة النظام مقابل قوى الإرهاب والتشدد بكل فصائلها . وثانيهما :: الانتخابات الأميركية ، والتي ستجرى في بداية العام القادم ، والتي بدأ الأعداد لها في سباق محموم كعادة الأميركان وفقا لنظامهم الانتخابي ومنذ الآن ، وما يرد في برامج المرشحين . وبكل تأكيد فلكل هدفه وغايته ، فالروس والنظام لا يريدون أن يظهروا أمام الشعب السوري أولا وكذلك أمام المجتمع الدولي بأنهم يعارضون الحلول السلمية ، وهم بكل تأكيد في حاجة إلى تحييد بعض القوى على أقل تقدير لكي يستطيعوا التغلب على قوى الإرهاب والتشدد  من الفصائل المسلحة . لذا ستكون المفاوضات طويلة وشاقة ، وسينتج في  كل مرحلة شرط ليختفي ليظهر آخر ، في حين يستمر القتال وتتقدم قوات النظام على الأرض . أما تركيا فنتيجة لخسارتها تفويض التدخل المباشر في الشأن السوري ، وسقوط أقنعة سياسة العثمنة الجديدة ، وفشل أسلوبها في أدارة الصراع مع القوى الفاعلة في الساحة السورية ، وسيطرة فصائل سوريا الديمقراطية ومن ضمنها قوات حماية الشعب على الجزء الأكبر من الحدود السورية التركية وعبورها نهر الفرات في منطقة سد تشرين ، وعزمها وبدعم دولي  مطلق أميركيا كان أم روسي أكمال تقدمها نحو عفرين وأعزاز وجرابلس  وغلق الحدود وبشكل كامل بوجه أي تدخل تنوي تركيا بحماقتها القيام به ، ويوازي ذلك تقدم قوات النظام في مناطق اللاذقية وصولا إلى الحدود الدولية والتقدم مستمر بشكل يومي نحو مناطق جسر الشغور ، والذي يبدو أنه يسير وفقا لخطة محكمة وبدعم جوي روسي . كل ذلك أجبر تركيا إلى القبول بمبدأ التفاوض ، وأقصى ما استطاعت أن تحصل عليه من مكاسب من وجهة نظرها هو أبعاد وفد الــ (( PYD )) ، واللاشروط من كل الأطراف عند بدء المفاوضات . والهدف الرئيسي والأهم لتركية هو المنطقة الضيقة التي ما زالت بيد الفصائل المسلحة المرعية من قبل دول الخليج والمدعومة من قبل تركيا ، وذلك لتأمين مرور لما تريد إمراره لمن شاءت وتأمين معبر التبادل التجاري لنفط  (داعش ) والممر الآمن لفصائل مؤتمر الرياض . أما الأمر بالنسبة للدول الخليجية الراعية ، فالأمر غدا لا مفر منه في ضوء ثقل أوزار المشكلة اليمنية ، وكذلك الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلدان المنتجة للنفط ، وذلك على أمل أن تأتي الانتخابات الأميركية بمتغيرات ، إضافة إلى أنها ترى فيها فرصة لإعادة أوراق المعارضة بما يساعد على تأهيلها ، على أمل أن تصل إلى حلول ولو بالحد الأدنى ، أو أن تكون التجربة بما يدفع النظام إلى خرق الإجماع الدولي ، وبذلك ستكسب الجولة على الأقل على مستوى التأييد الدولي . وذلك سيحد من الدعم الروسي بلا شك ؟ ! وكلا الأمور في صالحها آنيا ، إضافة إلى أن خطر ( داعش )غدا يؤرق أنظمة الخليج ، وذلك فهي من جهة تخاف أن تستهدف من مجاميع غير منضبطة من فصائل الجهاد العالمي المتواجدين في الداخل كأفراد او كخلايا كما أثبتت بعض العمليات الأمنية الناجحة التي تمت ، ومن ناحية ثانية ما يستثيره ذلك من صراع طائفي ويدفع إلى دور لإيران . أن غاية ما تطمح لها دول الخليج هو أبعادها عن شرارات الصراع الدائر ، سواء كان طائفيا أم صراع مصالح بين الدول الإقليمية أو الدولية ، أو أن تكون في وضع أفضل وأكثر أمنا . والبعد السوقي لإدارة أوباما والتي طالما بنت سياستها الخارجية على الابتعاد عن بؤر التوتر والصراع . وغاية طموح أدارة أوباما هو التوصل لحل سلمي حتى ولو بين فصائل من المعارضة والنظام وتوحيد الجهود على الأرض للقضاء على الإرهاب وخاصة ( داعش ) لكي يسجل نصرا لسياسة حزبه الديمقراطي في أدارة ملف السياسة الخارجية ، وذلك بما شك فيه عاملا مهما في جذب الناخب الأميركي . ولكن ليعلم الجميع أن (( السلام لن يجيء لأننا نريده ولكن السلام يجيء أذا استطعنا أن نحميه )) ـــ شوأن لاي

    صادق الزهاوي
    الثالث من شباط 2016
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media