في اليوم العالمي للسرطان .. محنة السرطان علينا تداركها قبل فوات الأوان
    الخميس 4 فبراير / شباط 2016 - 19:44
    زاهر الزبيدي
    السرطان ، أعاذنا الله وأياكم من شره ، من الامراض التي تنساب بخفية بين سويعات ايامنا التي نقضيها دون تقييد أو ترشيد في إستهلاك ، تعاظمت تأثيراته بعد عام 2003 ، لأسباب عدة أهمها عدم التقيد في طعام أو شراب و مع ارتفاع نسب التلوث البيئي أو الغذائي بفعل إستيرادات مفتوحة لأطعمة معلبة تحتوي على مواد حافظة ذات تأثيرات كبيرة على صحة الانسان وقد تكون محضورة عالمياً مع وجد نشاطات إشعاعية مختلفة انتجتها الحروب التي دخلها العراق .
    منظمة الصحة العالمية والوكالة الدولية لبحوث السرطان (IARC) تحيي في الرابع من شباط/فبراير من كل عام اليوم العالمي للسرطان، بهدف دعم جهود الهيئة الدولية لمكافحة السرطان (UICC)، وإيجاد سبل للتخفيف من العبء العالمي المتصل بإنتشار السرطان.. هذا العام وتحت شعار "نحن نقدر. أنا أقدر' ، يأمل اليوم العالمي للسرطان 2016-2018 في إستكشاف سبل جديدة للجميع، بصفة جماعية أو كأفراد، للحد من المخاطر العالمية  للسرطان.
    7.6 مليون نسمة هم ضحايا هذا المرض عالمياً وبما نسبته 13% من مجموع الوفيات العالمية حيث تحدث 30% من وفيات السرطان بسبب خمسة عوامل خطرة منها السلوكية والغذائية الرئيسية هي ارتفاع منسب كتلة الجسم، وعدم تناول الفواكه والخضر بشكل كاف، وقلّة النشاط البدني، وتعاطي التبوغ ، وتعاطي الكحول . التوقعات المستقبلية خطيرة جداً حيث تشير الى إحتمالية ارتفاع الوفيات الى 13.1 مليون وفاة في عام 2030.
    في العراق نختلف كثيراً عن العالم المتحضر في كل شيء ، فالعالم حولنا يكشف يومياً عن سياسات ترشيد استهلاك عالية المستوى تتضمن محاربة البدانة المفرطة وقوانين صارمة هدفها الحفاظ على البيئة من التلوثات على اختلافها ، من خلال إطلاق التحذيرات للحد من الآثار الصحية السلبية الضارة على الصحة التي تنتجها الاستخدامات المفرطة للبيئة وفقدانها لاستدامتها فهم يعلمون أن الوقاية من السرطان ، على سبيل المثال ، تتطلب حزمة من الإجراءآت مهما كانت كلفتها إلا إنها ستكون أحد أهم عوامل نجاح خطط المكافحة مستقبلاً .
    في العراق لدينا الكثير من السياسات التي تفتقر الى الدقة والتخطيط السليم كمعالجة مياه الصرف الصحي أو الحد من التلوث البيئي لهوائنا المفعم بشتى أنواع الملوثات ناهيك عن آفة التدخين والتلوث البيئي الخطير التي تجاوزت مستوياته الحدود المسموحة عالمياً بمديات عالية ، لقد أفردت إستيراداتنا المجنونة بعد عام 2003 الكثير من السلبيات الخطيرة جراء ضعف نظام السيطرة والرقابة على المواد الغذائية الداخلة ، كما أن طول المعانات من الحصار الأقتصادي دفع بالكثير من أبناء شعبنا الى أنماط متعددة من الاستهلاك الغذائي المفرط على الرغم من تأثيراته السلبية الكثيرة على الصحة العامة .
    الإحصائيات الرسمية لوزارة البيئة العراقية تشير إلى وجود 300 موقع ملوث يحتاج إلى مليارات من الدولارات وعشرات السنين لمكافحة تلوثه، كما أن هناك 63 موقعاً عسكرياً ملوثاً نتيجة العمليات العسكرية، فضلاً عن انتشار الملوثات الإشعاعية في منطقة الريحانة في الموصل، وملجأ العامرية في بغداد، وانتشار العجلات المدمرة والملوثة في محافظة ميسان وذي قار جنوبي العراق ، مع وجود تقارير غير رسمية، أن القوات الأميركية خلفت أطنان من النفايات الخطرة في العراق بدلاً عن إعادتها إلى أميركا، وقدرت وثيقة للبنتاجون هذه النفايات بخمسة آلاف طن أنتجتها القوات الأميركية إضافة إلى 14500 طن من الزيوت النفطية والتراب الملوث بالزيت تراكمت على مدى سنوات تواجدها في العراق.
    التدخين المسبب الرئيس لسرطان الرئة ، 22% من وفيات السرطان العالمية و71% من الوفيات الناجمة عن سرطان الرئة ، أصبح عادة مستدامة لدينا ، تتطور مع الفرد تطوراً سريعاً لتتحول بعد حين الى أسلوب أكثر أذى جاء عن طريق العادات الدخيلة على مجتمعنا والمتمثلة بالنركيلة وخراطيمها الممتدة الى صدور شبابنا العاطل عند نواص المقاه . نعاني بشدة من قسوة الضغط النفسي الذي تسببه البطالة فالشباب بلا إرادة واعية وبلا طموح بمستقبل واضح المعالم يستنزفون طاقاتهم الخلاقة على تلك النواصي يحرقون التبوغ التي لا يعرف لها مصدر واضح دافعين بمستقبل صحتهم الى مجهول لا يعلمه إلا الله ، ونراه سوداوياً عليهم وعلى مجتمعهم فما سيتم صرفه في حين ذاك على علاجهم قد يستنزف أموال طائلة تعادل أضعاف المبالغ التي ستصرف لو قررنا أن نغير من واقعهم اليوم ومحاربة تلك الآفة القاتلة بحكمة ، فتكاليف علاج الامراض الخبيثة مرتفعة قياساً مع مستويات الدخل لمعظم المرضى ممن يراجعون المستشفيات المتخصصة المحدودة في القطر .
    وعلى الرغم من كل الاجراءآت الحكومية بشأن منع التدخين في مناطق العمل إلا إن القانون بقي حبراً على ورق وأعداد المدخنين في تزايد مستمر حتى انتشر بين طلاب المدارس من كلا الجنسين بلا رقيب صارم يحد من تلك الظاهرة.
    ونحن نراقب تجارب العالم ، وما يتم إجراءه من حملات كبرى لبناء المستشفيات المتخصصة عن طريق التمويل الخارجي أو التبرع الشعبي الكبير ، مصر نموذجاً ، في بناء المستشفيات الحديثة لعلاج حالات السرطان المختلفة مجاناً ؛ نرى أن هناك قصوراً ملحوظاً في هذا المجال ، ومع بدء اسعار النفط بخنق الاقتصاد العراقي بدأنا نشعر بخيبة الأمل من عدم إستثمارنا الأمثل لمبالغ كبيرة أهدرها الفساد وضعف التخطيط في هذا المجال ، فلا مناص اليوم من الندم على ضياع فرص كبيرة كانت تجعلنا في مقدمة الدول التي تحارب السرطان مع وجود هياكل تنظيمية إدارية لمجلس السرطان في العراق ، أسس في 1982 ، والذي يعتبر الجهة المركزية الرئيسية التي تمثل وزارة الصحة في التخطيط والاشراف والتنفيذ لمشاريع السيطرة على السرطان في العراق ومكافحته ، ولكننا بحيرة كبيرة أمام عدم وجود إحصاءآت دقيقة عن حجم الاصابات بهذا المرض والمستويات التي وصلت إليها وزارة الصحة في العلاج وحجم الحالات التي تم معالجتها ومستويات الإستجابة للمعالجة ، وتسجيلات السرطان لمجلس السرطان في العراق من خلال موقعه لم يوفر سوى تسجيلات لعام 2011 والتي أوضحت أن هناك ٢٠٢٧٨ إصابة مسجلة للعام يتقاسمها الجنسين تقريباً.
    أمين عام مجلس السرطان السيد مهدي السراج لأحد الصحف المحلية أشار فيه الى أن معدل الإصابات بالسرطان تبلغ 18 ألف إصابة سنويا ، أغلبها هي لسرطان "الثدي"، وفيما لفتت إلى أنها تعاني من قلة "الكوادر التخصصية"، أكدت أنها تعاقدت لشراء "أجهزة إشعاعية".
    قد تفاقم الازمة الاقتصادية أزمتنا مع السرطان وتحد من إمكانيات توفير العلاجات المناسبة له في الوقت الحاضر ؛ ولكن خططنا للسنوات القادمة يجب أن لاتخلوا من المستشفيات المتخصصة في علاج السرطان وحملاتنا التوعوية يجب أن لا تتوقف ونحن قادرون على تخطي أحد أهم المحن التي تجابه أبناء شعبنا لا تقل خطورة عن الاوبئة بل هي أخطر إذا ما علمنا بخبث المرض وإسنتفحاله بشكل ملف للنظر .
    على مجلس السرطان في العراق والدوائر البحثية في المجال والمتمثلة بالمركز الوطني الريادي لبحوث السرطان التابع لجامعة بغداد أن لا يدخرا وسعاً في التهيئة الواسعة إعلامياً للتحذير من مخاطر المركز والكشف المسبق عنه أملاً في عن تجاوز خطوط العلاج ، حملاتنا يجب أن تشمل طلاب المدارس الثانوية بجنسيها عسى أن نتمكن من توفير أنماط حياتية جديدة لأبنائنا نحاصر منها المرض ونفتت أسبابه . حفظ الله العراق

    زاهر الزبيدي
    zzubaidi@gmail.com
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media