حضيري أبو عزيز
    الأحد 7 فبراير / شباط 2016 - 13:57
    إعداد: هيام الخياط
    يا حضيري بطل النوح شالت هدية...
    بطّل المطرب الريفي الكبير حضيري أبو عزيز (نوحه) على حبيبته التي (شالت) الى مدينة أخرى خارج الناصرية، الأمر الذي دعا رفيق عمره المرحوم داخل حسن الذي تألم للحالة النفسية لحضيري أبو عزيز ان يرثيه بهذه الأغنية: يا حضيري بطل النوح شالت هدية.. والخ.

    ولهذا الفنان الخالد حكاية طريفة مع الوصي على العرش عبد الاله، يتحدث عنها الباحث التراثي رياض العزاوي، فقال: اعتاد حضيري أبو عزيز ركوب سيارة فارهة عند الذهاب الى دار الاذاعة اللاسلكية العراقية، وكان فناننا الكبير يعيش في ذلك الوقت عيشاً رغيداً، وكان من المطربين العراقيين القلائل الذين يتمتعون بشهرة وصيت واسع ويحاط بالأضواء والنجاح على مستوى البلاد والوطن العربي، حتى ان أغانيه كانت معروفة وتتمتع بقاعدة جماهيرية واسعة بين أبناء أمة العرب وكانت أغنية (عمي يباع الورد) التي حققت رقماً قياسياً في النجاح والانتشار وغنتها أكثر من مطربة عربية وقدمت في عدد من الأفلام السينمائية، واضاف: هذه الشهرة لم يحققها مطرب عراقي من جيل حضيري ما أهلته أن يحتل مكانة ومنزلة رفيعة بين المطربين العراقيين والعرب، وأصبح أشهر مطرب عراقي في الخارج، فضلاً عن الداخل، وفي احدى المرات التي كان يستقل فيها حضيري سيارته الخاصة متوجهاً لدار الاذاعة لتقديم وصلة غنائية أو تسلم أجور عن أغانيه المذاعة، فالراحل حضيري مشهور ومعروف عنه السخاء والكرم اذ كثيراً ما ينفع المحتاجين والمساكين، وكان دائماً يمنح حرس الاذاعة مبالغ من المال يسيل لها اللعاب، وكان معتاداً على أن يمنح الشرطي الواقف بباب الاذاعة مبلغ خمسة دنانير، ويرد الشرطي الجميل بفرح وسرور وهو يرفع يده ألى أعلى بسلام تعظيم لعطاء مطربنا الكبير حضيري أبو عزيز السخي الذي يفوق كثيراً في ذلك الوقت عطاء المسؤولين وصادف ان كان الوصي عبد الاله داخلاً الى مبنى الاذاعة لم يرفع الشرطي يده تحية للوصي، ما جعل الوصي يغضب ويمتعض من تصرف الشرطي بعد ان رأى سيارة حضيري يجرى لها استقبال وتعظيم، فأرسل الوصي في طلب الشرطي مستفسراً منه عن السبب وراء عدم أداء التحية له عكس سيارة حضيري، فأجابه الشرطي بأن حضيري سخي ولم يبخل عليه بمبلغ كبير، فما كان من الوصي الى ان أمر للشرطي بمبلغ (5) دنانير، وهنا ما كان للشرطي الى أن رفع يده بسلام على قدر المبلغ، والمعروف عن الوصي عبد الاله بأنه كان بخيلاً ويقتر على أبناء الشعب الفقراء، كما كان غليظ القلب صلف التصرف مع الناس، وها هو حضيري اليوم متوارى تحت التراب منذ (1972/1/3) كما يشير قبره الى ذلك من دون أن يزوره أحد من أهله أو أحبائه أو معجبيه!!

    ويعد الفنان حضيري ابو عزيز من اهم مطربي الريف في العراق لانه ترك ارثاً في الاغنية العراقية منذ زمن بعيد وحتى اليوم فهو القمة الثانية في العراق بعد (محمد القبانجي) الذي يعد القمة الاولى في المقام العراقي
    وابو عزيز هو حضيري بن حسن بن رهيف بن غاتي بن شلول بن ديوان الصرجني من عشيرة الصبورة الموجودة في مدينة الشطرة وضواحيها بمحافظة ذي قار
    وحضيري من مواليد 1904 قتل والده بسبب تصديه لسفن الاستعمار العثماني في نهر الفرات فرعته عمته
    ومنذ صغره كان حضيري مولعاً بالغناء فيذهب الى البساتين ليطلق لصوته العنان فعرف اهل الشطرة به لكثرة غنائه اثناء ما كان يرعى بالماشية وهو يغني فاطلقوا عليه ( بلبل الريف ) وتعرف على قمة ريفية اخرى هو (داخل حسن) فاخذا يغنيان سوية في الريف
    وفي عام 1920 اخذه خاله وشاركه العمل في محل للخياطه بالناصرية وكان يغني في المحل فيتجمع الناس حوله مستمتعين بصوته المغرد
    وحين جاء ممثل شركة / بيضا فون / للاسطوانات وسمع به تعاقد معه لتسجيل عدد من اغانيه منها (يلبس المودة) و (فتحية) و (شريفة الواجفة) و (الناصرية) ثم سجل لشركة نعيم للاسطوانات اغنيات اخرى منها (هلي ياظلام ) و (عنيد يايابه) و (شلك علي يابن الناس) و (اكعد وحاجيني)
    كما سجل لشركة / سودا الحلبية / اغنيات اخرى وتعرف من خلالها على محمد عبد الوهاب ووديع الصافي
    وسجل مع داخل حسن اغنيات ثنائية منها (يحضيري بطل النوح ) و (انه الغريب بها لبلد) و (حميد)
    في عام 1955 سجل لشركة / جقماقجي/ العديد من الاسطوانات بعد تأسيسها في العراق
    كان حضيري قد تطوع في الشرطة بصفة شرطي ولان صيته ذاع كمطرب مرموق تم نقل خدماته الى الاذاعة بعد تأسيسها ليكون اول مطرب ريفي يغني في الاذاعة العراقية وقد تحقق ذلك بمساعدة ابن ولايته الشاعر المعروف / محمد رضا الشبيبي / الذي كان وزيرا للمعارف حيث تتبع الاذاعة الوزارة آنذاك
    وفي الاذاعة خصص له برنامج اسبوعي في البث الحي يذاع كل يوم جمعة الساعة العاشرة صباحاً مما زاد في شعبيته
    وحضيري لم يكمل تعليمه اكاديمياً لكنه يكتب اغانيه ويلحنها بنفسه كذلك غنى للشعراء / جبوري النجار وعدنان السوداني وجودت التميمي وعبد المجيد معروف
    كما كان ضيفاً دائمياً للمجالس الادبية في بغداد مثل مجلس القزويني ومجلس عبد الصاحب وله مشاركة يتيمة في السينما من خلال فيلم (ابن الشرق) عام 1946 وهو انتاج مصري/ عراقي اخرجه ابراهيم حلمي/ وغنى فيه (عمي يابياع الورد)
    من ابرز الاطوار التي يؤديها باتقان طور الحياوي بانواعه و الشطراوي و الغافلي و المجراوي و العينبي و المنصوري و الشطيت و العياش.

    كتب عنه الناقد والباحث الغنائي المرحوم عادل الهاشمي:
    حضيري ابو عزيز هو المطرب حضيري بن حسن بن رهيف بن غالي بن شلون بن ديوان الصرخبي من عشبودة من مواليد قضاء الشطرة عام 1908 . كان المطرب حضيري ابو عزيز والحق يقال أول من حبب الاغنية الريفية الى  ابناء المدينة  وجعل منها جسراً يربط بين ضفافي الريف والمدينة وكان قبل  ادخالة اجهزة التسجيل الى الاذاعة يؤدي وصلتة الغنائية صبيحة كل يوم جمعة  ولمدة نصف ساعة من الوقت وعلى الهواء مباشرة.

    وحين يخرج من دار الاذاعة تكون بانتظاره تظاهرة من المعجبين تستقبله في الشارع المقابل للاذاعة تلوح له وتحييه وتبارك صوته الساحر الجميل .
    وكان حضيري ابو عزيز يستخدم اصابعة اثناء الغناء اي (اصبعتين) متزامنة مع الموسيقى ، وكان عندما يحين وقت وصلته الغنائية من دار الاذاعة يخلو الشارع من المارة وتتوقف سيارات الاجرة ويزدحم الناس في المقاهي والبيوت ولم تدب الحركة الا بعد ان ينتهي من الغناء ليستقبل بعاصفة من التصفيق وعبارات الاعجاب .

    حتى اصبح حضيري ولوقت طويل من الزمن سيد الشارع والغناء معاً .واستطاع حضيري ان يهيمن على قلوب عشاق الغناء لعذوبة صوته الجامع بين الحزن والطرب وعرض المساحة الصوتية قراراً وجواباً وكان بحق اول صوت ريفي يشق طريقة الى كل مدن العراق وبسرعة مدهشة ، ولقد اجاد غناء كافة الاطوار الريفية بطريقة مذهلة انتزع فيها اعجاب اوسع الجماهير الا ان المرض كان له بالمرصاد وهو لم يزل في قمة الغناء الريفي الاصيل وصاحب الحنجرة الذهبية التي تسيل نبراتها حلاوة ورقة وعذوبة ، فرحل وترك بصماته على حناجر الكثيرين من المطربين الذين تأثروا بصوتة الجميل ويجاول كل واحد منهم ان يسد فراغه ولكن دون جدوى فالفراغ ما زال فراغاً وسيبقى الا ان يشاء الله .

    كان في صباه يرعى ابقار عمته (نوره) في ريف الشطرة ،ثم انتقل الى خاله حسين الخياط في الناصرية وعمل معه . وفي عام 1927 دخل مسلك الشرطة ثم انتقل الى الاذاعة في عام 1936 بناء على طلب من وزارة المعارف التي كانت الاذاعة انذاك مرتبطة بها وسجل مجموعة كبيرة من الاسطوانات لشركة (بيضافون) 1926(هزماسترفويس) عام 1933 .....ولشركة (جقماقجي) عام 1956 ، ورصيد حضيري من الاغاني يزيد على 200 اغنية،   يجيد اداء جميع اطوار الابوذيه بدون استثناء .
    هو حضيري  ويسمى (ابو عزيز)  جمعت بــ (حضيري ابو عزيز) .
    توفي حضيري ابو عزيز عام 1972.

    عمي يبياع الورد بتسجيلها الأصلي لحضيري أبو عزيز

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media