عقب سيكارة بـ600 دولار !
    الأثنين 8 فبراير / شباط 2016 - 14:25
    زاهر الزبيدي
    ليس عقب سيكارة أثري أو أن أحد من مشاهير العالم قد دخنه ؛ أنها غرامة من يرمي بعقب سيكارة في إيطاليا بعد أن قررت السلطات هناك فرض تلك الغرامة على كل من يدخنون أمام الاطفال أو أمام النساء الحوامل أو حتى من يلقون بأعقاب سكائرهم في الشوارع والمناطق العامة في تفعيل لحزمة من القوانين للصحة والبيئة هناك.
    وإذا كان رمي عقب السكائر بحجم تلك الغرامة ، فما هي غرامة من يلقي بحاويات كبيرة من النفايات في الشوارع العامة ؟ أو علب المشروبات المختلفة المعدنية منها والزجاجية وأولئك الذين يلقون بأكوام المواد الانشائية في الشوارع البعيدة أو المعامل التي تلقي بنفاياتها السامة في الأنهار والمجاري أو ما يلقى من مواد كمياوية نفذت صلاحياتها في أنهارنا وما تبقى بها من شريان الحياة ، لنعلم جميعاً أن حكومتنا أمام ترليونات الدنانير في الشوارع الآن تنتظر من يفرض الغرامات لإستحصالها ، مبالغ قد تغطي قيمة الموازنة الفيدرالية إذا ما أنتزعتها الجهات المختصة من جيوب عديمي الضمير ممن احالوا المدينة الى مزبلة .
    فأعقاب السكائر أسهل عملية يمكن أن يقوم بها ملايين العراقيين في الشارع ، وهي بسيطة نسبياً على الرغم من كثرتها الهائلة ، قياساً بما يتم رميه دون ضمير ودون شعور بالمسؤولية من آلاف المطاعم والمحال على الجزرات الوسطية ، في ممارسة سلبية أدمنا على اتباعها بعدما ضعفت كل قوانين وأنظمة الدولة العقابية في الحد من تلك الظاهرة التي أحالة العاصمة الى كومة نفايات .
    وإيطاليا ليست وحدها من تفرض تلك الغرامات الكبيرة ، بل أن أكثر عواصم العالم السياحية لم تتكامل فيها النظافة إلا بعد حزمة من الغرامات الكبيرة والتوعية الشاملة التي أشعرت الجميع بأهميتهم في بناء مدنهم ، ومع وجود الثقة بحكوماتهم أصبح تلك المدن من أبهى العواصم .
    نفتقر كثيراً الى نظام صارم للعقوبات ، قد نتمكن من خلاله من تمويل كل موازنتنا الاتحادية ، فحجم مايلقى في الشوارع والمحلات لايمكن إغفاله قسوته على تلك المدن وتأثيراته في إنتشار القوارض والامراض القاتلة والتلوث الكبير الذي نسعى بشتى الطرق الى الخلاص منه وكل ذلك يعود بضرره على المجتمع وسياساته الاقتصادية فالتدمير المباشر للبنية التحتية المتمثلة بالشوارع وجزراتها الوسطية إنما يبدأ بالإهمال المزدوج من المواطن والمؤسسات الحكومية المسؤولة عن ذلك .
    البداية يجب أن تضع ملامحها الحكومة بحزم من العقوبات الصارمة على من يتجاوز على المال العام مهما كان نوعه أو قيمته فقد أثبتنا بأننا لا نرعوي لأي أحكام دينية أو دنيوية أو اي فتاوى بالامر ولا يردعنا إلا العقوبات فعلينا بها ولو لفترة محدودة حتى تنتظم أمورنا ، حينها سوف لن نحتاجها حين يرى الجميع النتائج المبهرة التي نساهم جميعاً بإنجازها لمدينتنا .. وهي تستحق ذلك .

    زاهر الزبيدي
    zzubaidi@gmail.com
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media