مرة أخرى مع المفكر والإنسان الدكتور عبد الخالق حسين
    الثلاثاء 9 فبراير / شباط 2016 - 16:23
    أياد السماوي
    بالرغم من أني في طور النقاهة بعد العملية الجراحية التي أجريتها قبل بضعة أيام , إلا أني وجدت نفسي مضطرا لأمسك بالقلم مرّة أخرى بعد قرائتي للمقال الذي كتبه أخي وصديقي الأعز الدكتور عبد الخالق حسين الموسوم ( أكذب ثم أكذب حتى يصدّقك الناس ) , ولست مبالغا إذا قلت لكم أحبتي أني أرى في كتابات عبد الخالق حسين المفكر والإنسان , تلك الدفقة من الضوء الذي ينبعث من رماد محترق , والبوصلة التي ترشد أصحاب الضمائر الحيّة إلى الطريق الصحيح , وكعادته في كل مرّة يضع الدكتور عبد الخالق حسين أصبعه في موضع الألم , فقد تناول في هذا المقال موضوعا أكثر من مهم , ألا وهو وقوع بعض النخب المثقفة في فخ الأكاذيب والإشاعات المسمومة وتصديقها والترويج لها كأنّها مسلّم من المسلّمات انطلاقا من سخطهم على الفساد وحبهم لوطنهم , والغريب أنّ المثل الذي تحدّث عنه الدكتور عبد الخالق حسين في مقاله عن تلك القصة التي نسجها ( فلاح القريشي ) عن تلك السيدة السورية التي تزوّجت سرّا من مسؤول عراقي كبير في الحكومة العراقية والذي حوّل لحسابها في بريطانيا مبلغ 76 مليون دولار , كنت قد قرئتها في كروب خاص يجمعني مع بعض النخب السياسية والإعلامية والثقافية , وكنت عازما للرد على مقال هذا القريشي المجهول , إلا أنّ ظروفي الصحية قد حالت دون ذلك , فرحم الله أمرئ أكتفى بغيره .

    قد يقول قائل ما الهدف الذي يسعى له هؤلاء من خلال نشر مثل هذه القصص الخيالية عن الفساد في العراق بهذا الشكل المثير والمستّفز للعواطف ؟ في هذا المقال سأحاول أن أصل معكم إلى الأسباب الحقيقية التي تقف وراء إشاعة مثل هذه القصص الخيالية التي ليس لها وجود على أرض الواقع , فحين ينبري مدير تحرير صحيفة سياسية واسعة الانتشار وكاتب عمود يومي مشهور جدا لترويج أكذوبة إضاعة نوري المالكي 800 مليار دولار من أموال الشعب العراقي وهو يعلم علم اليقين أنّ خزينة الدولة العراقية لم يدخلها هذا المبلغ أصلا خلال فترة ولاية نوري المالكي , فلا بدّ أن تكون وراء ذلك أسباب سياسية يسعى لها خصوم نوري المالكي , وليس الوقوف على حالة الفساد التي أنتجتها العملية السياسية القائمة على أساس المحاصصات الطائفية والقومية والحزبية , والقصة الجديدة التي نشرها ( فلاح القريشي ) عن تلك السيدة السورية وزواجها من المسؤول العراقي الكبير الذي حوّل لحسابها 76 مليون دولار , من المؤكد أنّ الهدف من وراء هذه القصة المختلقة والخيالية , هو نفس الهدف في إشاعة السخط الشعبي ضدّ رئيس الوزراء السابق نوري المالكي , وعلى ما يبدو أنّ الأطراف السياسية التي عادت المالكي واسقطت حكومته بفساد وزرائها وتآمرها عليه , تشم رائحة خطر من تصاعد ونمو شعبية نوري المالكي في الشارع الشيعي العراقي , خصوصا بعد انكشاف زيف حكومة المقبولية التي انبطحت تماما لإرادة أمريكا ومشروعها وتفريطها بحقوق أبناء المكوّن الأكبر لصالح الطرف الكردي والسنّي في الحكومة , ولا بدّ من العودة لمنهج إثارة المشاعر واستفزازها بهذه القصص الخيالية التي لا وجود لها عن فساد قد جرى في فترة رئاسة نوري المالكي وهدر وضياع لأموال الشعب العراقي بهذا الشكل المثير والمستفز جدا للمشاعر , كما إنّ إثارة مثل هذه القصص الخيالية تهدف أيضا للتغطية عن الفساد والضياع الحقيقي الذي تعرّض له المال العام العراقي بسبب فساد الطبقات السياسية التي كانت شريكة للمالكي في حكومته .

    فالمواطن البسيط الذي يسمع بمثل هذه القصص عن هكذا فساد , من المؤكد أنّه سيسخط على نوري المالكي باعتباره لم يكن حارسا أمينا على أموال العراقيين , والأخطر من هذا أن ينساق بعض المثقفين للتصديق بمثل هذه الأكاذيب والقصص الخيالية والترويج لها , في حين أنّ رئيس الوزراء السابق نوري المالكي كان الأحرص من بين كل المسؤولين في الدولة العراقية على المال العام وأكثر من يئن لهذا الفساد الذي نخر جسد الدولة العراقية , وملف البنك المركزي خير شاهد على صحة هذا الكلام , فماذا يفعل رئيس الوزراء إذا كان البرلمان والمؤسسات الرقابية المكلّفة دستوريا بمحاربة الفساد هي نفسها فاسدة وجزء من مؤامرة إشاعة الفساد ؟ وماذا يفعل حين تكون لجان وهيئات النزاهة فاسدة ومتورطة في هذا الفساد حد النخاع ؟ أحدهم يقول كان من المفروض أن يقدّم استقالته لينأى بنفسه عن هذا الفساد , أي أن يترك شعبه للوحوش الضارية كي تنهشه , وما تحدّث به النائب مشعان الجبوري قبل أيام عن فساد الطبقة السياسية ولجان النزاهة والمؤسسات الرقابية , خير دليل على أنّ اتهام نوري المالكي كونه المسؤول عن تفشي الفساد في مؤسسات الدولة العراقية , كان اتهاما سياسيا تقف ورائه مقاصد وأجندات سياسية خارجية وداخلية ترى في وجود المالكي على رأس هرم السلطة في العراق عائقا جدّيا أمام تنفيذ أجنداتها ومخططاتها , وهذا ما تحقق لها بعد إزاحة نوري المالكي عن هرم السلطة , فالمشاريع الكردية والسنيّة والمشروع الأمريكي في العراق كلها أصبحت قاب قوسين أو أدنى من التحقيق , فليس غريبا أن تنتشر مثل القصص المختلقة عن فساد جرى في زمن الحكومة السابقة للتغطية على الفساد الحالي الذي تضاعف بعد رحيل المالكي بالرغم من قلة الموارد والوضع الاقتصادي السيئ , وترحيل سخط الناس من فساد الحكومة الحالية ورميه بخانة الحكومة السابقة .

    أياد السماوي / المنتدى الإعلامي الحر في العراق
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media