السيد عمار الحكيم : ندعم أي تغيير وزاري مرتقب مَبنياً على وجود خطة ورؤية واضحة ومقنعة
    الأربعاء 10 فبراير / شباط 2016 - 17:58
    بغداد (الفرات نيوز) - أكد رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي السيد عمار الحكيم دعمه لأي تغيير وزاري مرتقب مَبنياً على وجود خطة ، ورؤية واضحة ومقنعة .
    وقال السيد عمار الحكيم في كلمة له خلال الملتقى الثقافي الأسبوعي في مكتب السيد الحكيم ببغداد ، وحضره مراسل وكالة {الفرات نيوز} اليوم الأربعاء ، " نعيش هذه الأيام المراحل الأخيرة لاستكمال عملية تحرير مدينة الرمادي ، حيث تتحرر المناطق المتبقية تباعا .. انه دليل واضح على أننا بالتوكل على الله نستطيع أن نعتمد على أنفسنا ، ونقوي عزيمتنا ، ونثق بإرادتنا ، فاليوم قواتنا المسلحة ، ومعها التشكيلات العسكرية من الحشد الشعبي ، وأبناء العشائر ، والبيشمركة تمسك زمام المبادرة " .
    واضاف " فالكل يعمل تحت خيمة الدولة وراية الوطن .... ولا خيار لكل عراقي مخلص وشريف الا ان يكون تحت راية هذا الوطن ، ويعمل على تقوية أركان الدولة والنظام ..... وكل من يخرج عن هذا الإطار فلا مكان له في مستقبل العراق حتى وان سمحت له الظروف الآنية المرتبكة أن يحقق لنفسه موطئ قدم محدود هنا أو هناك " .
    وبين ان " معركتنا الواضحة والصريحة والحقة ضد الإرهاب في العراق ، حيث الحدود واضحة والفاصلة بين الحق والباطل محددة ، والإرهاب التكفيري الظلامي يمارس اجرامه الشيطاني بلا تبرير او تورية ... ان قدر العراقيين ان يتحملوا العبء الأكبر من تراكمات التأريخ واخطائه ... ستبقى الرمادي عزيزة بأهلها وعشائرها ورجالها ، وقد عادت الى حضن الوطن ، و وصلت الرسالة للجميع ، بأن الإرهاب ، والتطرف ، والتكفير ، والإجرام سيكون هو البديل عن الدولة والوطن ... فمهما اختلف الاخوة تبقى صلة الرحم وصلة الوطن اقوى من أي اختلاف أو تقاطع " .
    في محور الموصل قال السيد عمار الحكيم " احب ان اسلط الضوء على مجريات معركة الموصل التأريخية .... ونحن نعتقد وبقوة بأنها معركة تأريخية للعراق ، ومستقبله ... فنينوى ليست مجرد محافظة عراقية ، وانما هي الضامن للحفاظ على العراق المتنوع الذي نعرفه وولدنا فيه ، ونقاتل من اجله ؛ ولأنها معركة تأريخية سينكسر فيها ظهر الإرهاب {بأذن الله} ، فإننا يجب ان نحرص على ان تكون لكل العراقيين بكل مكوناتهم " .
    ولفت إلى أن " نينوى تمثل التنوع العراقي ، والعمق الحضاري للوطن ، ومكونات الشعب العراقي لها تواجد جغرافي ، وديمغرافي فيها ، وعليه فإن أبناء جميع المناطق يجب ان يشاركوا ويساهموا في تحرير مناطقهم ، بغض النظر عن القومية والطائفة على ان يكونوا من اهل نينوى ، ولله الحمد فإن رجال نينوى فيهم الخير والبركة ... وإذا احتاجوا إلى المساعدة فإن العراقيين من زاخو إلى الفاو سيكونون صفاً واحدا معهم " .
    وقال " علينا ان ندخر جهداً في الاستعداد لهذه المعركة التأريخية ، ونخطط لها جيدا بعيدا عن ارهاصات المرجفين ... ونحولها الى محطة للتلاحم والتماسك ، وتجسيد الارادة الوطنية ، ولن نسمح بأن تكون موقعاً للاختلاف والتشظي " .

    وفي محور آخر بين السيد عمار الحكيم انه " استمعنا الى كلمة الأخ رئيس مجلس الوزراء بخصوص مشروعه للتغيير الوزاري ، وهنا اود ان اوضح نقطتين أساسيتين ، وهي إننا ندعم أي تغيير يصب في مصلحة إدارة الدولة ، وتقويم العمل الحكومي ... وقد دعونا قبل فترة ومن هذا المنبر إلى تقييم ما تحقق ، وما أنجز ، وان يكون تقييما موضوعيا سواء كان تغييرا جوهريا أو جزئياً فإننا ندعم هذه الخطوة ما دامت مبنية على أسس تقييمية صحيحة " .
    ولفت الى أن " مبدأ اختيار التكنوقراط يجب أن يكون واضحا وشفافا ، وان تكون هناك مسطرة واحدة ، ومعايير واحدة ، وان يتم الاختيار من قبل لجنة مكونة من التكنوقراط ، وأصحاب التخصص تُعرض أسماؤها للرأي العام " ، مبينا " انا واثق ان القوى السياسية ستدعم إصلاحات وتغييرات تعتمد هذه الأسس " .
    واكد " أننا بحاجة إلى إحداث تغيير فعلي وعملي ، ولكن في نفس الوقت يجب أن يكون التحرك مبنياً على أساس وجود خطة ، ورؤية واضحة ، ومقنعة ، ونحن ننتظر التفاصيل من الأخ رئيس مجلس الوزراء " .
    وفي المحور الثالث قال السيد عمار الحكيم " سأتناول موضوع توجيهات المرجعية العليا والنصائح والإرشادات التي دأبت على تقديمها عبر خطب الجمعة ، وبعد إعلان المرجعية العليا عن ادخار هذه التوجيهات لتكون مرتبطة بالأحداث ، والتوقف عن تقديم النصح والإرشاد السياسي الأسبوعي " .
    واضاف " لقد تناول الجميع موقف المرجعية العليا بالتحليل والتفسير ، وذهبت الآراء في مختلف الاتجاهات ، واسمحوا لي أن أوضح فهمنا للمرجعية العليا وحركتها " ، مبينا ان " المرجعية هي السقف الأعلى للجميع ، وهي الحامي الأول لهذا الشعب ، والحافظة لحقوقه " .
    وبين ان " المرجعية بكلامها وسكوتها تقول لنا شيئاً واحداً لا يحتاج إلى الكثير من التأويل والتفسير ، وهو ان على المتصدين ان يكونوا على قدر المسؤولية ، ويتحملوا ثقل الأمانة أمام الله ، وأمام الشعب والتأريخ ... ولا خيار لهم الا النجاح ، ومن لا يستطيع النجاح عليه أن يترك المكان لغيره " .
    واشار الى ان " المرجعية قوتها بقدسيتها ، ورمزيتها ، وأبويتها ، وبعمق تأثيرها الروحي والمعنوي في المجتمع ، فهي سلطة معنوية ، ولا تفرض شيئاً على احد ولكنها لن تتخلى عن مسؤوليتها الشرعية ، والأخلاقية في الدفاع عن حقوق الناس وحماية مصالحهم .. وان توقفها عن تقديم النصائح والتوجيهات السياسية الأسبوعية رسالة بليغة ، و واضحة ، مفادها انها غير راضية عما يجري ، وهو اقل بكثير من توقعاتها ، ولا سيما في خضم هذه التحديات " .
    واكد ان " هذه الرسالة موجهة للجميع ، وعلى الكل ان يعرف حجم مسؤوليته من التقصير تبعا للمواقع التي يشغلها ، ودوره في دفع عجلة الإصلاح ..... ومن يحاول ان ينأى بنفسه عن هذا اللوم فهو واهم " .
    وقال السيد عمار الحكيم " لكل من يرى في توقف التوجيه المرجعي فرصة للتخلص من الضغط ، والمتابعة الأسبوعية !! ، انه في وهم كبير ، فعندما يعتب علينا الاب ، ويعبر عن ذلك بصمته !!.... فلنعلم اننا في مشكلة ، واننا قصرنا وهو ما يدعونا لمراجعة اعمالنا وسلوكنا ، ومواقفنا ، وطريقتنا في ادارة الامور " .
    واوضح ان " العراق ومنذ بداية تكوينه كدولة بالشكل الذي نعرفه الان فإنه ولد في كنف المرجعية ، واحداث ثورة العشرين الخالدة وغيرها الكثير شاهد على ذلك ، وبالرغم من تعاقب الحكومات ، والانقلابات ، والأيديولوجيات التي حكمت العراق فإن المرجعية لم تتخلَّ عن واجبها الابوي ، والرعوي ، والشرعي ، والإنساني .... وهي وان كانت في كل مرحلة تعتمد سياقاً ونسقاً معيناً ، ولكنها على اختلاف الانساق تتجه باتجاه واحد ، وتستند الى أرضية واحدة ، وبعد تغيير الدكتاتور فإن الثقل الدولي الذي تواجد في العراق لم يستطع ان يحفظ العراق ، ويحمي العراقيين ، كما قامت به المرجعية وشهد العالم كله بذلك " .
    ولفت " عندما اجتاحنا التكفير الإرهابي الأسود فإن الكل كان على شفى الانهيار ، ولكن المرجعية وقفت وتصدت وانقذت العراق وحمت العراقيين " .
    ومضى السيد عمار الحكيم بالقول " نقول لمرجعيتنا العليا أن الرسالة قد وصلت ، وسنعمل بكل جد وجُهد على تقييم الجزء المتعلق بنا ، وستبقى عيوننا شاخصة إلى بوصلة المرجعية العليا تدور معها حيثما دارت " .
    وفي الشأن الإقليمي قال السيد عمار الحكيم " فإننا نرى منطقتنا وقد أصبحت مسرحا كبيراً لاستعراض أنواع الأسلحة والتحالفات والقوات ... وهو مشهد يذكرنا بمشاهد الحرب العالمية الثانية عندما تحولت اوروبا الى ساحة معركة ، وتحولت الشعوب الى جنود ، ووقود في تلك الحرب ... {فهل ما نعيشه هو تكرر المشهد بنسخة شرق اوسطية ؟} " .
    واضاف " واذا كانت كذلك فهل من المتوقع ان يخرج طرف منتصراً بهذه الحرب !!؟؟ في الحرب العالمية اتحد الكل ؛ كي يقاتل النازية ، ولكنهم في الحقيقة كانوا يقاتلون من اجل مصالحهم ، ومناطق نفوذهم ، وتقسمت اوروبا بالجدران بين المعسكرات !! ... واليوم نرى ان القوى الإقليمية والدولية تحتشد في منطقتنا ، والكل يرفع راية قتال داعش والإرهاب !! ولكن في حقيقة الامر فإن الكل يحتشد من اجل تثبيت مناطق نفوذه ، وحماية مصالحه ، ورسم خط الجدار الذي سيمر بالقرب منه !! ، ونعيد ما قلناه قبل اشهر من انه لن يكون هناك منتصر في هذه الحروب ، وان مواقف الدول في طريقها إلى التفكك " .
    وبين " قلنا ونقول بأن افضل واسلم طريقة لحفظ الجميع هو ان يجلس الجميع على طاولة واحدة بغض النظر عن خلافاتهم ، وان يتفقوا على توزيع مناطق النفوذ ، وفرز المساحات ، وان يحترم بعضهم البعض ؛ لأن هذا ما سيحدث عاجلا ام آجلا ... فليحدث الان ، ولنوفر بضع مئات الالاف من القتلى ، وعذابات مئات الآلاف الأخرى من النازحين ، ومئات المليارات من الدولارات التي أصبحت تلتهمها ماكنة الحرب ، وتجار الحروب بشراهة " ، مبينا " لقد كلفنا عدم التفاهم لحد الان الكثير ، ومازال صوت العقل خافت ، وشهوة العسكرة في قمتها ..... وهذه الشهوة ستقود الجميع إلى المجهول " .
    وبخصوص ذكرى انطلاق الثورة الإسلامية في إيران بين السيد عمار الحكيم انه " في هذه الأيام تمر علينا ذكرى انطلاق الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني {قدس سره الشريف} .. يحدثنا التأريخ بأن اغلب الثورات يقوم بها الشعب ، ومن خلال الحراك يبرز قائد أو قادة يصنفون أنفسهم كقادة للثورة ، ولكن لا يوجد في التأريخ الكثير من الأمثلة عن ثورة قادها رجل فحرك الشعب وغيّر الوضع القائم بصورة جذرية " .
    وتابع إن " سر عظمة الثورة الإسلامية في إيران هو قوة وعزيمة وإصرار الإمام الخميني ، وهو في بداية تصديه للعمل المعارض كان طالب علم واستاذاً في الحوزة ، ولكنه كان يحمل رؤية لوطنه ، وكان يحلم بحرية شعبه ، وكان يعرف قيمة تكليفه الشرعي ، فليس من السهولة أن تجابه نظاماً مرتكزاً على أعمدة السلطة مثل نظام الشاه نشاهي ، حيث السطوة والجبروت والإمكانيات الهائلة ... كانت كل المؤشرات تدل على أن عملية التغيير شبه مستحيلة ، والإمكانيات والفرص المتاحة كانت تبدو إنها بسيطة ومتواضعة جداً ، ولكن الإمام الخميني كان يمتلئ قلبه بحتمية الانتصار ، وهو يرتكز على حقيقتين ، الأولى هي التسديد الإلهي ، والثانية هي الإيمان بحاجة الشعب لهذا التغيير ، ولكن الشعوب تحتاج إلى صاعق ؛ كي تستفيق ، وتحتاج إلى قائد ؛ كي تنهض ... وقد كان الإمام الخميني يرى في نفسه انه هو ذلك الصاعق الذي سيفيق الشعب الإيراني ، وانه هو ذلك القائد الذي سيقودهم للثورة والتغيير " .
    واستطرد بالقول ان " الامام الخميني اعتُقل ونُفي إلى العراق ، وعاش في أزقة النجف ، ولكن هذا لم يمنعه من ان يرى نفسه كقائد ، وان يقوم بدوره القيادي ، ويتحمل مسؤولية اختياراته ، فكان يرسل رسائله إلى شعبه مسجلة على أشرطة الكاسيت {حتى سميت لاحقا بثورة الكاسيت} ... حيث لم تكن وسائل الاتصال بسهولة اليوم ... ولكنه ابتكر وسائله للتواصل ، ولم يتنازل عن طموحه وتكليفه ولم تنكسر إرادته ... وعندما نُفي من العراق إلى فرنسا ، فإنه بقي يرى نفسه انه القائد ، وانه المسؤول .... وعندما عاد إلى وطنه ، وبوجود الشاه ، وجيشه ، ومنظومته الأمنية ، وكل أدوات السلطة التي بيده ، فإنه كان أيضا يرى نفسه انه القائد !!..... وهذا هو الفرق الجوهري بين الإمام الخميني وبين الشاه في تلك الأيام .... فالإمام كان يرى نفسه قائداً للشعب الإيراني ، بينما الشاه كان يرى نفسه حاكماً لهذا الشعب !! وبين القائد والحاكم تكمن الفروقات العظيمة ، ولهذا انتصر الإمام ، وحقق انجازاً يُعد من أهم إنجازات القرن المنصرم ...
    وختم قوله " ليس من السهولة أن يتصدى مرجع ديني ، ويقود ثورة على نظام عمره مئات السنين ، ويقود شعباً فيه الكثير من التنوع الثقافي ، والانفتاح ، والعمق التأريخي والحضاري ... وهذه هي عظمة الإمام الخميني ، والتي منها ، وبسببها كانت ثورته عظيمة .... وقد سار على خطاه وواصل مشروعه وأصّل مبادئ الثورة الإمام الخامنئي {دام ظله الوارف} ، واستطاع ان يقود الثورة الاسلامية بعزم وارادة وحكمة ، وأخذ بها الى حيث المكانة الاقليمية الدولية المرموقة ، فأصبحت هذه الثورة قصة نجاح في تأريخ الثورات ، وتركت آثارها ، وبصماتها الواضحة في مسار تأريخنا المعاصر ، وتحولت الى قدوة ، ونموذج يحتذى به في كيفية تحويل التحديات الى فرص ونجاحات متراكمة " .
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media