إدارة اللاوعي الجماعي والجمعي للكائنات البشرية
    الخميس 11 فبراير / شباط 2016 - 05:38
    نبيل عبد الأمير الربيعي
         الخضوع الجماعي لفرد ما يحتاج إلى دراسة التاريخ, كون الفرد لا يخضع لما هو مباشر, وإركاع الجموع واخضاعها تحتاج إلى فهم قوة العقيدة من الناحية الروحية لذلك المجتمع.
          في عراق اليوم والأمس أصبح لبعض الزعماء المقدرة على اخضاع المؤيدين لسياستهم من خلال اللجوء إلى منح الامتيازات للبعض دون الآخر, لذا فإن العطايا والهدايا تعمل على تعزيز الولاء لهؤلاء الزعماء, وهذا ما حصل ابان الحقبة الزمنية الماضية للقائد الضرورة, الذي حكم العراق خلال 35 عاماً في السلطة ولم تعترض عليه أي جهة من أفراد الشعب أو المؤسسات الدينية لا في داخل العراق ولا من قبل دول الجوار, علماً أنه قام بحرب مدمرة استمرت ثمان سنوات تجاوز الموت فيها المليون نسمة من الطرفين, فضلاً عن مذابح الأنفال في كردستان العراق, ولم تتحرك أي من المؤسسات الدينية للدفاع عنهم, ثم هجوم قواته على الجارة الكويت عام 1990م وتحطيم المؤسسات الحكومية لهذه الدولة واعقبها المجازر ضد ابناء الجنوب بعد انتفاضتهم في آذار عام 1991م, لكن بعد الغزو الأمريكي للعراق تحركت ضمائر هذه المؤسسات الدينية رافعة بنادقها ضد أبناء العراق من الوسط والجنوب بدعم من تنظيم القاعدة, ومن ثم تنظيم ما يسمى داعش, والسبب لأن هؤلاء الروافض يجب إبادتهم باسم الدين.
         إن ما يحصل حقيقة أن هناك أيدي لحكومات ومؤسسات تدعم هذا الاقتتال لاستمرار الإبادة الجماعية واخضاع الآخرين لسلطتهم, فكان الهدف هو خدمة التطرف الديني لقاء فوائد لا غنى عنها وهذا ما يطلق عليه بعض الباحثين بـ( الجمهور الممغط).
          إن الصمت للغالبية العظمى من رجال الدين سببه قناعتهم بما يقوم به الحاكم المستبد سابقاً والحاكم المنتخب حالياً من تصرفات شخصية اتجاه شعبه, أو هناك تفسير آخر أن الصمت هو اضعف الإيمان, لكن هؤلاء رجال الدين من سدنة المعبد قد تركوا أبناء بلاد الرافدين يسيطر عليهم الحاكم الظالم سابقاً والمستبدين والفاسدين والسارقين لقوت الشعب بعد عام 2003م دون أن ينطقوا بكلمة واحدة, وحتى وأن نطقوا فليس لهم أذن صاغية من قبل سياسيو الصدفة في عراق اليوم.
          لا ننسى ما يحدث اليوم في العراق من ظاهرة التكفير لفئة من المجتمع أو لديانة ما بسبب الاختلاف في العقيدة, إذ أصبح سلاح التكفير يستخدم بإسراف, وقد سنّ شيوخ التكفير فتاوى تدعو إلى قتل الآخر من خلال استخدام الأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة, فضلاً عن قناعة هؤلاء القتلة من دخولهم الجنة بعملهم هذا, وسيلتقي بحور العين والغلمان, ويشربوا من انهار الخمر والعسل واللبن, هنيئاً لعملكم هذا إذا كان جزاءه الجنة, وأي جنة تضم رفاتكم الممزقة, وأنا أتساءل, هل هناك أساليب يمتلكها شيوخ الإرهاب لها فاعلية في التأثير على اللاوعي الإيماني ودفعه في الاتجاه الذي يريده, لكن سلطة هؤلاء الشيوخ تمكنت من توجيه وإدارة اللاوعي الجماعي والجمعي للكائنات البشرية إلى دعوة الإنسان للانتحار ولقتل أخيه الإنسان على أساس الهوية الدينية والطائفية, وباسم الدفاع عن الإسلام من خلال الأرث الطويل من مفاهيم وعقائد بربرية هي نتاج أمراض الطفولة الإسلامية لمن يعتقد أن من ((فكرّ كفر)) لأن الفكر والكفر يحملان نفس الحروف.
          والباحث فالح مهدي في كتابه (الخضوع السني والإحباط الشيعي) ص243 يتساءل حول سطوة الدولة إذ قال : كيف تمكن أشباه الرجال في ديمقراطيات عريقة من الوصول إلى السلطة وتجديد ولاياتهم إلى فترات عديدة؟ لذلك لا خلاص لهذا البلد دون ترسيخ مفهوم المواطنة والتعليم والثقافة والنسبية وتداول السلطة بشكل نسبي من خلال فهم أفراد المجتمع لمعنى الديمقراطية ومن يقودهم .
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media