المرجعية تعتكف ... فمن لنا في غياب الامام
    الجمعة 12 فبراير / شباط 2016 - 17:15
    د. مؤيد عبد الستار
    اعلنت المرجعية  الدينية الشيعية الصمت وعدم الخوض في السياسة كما كانت تفعل كل يوم جمعة ، وتركت الامر الى الظرف المناسب ، بصيغة اخرى تركت الحبل على الغارب بعد ان كانت طوال سنوات ما بعد التغيير تدلو بدلوها في الاحداث السياسية وتوجه جماهير الشيعة للمشاركة في الانتخابات وتساند ظاهرا و باطنا قوائم احزاب سياسية دينية ساهمت في حصولها على اغلبية برلمانية باصوات المواطنين الجياع الذين كانوا يأملون ان ينالوا بعض ما يشبع جوعهم ويروي ظمأهم للماء الصافي والعيش الكريم .
    ولكن خاب ظن الجماهير الشيعية باحزابهم الدينية السياسية التي مارست النهب والرشوة والغش والتدليس وغاب عن عقلها وجود اله او ضمير  يحاسب المؤمنين على ما يقترفوه من معاصي وذنوب ، واية ذنوب ، فساد في السريرة والعلن ، فساد في المال والحريم ، فساد ونهب لاموال اليتامى والمساكين .
    اهتمت المرجعية طوال السنوات الماضية ، بعد سقوط الطاغية صدام ، بحشد الجماهير المليونية في زيارات ومسيرات مشي مضنية ، زادت الطين بله على رؤوس الفقراء ، الذين تصوروا السعادة في هذا المسير الطويل، واللطم المهين ، فراحوا يضربون صدورهم ويشجون رؤوسهم ، ويجلدون ظهورهم ، عسى ان يبزغ عليهم فجر سعيد وعدهم به رجال الدين  واخبروهم ان مثواهم الجنة اذا ماتوا وان ظلوا احياء فسيظهر الحجة لينشر العدل ويقضي على الطغاة ، وما ان اكتشف الناس ان لا بقية في خزينة الدولة ولا مال الا في جيوب رجال الدين الدجالين ، تنحنح القوم وهبوا يحتجون بخجل ، تارة مع العلمانيين ، وتارة في مواكب اللطم والتطبير ، وشاعت الاهزوجة القاسية التي لا بد وانها طرقت سمع المرجعية ، اهزوجة  : باسم الدين.... باكونه الحرامية .
    صراخ المواطنين المحرومين من السكن والماء والكهرباء والخدمات الصحية ، وشيوع الفقر ، والذل في مراجعة دوائر ومؤسسات السلطة الغاشمة التي استمدت مقوماتها من نذالات رجال البعث ودهاليز اقبية 
    الامن ، والتي انتقلت الى سلطة المنطقة الخضراء ، اصبحت دلالة على عدم وجود اي وازع ديني عند رجال الدين الذين يتمخطرون في وزارات الحكم ، الذي اصبح افسد حكم في العالم ، وقام رجال الدين الاشاوس لاحفظهم الله، بسرقة ما دخل الخزينة من موارد النفط ، وفرطوا بالبلاد فضاعت مدن وقرى وبلدات  دون ان يرف لهم جفن او يطرق لهم جبين خجلا ، فقد باعوا نقطة الحياء التي كانت في جباههم بطرة سوداء وبحفنة من الدولارات يقبضونها من المقاولين ومن العقود الوهمية والرشاوي .
    المرجعية اعتكفت اليوم ، ربما اسفا منها على مشاركتها في السياسة ، فالدجل في السياسة اصبح واضحا وضوح الشمس ، لا يمكن حجبه بغربال التشيع او التدين او الفقه او المقبولية او اللصوصية او اللعب على حبال الدول الاقليمية من قبل قادة الاحزاب الحنقبازية ، فعرف القاصي والداني خسة ونذالة رجال الدين الذين انغمروا في السياسة من اجل النهب والتمتع بالغيد الحسان والغلمان ونهب ما لذ وطاب من خيرات البلاد وترك العباد غرثى يصولون ويجولون في التعازي والحسينيات ، لا يملكون سوى البالي من الاردية السوداء التي تكشف الضر والبؤس علامات على وجوه المساكين و الفقراء .
    ناشد العديد من المواطنين المخلصين المرجعية للتدخل كي تلجم رجال الدين النهمين الى ابتلاع الحرام والحلال ، ولكن خطابات المرجعية كانت نصحا وارشادا لا يغني ولا يسمن من جوع ، وكان الرجاء ان تحث المواطنين على اخذ حقوقهم بايديهم ، تطبيقا لشعار هيهات منا الذلة الذي تصدح به  القيادات الدينية صباح مساء ، ولكن لم تتقدم المرجعية قيد انملة في هذا الطريق ، طريق الحق ، الطريق الذي اختاره الامام الحسين ، كما قال ما خرجت اشرا ولا بطرا ....
    اين هي المرجعية التي تبادر لتخرج وتقود المواطنين الفقراء كي يأخذوا حقوقهم مثلما قدموا ما يملكون من خمس وزكاة رغم ضيق ذات اليد ، لماذا لاتخرج المرجعية لتقودهم الى حيث يسكن السراق في القصور ويرفلون في الحرير والدمقس ويفترشون الطنف المزركشة ويخضمون ما لذ وطاب من طعام ؟
     متى تقود المرجعية المواطنين الفقراء الى المنطقة الخضراء ، وتسير امامهم لتخرج الثعالب اللئيمة من جحورها وتقتص منهم علنا ليكونوا عبرة لمن يعتبر مثلما فعل الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم يوم الرابع عشر من تموز ، فاخرج الطغاة من جحورهم و اقتصت  الجماهير منهم  شر قصاص .
    فهل آن الاوان لان يستبدل الفقراء قادتهم ويختارون من يسير  معهم على خطى الامام الحسين والزعيم   الخالد عبد الكريم قاسم .
    ليس بعيدا اليوم الذي سنسمع فيه كلمة الشعب العراقي الذي لا يصبر على ضيم وسيصدق القول حينذاك :
    هيهات منا الذلة ... هيهات منا الذلة
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media