للحالمين بحكومة من التكنوقراط .....
    الجمعة 12 فبراير / شباط 2016 - 17:30
    أياد السماوي
    رحم الله من قال شر البليّة ما يضحك .. بعد خطاب رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي قال فيه (أدعوا إلى تغيير وزاري جذري ليضمّ شخصيات مهنية وتكنوقراط وأكاديميين) , ذهب خيال بعض السياسيين والكتّاب والإعلاميين , إلى أنّ الإصلاح السياسي الجذري بعد خطاب رئيس الوزراء (حفظه الله ورعاه) قد أصبح أمرا مفروغا منه وواقعا لا محالة , وإنّ السيد رئيس الوزراء سينقلب على نظام المحاصصات ويقلب الطاولة على الكتل السياسية الفاسدة حد النخاع , وسيشّكل حكومة من المهنيين والأكاديميين والتكنوقراط بعد عودته من زيارته لإيطاليا وألمانيا , بل أنّ البعض منهم أخذ يطالب رئيس الوزراء أن يكون هؤلاء المهنيين والأكاديميين من المستقلين غير المنتمين لهذه الكتل والأحزاب السياسية الفاسدة , لا بل الأكثر من ذلك أنّ البعض الساذج بدأ يطرح أسماء شخصيات علمية وأكاديمية ومهنية لتوّلي الوزارات والمناصب العليا في الدولة .

    ولهؤلاء جميعا أقول .. إنّكم لستم سياسيين وكتّاب وإعلاميين محترفين , ولو كنتم محترفون وحاذقون لسألتم أنفسكم من هي الجهة التي يدعوها رئيس الوزراء لإحداث هذا التغيير الوزاري الجوهري ؟ أليس مهمة اختيار الوزراء هي مهمة حصرية محصورة برئيس الوزراء فقط بموجب الفقرة ثانيا من المادة 76 من الدستور ؟ ولو كان رئيس الوزراء مؤمنا حقا بحكومة التكنوقراط ومؤمنا حقا بالإصلاح والتغيير الجذري , لانقلب على هذه الحكومة الفاسدة بعد يوم واحد فقط من دعوة المرجعية الدينية العليا في جمعة اضرب بيد من حديد , عندما كان الشارع العراقي هائجا بالتظاهرات المطالبة بالإصلاح والتغيير السياسي الجذري .

    والفرصة التاريخية التي وفرّتها الجماهير الغاضبة والمرجعية الدينية العليا لإحداث هذا الإصلاح والتغيير المنشود , قد أضاعها حيدر العبادي ولم تعد ممكنة الآن , فالظروف لم تعد ذاتها في شهر آب من العام الماضي حيث حالة الغليان الشعبي , فإقالة أي وزير الآن يجب أن تحظى بموافقة مجلس النوّب بموجب المادة 78 من الدستور العراقي , ومن يعتقد أنّ الأحزاب والكتل السياسية الفاسدة ستوافق على إقالة وزرائها , فعليه بمراجعة نفسه , لكنّ هذه الكتل والأحزاب وأقصد الشيعية منها حصرا , ما كانت لتجرأ أن تقف أو تعارض طوفان الجماهير الغاضبة ودعوة المرجعية الدينية العليا بضرب الفساد بيد من حديد , وحين يطلب رئيس الوزراء من هذه الكتل السياسية الفاسدة بمساعدته على إحداث الإصلاحات والتغيرات , فإنّ هذه الإصلاحات والتغيرات لن تخرج عن الجانب الشكلي الذي يراد منه ذر الرماد في العيون  وبالاتفاق معها , كأن يستبدل وزير فاسد بآخر من كتلته , فمثلا يستبدل زيباري بشاويس والفهداوي بالكربولي وصولاغ بآخر من المجلس الأعلى وهكذا , وربّما سيتم دمج بعض الوزارات لإعطاء انطباع للرأي العام بأنّ التغييرات نوعية وبنيوية , إنّ أخشى ما أخشاه أن يصحى الحالمون بحكومة التكنوقراط , ليكتشفوا أنّ الحكومة التي شكّلها العبادي هي حكومة من التكنوضرا......   .

    أياد السماوي / المنتدى الإعلامي الحر في العراق
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media