تبدو السيميائية بوصفها معرفة قد قطعت اشواطا من العمل الدؤوب وهي تشيد كيانها المعرفي، وعلى الرغم من ان جذور السيمياء تمتد زمنيا الى ماقبل سقراط، حتى اليونان القديمة عندما كانت العلامة مدار بحث وتأمل بين عدد من فلاسفة الحكمة في ذلك الزمان.
بهذا الاستهلال يناقش الباحث الدؤوب د. رسول محمد رسول في كتابه فلسفة العلامة (من جونسانت توماس الى جيل دولوز) الصادر عن دار الشؤون الثقافية العامة ضمن سلسلة فلسفات.
يقول المؤلف في توطئة الكتاب عندما أصبحت العلامة جوهر المعرفة السيميائية، فانها راقت للفلاسفة بان تكون موضوعا لتأملاتهم عبر القرون، لكن تلك التاملات لم تلتحم في سياق معرفي الا في العصور الحديثة، وذلك عندما عمل الفيلسوف واللاهوتي البرتغالي جون سانت توماس (او جون بوانسو) في الثلث الأول من القرن السابع عشر، على اظهار لبناتها الأولى من خلال ابحاثه الفلسفية، وتحديدا المنطقية منها، وهو ماسيتناوله الفصل الثاني في كتابنا هذا وفي الفصل الثالث يتناول المؤلف رؤيا الفيلسوف الإنكليزي جون لوك الى أهمية السيمياء وكانت محاولته تلك فجرا مضاعفا للسيمياء بعد الفجر الذي سار في دروبه جون سانت توماس من قبله، اما في الفصل الرابع فيذكر المؤلف الفيلسوف الألماني جوت فريد فلهلم ليبنتز قد جارا وحاكى صديقه لوك في المسعى الفلسفي لدعم المعرفة السيميائية، حتى ترك الامر الى الفيلسوف الإنكليزي توماس هوبس الذي خاض بدوره في اتون العلامات والمعرفة السيميائية على نحو كشف عن مراس فلسفي تتلاقى فيه اللغة مع الكلام، وهو التلاقي الذي سيتناوله الفصل الخامس.
اما الفصل السادس فيكشف فيه المؤلف عن ماانجزه جون لوك في القرن السابع عشر ومضى به الى نتائج باهرة عندما قعد المعرفة السيميائية على أصول فلسفية رصينة، اما الفصل السابع فيتناول فيه المؤلف رؤية الفيلسوف الألماني ادموند هوسرل باحثا في ماهية العلامات من خلال منهجه الفينومينولوجي، اما في الفصل الثامن فركز المؤلف على ادراك ورصانة عالم اللغويات السويسري فردنان دي سوسير فعمل على استلهامها في محاضرات تم جمعها بعد وفاته، حيث أسس العلاقة بين السيميائيات واللغة، واعتبار اللغة جزءا من علم العلامات الا ان الامر لم يقف عند هذا الحد فقد ادلى الفسلسوف الألماني مارتن هيدغل بدلوه في هذا المجال وهذا ماسيبحثه الفصل التاسع، وفي الفصل العاشر يبحث المؤلف مااستلهمه الفيلسوف الفرنس جاك دريدا الذي نذر حياته لنقد العلامة وتعرية أصولها الميتافيزيقية، وفي الفصل الحادي عشر تحدث المؤلف عن الفيلسوف الفرنس جيل دولوز الذي ولج عالم العلامات من باب القراءة السردية التي كرسها لرائعة مارسيل بروست (البحث عن الزمن المفقود) وفي الفصل الثاني عشر والأخير خصصه المؤلف للنظر في اصل العلامات، ومن ثم معنى العلامة من منظور المؤلف نفسه في كتابنا الذي نعرض له وهو (فلسفة العلامة) .